+ A
A -
نادر العضياني
بعد أن تم الانتهاء من عرض الجزأين الأول والثاني من أجزاء الحصة التدريسية كما يقسّمها «مارزانو»، وكذلك بعد أن قمنا بعرض العناصر والمهارات التي يجب على كلِّ معلمٍ يسعى لتطوير خبراته العمل عليها باستمرار وبوعيٍ تام، فإننا في هذا المقال سنتطرق للجزء الأخير، ذلك الجزء المعني «بالأشياء التي ينبغي التركيز عليها».
وحتى تكون الصورة أكثر جلاءً فإننا سنعرض مثالاً يُجسد الفكرة أو يجعلها قريبة من ذهن المتلقي من أجل فهم المعنى المراد إيصاله بهذا الجزء الأخير من تقسيم الحصة، ولكن لابد من الإشارة بأن هذا الجزءَ ليس شرطاً بأن يكون في آخر زمن الحصة، بل الأخير من حيث ترتيب الأجزاء كما أشار لذلك (مارزانو). وعليه فإنَّ العناصرَ الواردة في هذا الجزء ربما تظهر في بداية زمن الحصة وربما في نهايتها، وذلك حسب ما تستدعيه الضرورة، وتفرضه الحاجة.
عندما نقود السيارة فهذا يعني أننا نمتلك كافة المهارات اللازمة للقيادة، ولكن ليس شرطاً أن نستخدم تلك المهارات باستمرار، بل هناك من المهارات مالا نستخدمه إلا عند الحاجة -أي عندما يتم استدعاء تلك المهارة- نتيجة لموقف مـا حدث بشكل طارئ، وهذا الموقف ربما يكون متوقعاً كتصرف أحد السائقين أمامنا بشكل خاطئ، وقد يكون غير متوقع كخللٍ طارئ في السيارة- وجود مشكلة في العجلات- على سبيل المثال.
إنَّ امتلاكَ مهارات تتعلق بالتصرف السريع عند وجود خللٍ في إحدى عجلات السيارة شيء ضروري ومهم - بالرغم من عدم وجود داعٍ لاستخدامها بشكل دائم- وذلك من أجل تلافي مشكلات أكثر تعقيداً بالإمكان تجاوزها من خلال امتلاك بعض المهارات البسيطة، وفي المقابل فإن امتلاك المعلم للمهارات المنبثقة من عناصر الأشياء التي ينبغي التركيز عليها تدل دلالة واضحة على ذكاء المعلم وقدرته على قياس الانعكاس الحادث على التدريس– مدى استجابة الطلبة– لتلقي ومعالجة المعلومات، وهذا الجزء «أشياء ينبغي التركيز عليها» مع الأجزاء التي أوردناها سابقاً «الأجزاء النمطية وأجزاء تتعلق بالمحتوى» تتضمن مهارات عديدة تُشكل معاً ما يُعرف بالقاعدة جيدة الإعداد للتدريس (توني فرونتير- ديفيد ليفنجستون).
هناك بعض الأحداث التي تكون أثناء الحصة نتيجة مواقف تعليمية مُعينة تحدث أحياناً بشكل متوقع وأحيانا بشكل يصعب التنبؤ به وهنا تحديداً لابد أن يحدث استدعاء تلقائي للمهارات التدريسية المتعلقة بالأجزاء التي ينبغي التركيز عليها، والمقصود بأنه ينبغي التركيز عليها أي أنه متى ما تمَّ استدعاؤها فيجب أن تكون حاضرة لدى المعلم لمعالجة أسباب هذا الاستدعاء وإلا فإنّه في المقابل سيحدث التآكل التدريجي في بيئة التعلم وينتزع من الدرس صلاحيته ويقضي على قيمته الحقيقية فيصبح كائناً مبستراً!
إنَّ أوّلَ العناصر التي ينبغي التركيز عليها هو إشراك الطلبة، ولهذا على كل معلمٍ أن يتساءل ماذا يجب علي فعله لإشراك المزيد من الطلبة في الدرس؟ وهذا يُحيلنا أولاً إلى موضوع التخطيط وإلى مهارات متعددة سنتطرق لها لاحقاً، ثم يأتي بعد ذلك العنصر الثاني حيث يجب على كل معلمٍ أنْ يكون لديه توقعات عالية عن كافة طلابه، وإلا فإن التوقعات المتدنية لن ينتج عنها سوى مخرجات متدنية ثم العنصر الثالث حيث يُفترض أن يكون لدى المعلم علاقات فاعلة ومؤثرة مع الطلبة ثم العنصر الرابع الذي يتطلب من المعلم أن يٌعرّف الفصل بمدى ارتباطه أو عدم ارتباطه بالقواعد والإجراءات المتبعة«القوانين الصفية».
إن لهذه العناصر مفعول قوي في زيادة معدلات التعلم، وإكساب الطلاب المزيد من الثقة في ذواتهم وكذلك في دفع المعلم لبذل المزيد لكونها ستضمن له تحقيق النجاحات الصغيرة على صعيد الحصة الواحدة أو الدرس الواحد مما يدفعه للبحث في هذه العناصر وتفعيل القوى الكامنة فيها، ولعلنا بإذن الله في المقالات القادمة نٌفصل بشكل أكبر في كافة العناصر الأربعة التي ذكرناها والتي تتعلق بالأشياء التي ينبغي على كل معلم أن يُركز عليها.
copy short url   نسخ
10/12/2019
422