+ A
A -
حضرت صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، مساء أمس، احتفالية الكشف عن آخر أعمال الفنان الراحل مقبول فدا حسين «سيروا في الأرض» بالمدينة التعليمية.
ويأتي العمل كجزء من أعمال أخرى تجسد رحلة الحضارة الإنسانية عبر تاريخ المنطقة العربية، من ضمنها مجموعة من اللوحات الفنية التي تعكس أسماء الله الحسنى التسعة والتسعين.
حضر الحفل سعادة الشيخة هند بنت حمد آل ثاني، نائب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمؤسسة قطر، وممثلون عن المؤسسات المعنية بالفنون المحلية والدولية، وأفراد من أسرة الفنان الراحل مقبول فدا حسين.
رحل الفنان العالمي قبل الانتهاء من هذا المشروع، فأكملت مؤسسة قطر إبداعاته، واحتضنتها في مبنى بالقرب من مركز الشقب بالمدينة التعليمية، حيث سيتمكن جميع محبّي الفنون من اكتشاف هذا العمل ويرحب بجميع أفراد المجتمع الراغبين بالاطلاع على الخطة الأصلية للفنان الراحل.
قالت السيدة مشاعل النعيمي، رئيس تنمية المجتمع في مؤسسة قطر: «إن مؤسسة قطر ملتزمة بتوفير الفرص لجميع أفراد المجتمع من جميع الأعمار ومختلف الثقافات، والاهتمامات في شتّى أنواع الحياة، من أجل استكشاف الفن والمشاركة أيضًا في تعزيزه».
أضافت:«نحن فخورون بأننا تمكّنا من استكمال مسيرة المشروع الفنّي الفريد من نوعه الذي بدأه الفنان الراحل قبل سنوات عدّة، وذلك بالطريقة التي كان يُخطط لها، ما يعكس إيماننا بأن الفن هو وسيلة متاحة للجميع، تمنحنا فرصة الاكتشاف والمعرفة والتواصل بين الثقافات». وتابعت:«نحن سعداء لأن أفراداً من أسرة الفنان الراحل مقبول فدا حسين متواجدون معنا اليوم؛ لإزاحة الستار عن عملٍ فني لا مثيل له، يضيف البهجة للناس من جميع أنحاء العالم، ويثير فضولهم ويقوّي عزيمتهم على التحدي ويحثهم على التحليل والسؤال، ويوسع مداركهم وتصوراتهم».
من جهتها، قالت نجمة حسين، زوجة ابن الفنان الراحل خلال الاحتفال: أنا فخورة لأنني متواجدة هنا في هذا المشروع الفنيّ الذي يعدّ بمثابة حلم تحوّل إلى واقع، إن الفنان الراحل مقبول فدا حسين سار في الأرض وقدّم لنا دروسًا في هذه الحياة، إنه لأمرٌ مدهش كيف تمكنت أعماله الفنية من تخطّي الكوارث، وكيف علّمتنا قيمة اللغة البصرية التي ينطق بها الفنّ، وأضافت: إذا نظرنا إلى الأشكال والألوان بموضوعية ومن دون تصورات مسبقة، فسيكون العالم مكانا أفضل.
خلال الافتتاح، تعرف الضيوف على قصة العناصر التي يرتكز إليها العمل الفني «سيروا في الأرض»، والتي تشمل أدوات الطيران لعباس بن فرناس، وليوناردو دافنشي، والخيول الزجاجية، والسيارات القديمة، والموسيقى التي اختارها حسين، والفسيفساء العملاقة التي تتميز بها الجياد، في تقدير للإرث المرتبط بالخيل، في قطر، والمنطقة العربية انطلاقًا من نظرة الفنان الراحل للطبيعة. كذلك يسلط العمل الفني الضوء على تطلعات شعوب المنطقة العربية سابقًا من خلال الطبيعة، ومن ثم عبر الآلات، ليعكس بذلك نهضة العالم العربي في عصر التنوير والابتكار والتجارب العلمية قبل النهضة الأوروبية.
يعتبر الفنان الراحل مقبول حسين ركنًا من أركان الفنّ الحديث، وقد اكتسب شهرة دولية من خلال أعماله التي امتدت على مدار ستة عقود، أقيم أول معرض منفرد لحسين في الدوحة بفندق شيراتون عام 1984، كما أقيم معرض آخر له في المتحف الفني الإسلامي قبل عقد. وفي وقت سابق أقيم معرض «عاديات الشمس» في متحف: المتحف العربي للفن الحديث.
وكانت مؤسسة قطر قد قامت صباح أمس بتنظيم جولة إعلامية لوسائل الإعلام المحلية للاطلاع على خاتمة أعمال الفنان القدير مقبول فدا حسين «سيروا في الأرض» في المدينة التعليمية، باعتباره كان الأكثر فرادة بين جُملة أعماله، حيث صمم الفنان الهندي الذي كان يحمل الجنسية القطرية، العمل الفني «سيروا في الأرض»؛ ليكون نموذجًا تركيبيًا فنيًا حركيًا وتجريبيًا.
يعتبر «سيروا في الأرض» جزءًا من مشروعه الفني حول الحضارة العربية، ولم يكن لهذا العمل الفني أن يرى النور لولا دعم صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، بالإضافة إلى سلسلة لوحات فنية للفنان تناولت أسماء الله الحسنى: الرحمن الرحيم. ويروي العمل الفني قصة تطور الحضارة الإنسانية بعيون التاريخ العربي الإسلامي، والكيفية التي سخر فيها سَاكنو المنطقة العربية الطبيعةَ ثم الآلات لتحقيق تطلعاتهم.
أراد مقبول حسين تسليط الضوء على حقيقة أن فضاءات الابتكار والإبداع في العالم العربي سبقت عصر النهضة في أوروبا، ويمكن قراءة ذلك بمعية تفاصيل المعرض الفني مثل: مجسمات التحليق لصاحبيها عباس بن فرناس وليوناردو دفنشي، وتماثيل الخيول الزجاجية، والسيارات القديمة.
فكما هو معلوم، سبقَ مجسم التحليق الذي صنعهُ عباس بن فرناس نموذج دفنشي بعدة قرون، والخيول العربية التي مخرت عباب الصحراء قبل السيارات الحديثة بقرون، وبالحديث عن الخيول نجدُ في خلفية العرض الفني لوحة فسيفسائية هائلة للخيول كتعبيرٍ لحب الفنان لها ولتاريخ قطر في تربية الخيول العربية الأصيلة، دع عنك الموسيقى التي اختارها الفنان بنفسه لترافق العرض المتحرك سمعًا أيضًا.
توفي مقبول حسين بعد أن شرعَ العمل على عرضه بفترة وجيزة؛ فتولت مؤسسة قطر مهمة إكمال المشروع مع الوفاء لكافة تفاصيل التي خلّفها، وتقول ليلى باشا أخصائي أول فنون بمؤسسة قطر في هذا الصدد: بدأ دعم المشروع الفني عام 2009 إلا أن مقبول حسين لم يُكمل إلا جزءًا منه قبل وفاته عام 2011، على الرغم من ذلك كان لدى مؤسسة قطر مجسم صغير للمشروع في حلته النهائية، الأمر الذي مكننا من إكمال المهمة وفقًا لرؤية الفنان. حقيقةً، يحق لنا أن نفتخر بأننا استطعنا إكمال المشروع وفقًا لرؤيته وبهذا كونا أوفياء لإرثه الفني.
وأردفت قائلة: إن الجمهور يستحق أن يرى العمل مكتملًا وعلى الوجه الذي أراده الفنان، ويسعدنا أن نعرض إلى جانب هذا العمل المميز مجموعة خاصة بالفنان من مسوّدات فنية، ورسائل خطها الفنان بيده، يرافقها المجسّم الصغير الذي تحدثت عنه.
عُرضت أعمال الفنان مقبول حسين في عدّة معارض حول العالم، وفي عام 1984 افتتحَ باكورة معارضه في قطر في فندق الشيراتون، ثم تبعه معرض آخر في متحف الفن الإسلامي قبل عقد من الآن، أقام بعدها الفنان في قطر، ورسم أثناء إقامته مجموعة لوحات بعنوان «عاديات الشمس» أُزيل عنها الستار في مستهل هذا العام في المتحف العربي للفن الحديث في المدينة التعليمية.
حيث من المقرر أن يتم العرض مرتين يوميا، اثنتين في الصباح وأخريين في المساء، يتعرف الزوار إلى العمل الفني عبر عدة جلسات مدة كل جلسة منها بين 18 إلى 20 دقيقة.
copy short url   نسخ
12/12/2019
1030