+ A
A -
الدوحة -قنا- أشادت سعادة السيدة أمينة محمد نائب الأمين العام للأمم المتحدة، بدور دولة قطر وريادتها في التصدي لتحديات ذوي الإعاقة، وذلك خلال كلمتها امس في افتتاح مؤتمر الدوحة الدولي للإعاقة والتنمية والذي يقام تحت عنوان «حتى لا يترك أحد خلف الركب» بمركز قطر الوطني للمؤتمرات.
كما قدمت شكرها لصاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، مؤسس المؤسسة القطرية للعمل الاجتماعي، على جهودها المضنية في تعزيز التعليم حول العالم وضمان ألا يتخلف أحد عن مقاعد الدراسة، مشيدة أيضا بدور مركز الشفلح والخدمات الشاملة التي يقدمها للأشخاص ذوي التحديات الصحية الذهنية.
وقالت سعادتها خلال كلمتها إن في كل بقاع العالم، تتزايد الوصمة الملتصقة بالأشخاص ذوي الإعاقة، وتقترن هذه الوصمة بسوء فهم حقوقهم وقيمة الإسهامات التي يقدمونها لمجتمعاتهم، مؤكدة أن هذا الوضع لا يمكن إقراره، فهو مناف لالتزام الأمم المتحدة الجماعي بتحقيق الكرامة الإنسانية وتعهداتها في ضوء القانون الدولي وضد جهود المنظمة لإدماج الأشخاص ذوي الإعاقة.
وأفادت بأن حل هذه التحديات أمر سهل وذلك لتصحيح هذا الوضع لذا فإن على قادة الحكومات والأعمال والمجتمع المدني والمنظمات المعنية بالأشخاص ذوي الإعاقة والمنظمات الدولية وغيرها من المنظمات السعي من أجل العمل لمواجهة تلك التحديات.
وتابعت أن «إحدى أكثر الوسائل فعالية لتغيير هذه العقلية أن يكون لدينا المزيد والمزيد من الأشخاص ذوي الإعاقة في مكاتبنا وبيننا، يجب أن نكون نحن التغيير الذي نريد».
كما حثت سعادتها الدول على بذل مزيد من الجهود لتحسين البيانات المتعلقة بالأشخاص ذوي الإعاقة للاسترشاد بها في الخطط الوطنية الرامية إلى دمج الأشخاص ذوي الإعاقة مجتمعيا، مشددة على ضرورة أن تكون قضية دمج الأشخاص ذوي الإعاقة ضمن أولويات الميزانيات الوطنية، كما نادت بضرورة تيسير الوصول للأشخاص ذوي الإعاقة باعتبار ذلك شرطا أساسيا مسبقا لدمجهم مجتمعيا، ودعت إلى دعم الأشخاص ذوي الإعاقة في الصراعات والحالات الإنسانية.
وفي ختام كلمتها حثت سعادتها جميع الفاعلين ولاسيما الدول الأطراف الموقعة على اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وشركائها الدوليين على أن يكونوا أكثر طموحا فيما يتعلق بتنفيذ التزاماتها نحو دمج الأشخاص ذوي الإعاقة مجتمعيا.
وشارك في اليوم الأول من مؤتمر الدوحة الدولي للإعاقة والتنمية والذي تنظمه المؤسسة القطرية للعمل الاجتماعي تحت عنوان «حتى لا يترك أحد خلف الركب» على مدار يومي 7و8 ديسمبر بمركز قطر الوطني للمؤتمرات، أكثر ما يزيد على 1500 شخص من صناع القرار والأكاديميين والخبراء المختصين من قطر والعالم.
من جانبها، علقت السيدة آمال المناعي، الرئيس التنفيذي للمؤسسة القطرية للعمل الاجتماعي، على هامش الجلسة الافتتاحية أمس قائلة إن دولة قطر من أكثر البلدان التي تهتم بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، فقد كانت من أوائل الداعمين لاتفاقية الأشخاص ذوي الإعاقة التي وقعت عليها في عام 2008، وكذلك قطر من الدول الداعمة لأهداف التنمية المستدامة 2030.
واعتبرت أن تنظيم هذا المؤتمر يأتي استكمالا لمسيرة قطر في دعم حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في قطر وجميع أنحاء العالم، موضحة أن المؤتمر يسعى إلى صنع فارق إيجابي وأثر مستدام في حياة ما يقارب المليار ونصف المليار من الأشخاص ذوي الإعاقة أي ما يقدر بحوالي 15 % من سكان العالم، وذلك عبر إحداث تغيير جذري في خطط التنمية والتشريعات والقوانين بما يصب في صالحهم.
وأضافت المناعي أن المؤتمر يمثل منصة عالمية لحشد التأييد الدولي لهذه القضية وتوفير خدمات تعليمية وصحية وفرص عمل مناسبة للأشخاص ذوي الإعاقة تصون كرامتهم وتحترم مكانتهم.
وشهد اليوم الأول من المؤتمر انعقاد جلسة عامة وجلستين رئيسيتين وأربع جلسات موازية. وتناولت الجلسات ضرورة الالتزام السياسي للدول بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة من خلال دفع القادة العالميين لإطلاق تعهدات عالية المستوى تلزمهم بدعم حقوقهم.
كما ناقشت الجلسات آلية فتح مسارات للعمل يمكنها أن تربط بين اتفاقية الأمم المتحدة للأشخاص ذوي الإعاقة وأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة وتحقيق الاستفادة القصوى من الاتفاقيات الأممية.
وركزت الجلسة العامة على ضرورة تحقيق المساواة الشاملة للجميع، بينما تناولت الجلسات الأخرى سياسات التعليم وسياسات التوظيف وضرورة مراعاتها لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، إلى جانب مناقشة موضوع توفير الرعاية الصحية والرفاه العام والرعاية الصحية الإنجابية والبيانات والبحوث في سياق الإعاقة.
وتجسيدا لمقولة «لا غنى عنا فيما يخصنا» التي يتبناها المؤتمر كأحد شعاراته، قدم فعاليات المؤتمر اثنان من الأشخاص ذوي الإعاقة وهما محمد الفهيدة وفيصل الكوهجي.
كما ألقى مؤتمر الدوحة الدولي للإعاقة والتنمية الضوء على عدد من قصص النجاح الشخصية لأشخاص من ذوي الإعاقة من داخل وخارج قطر، وقد رويت هذه القصص على لسان أبطالها لتؤكد على قدرة الأشخاص ذوي الإعاقة على التفوق والنجاح واستحقاقهم للحصول على المساواة الكاملة في كافة المجالات أسوة بغيرهم، وهي القناعة التي يؤمن بها المؤتمر ويهدف إلى نشرها وترسيخها.
وكانت من أبرز نماذج الأشخاص ذوي الإعاقة التي شاركت في المؤتمر خلود المري التي سردت قصة نجاحها في التعليم، وكيف تغلبت على جميع العقبات التي واجهتها برغم فقدانها للبصر منذ ولادتها حتى استطاعت الحصول على درجة الماجستير والحصول على عمل والتقدم حاليا لنيل درجة الدكتوراه.
هذا إلى جانب إدوارد ندوبو، الذي قيل عنه إنه سيموت قبل أن يصل الخامسة من عمره، إلا أنه تحدى الواقع وأصبح واحدا من أكثر الشباب تأثيرا على مستوى العالم وواحدا من سفراء الأمم المتحدة الداعمين لأهداف التنمية المستدامة، وكذلك منيبة مزاري التي يسمونها المرأة الحديدية في بلادها باكستان بسبب كثرة المعادن في جسمها لتثبيت عظامها، وهي الآن رسامة ومغنية وناشطة حقوقية وواحدة من أكثر المتحدثين إلهاما في العالم.
ويصاحب المؤتمر معرض يهدف إلى إظهار المبادرات المحلية والمشروعات والتقنيات المساعدة التي تدعم التطورات الشاملة للأشخاص ذوي الإعاقة، حيث يخصص مساحة للجهات المحلية المشاركة لاستعراض مبادراتها الخاصة في هذا المجال.
وتشمل هذه الجهات الخطوط الجوية القطرية، ومركز مدى للتكنولوجيا المساعدة، وإكسون موبيل، ومركز الشفلح، ومركز النور للمكفوفين، واللجنة العليا للمشاريع والإرث، والحي الثقافي «‏كتارا»‏، وواحة العلوم والتكنولوجيا، والهيئة العامة للسياحة القطرية، ووزارة البلدية والبيئة.
كما يقدم المعرض عددا من الفيديوهات والعديد من لوحات البورتريه التي تحيط بالمعرض على شكل ممر دائري، وتعرض هذه اللوحات صورا مصحوبة بتعريف شامل وموجز لشخصيات محلية وإقليمية ودولية من الأشخاص ذوي الإعاقة ممن تركوا بصمة واضحة في مجتمعاتهم أو حفروا أسماءهم في تاريخ البشرية للتذكير مجددا على قدراتهم وإسهاماتهم البارزة.
وينتظر المعنيون بمجال مناصرة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة حول العالم غدا إطلاق «إعلان الدوحة» الذي سيكون ثمرة هذا المؤتمر وتتويجا لأعماله التحضيرية التي دامت شهورا طويلة.
ويأمل القائمون على المؤتمر أن يكون هذا الإعلان خريطة طريق تسترشد بها الحكومات لتعزيز حقوق أبنائها من الأشخاص ذوي الإعاقة، حيث يهدف بشكل رئيسي إلى وضع الخطوط العريضة لمنهج عملي يربط بين استراتيجيات أهداف التنمية المستدامة واتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص من ذوي الإعاقة لإقناع الحكومات بأن التغيير من خلال الجمع بين الشقين الحقوقي والتنموي ليس ضربا من التمني، بل هو أمر ممكن وقابل للتحقيق.
وحققت دولة قطر تقدما ملحوظا في مجال مناصرة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وإدماجهم باعتبارها أولوية ملحة. ويتضح ذلك جليا عند المقارنة بين استراتيجية قطر للتنمية الوطنية (2018-2022) باستراتيجيتها الأولى (2011-2016)، حيث تراعي الاستراتيجية الثانية بشكل لافت إدماج الأشخاص ذوي الإعاقة مجتمعيا.
ويعكس هذا التوجه الاستراتيجي الجديد إيمان المخططين وصناع السياسات ودوائر القرار القطرية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، والتطور النوعي في السياسة الوطنية بما يتواءم بامتياز مع اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ويستلهم روحها.
كما تنص قطر في دستورها وقوانينها الوطنية ورؤية قطر 2030 على حماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وتوفير احتياجاتهم والدعم المناسب لأسرهم والمجتمع باعتبارها وسائل لتحقيق المساواة والعدل بين أفراد المجتمع القطري، وليست مجرد خدمات تؤدى لهم.
يشار إلى أن إقامة مؤتمر الدوحة الدولي للإعاقة والتنمية يتزامن مع مرور عشرين عاما على إنشاء مركز الشفلح الذي أسسته صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر بهدف خدمة ودعم الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية والتوحد الذين لا تتجاوز أعمارهم 21 سنة والتوعية المجتمعية بقضاياهم وحقوقهم في سبيل حصولهم على حياة أكثر استقلالية.حث الدول على بذل مزيد من الجهود لتحسين البيانات المتعلقة بهؤلاء الأشخاص
copy short url   نسخ
08/12/2019
354