+ A
A -
الدوحة - الوطن الرياضي
خرج منتخبنا الوطني من الدور قبل النهائي من بطولة كأس الخليج 24 بخسارته أمام المنتخب السعودي بهدف دون رد، جاء من خطأ دفاعي فردي أحدث الفارق ومنح المنتخب السعودي بطاقة التأهل، وكان الخطأ الوحيد الذي ارتكبه منتخبنا في هذه المواجهة الحاسمة التي لم تكن تقبل بارتكاب مثل ذلك الخطأ الذي ارتكبه حارس المرمى الذي تردد في الخروج للتعامل مع الكرة، قبل ان يتخد القرار الخاطئ وكان قرارا خاطئا وحاسما يضاف إلى كثير من القرارات الخاطئة التي اتخذها اللاعبون وخاصة المهاجمين أمام المرمى السعودي في مرحلة إنهاء الهجمات التي لم يكتب لها ان تنتهي بالشكل المطلوب الذي يغطي عن ذلك الخطأ الدفاعي.
والحقيقة ان تلك القرارات الخاطئة ينبغي ألا تنسينا كثيرا من القرارات الصحيحة التي اتخذها حارس المرمى وزملاؤه اللاعبون في كثير من المباريات، والتي أدخلت على قلوبنا الفرحة وعلينا السعادة، واليوم يحزم منتخبنا الوطني حقائبه لمغادرة البطولة تاركا في قلوبنا لوعة حارة؛ لأنه قدم فيها الكثير مما يشفع له بالاستمرار والذهاب على دربها لأبعد محطة والصعود على أعلى درجات منصة تتويجها.
ثقل التفاصيل الدقيقة
عندما يخرج مدرب المنتخب السعودي الفرنسي هرفي رونار على الإعلاميين في المؤتمر الصحفي الذي تلا المباراة ليعترف وهو مرهق متعب منهك، وفي حالة سعادة هيستيرية ليعترف ان فريقه فاز على منتخب متميز، فإننا نرى مدى حجم المعاناة التي عاشها الرجل الفرنسي وفريقه طيلة ما يزيد على تسعين دقيقة، كانت تساوي 90 عاما من المعاناة التي خرج منها سليما معافى، بعد ان اجتاز كل العقبات والعراقيل التي وضعها امامه منتخبنا ليخرج فائزا؛ لفضل تسهيل منتخبنا لمهمته اكثر مما خرج فائزا بما قدمه فريقه، ولكن تلك أحكام كرة القدم التي تتوقف على تفاصيل دقيقة في منتهى الدقة تحسم نتيجة مباراة هامة في دور يخرج فيه المغلوب حتى عندما يكون أفضل من منافسه.
وعندما نتحدث عن التفاصيل الدقيقة فإن القصد من وراء ذلك ليس طرحا للاستهلاك الجماهيري، انما لكشف مدى قسوة التفاصيل والحظ الذي سلطتهما كرة القدم على منتخبنا..
الدقيقة الأولى بعد نهاية الساعة الأولى من زمن المواجهة تشهد توجيه كرة على الجانب الداخلي من القائم دون ان تتجاوز خط المرمى، وعندما تصطدم بكتف حارس المرمى السعودي فإنها لا تتجاوز خط المرمى مرة أخرى وتعود للملعب وينفد المنتخب السعودي بجلده من هدف مؤكد..ولا يكفي ذلك بل الحظ يتعاطف مرة أخرى من هذا الأخير الذي يحرز هدف الفوز الحاسم من فرصة معدومة، ومن كرة طائشة لم يكن حارس المرمى وهو الأفضل في قارة آسيا في التعامل معها بخروج غير موفق، تلك هي التفاصيل الدقيقة التي قالت كلمتها من جانب واحد كان فيه الجانب الأفضل في حاجة لها لتقف إلى جانبه، والتي يعنيها المدربون عندما يقولون ان التفاصيل الدقيقة هي التي تحسم مواجهات تاريخية.
ثمن باهظ.. لعيب وحيد
تعتبر كرة القدم من المجالات التي يظهر فيها أحيانا الظلم والغش، وتغيب عنها العدالة وهي كغيرها من الأنشطة التي يكاريها الإنسان والتي يعتبر فيها هذا الأخير العنصر الأساسي، وفي هذه المباراة تنكرت لمنتخبنا الوطني ولم تدر له ظهرها فحسب وانما وقفت مع منافسه على الرغم م كل ما قدمه لها...حقق نسبة استحواذ على الكرة اعلى من النسبة التي حققها المنتخب السعودي وتسيد مجريات اللعب وكان طيلة الشوطين صاحب المبادرة الهجومية انطلاقا م أسلوب لعبه الهجومي المفتوح وصنع عددا كبيرا من المحاولات الهجومية والفرص الثمينة، ولكن عيبه الوحيد تمثل في عدم انهائها بالشكل المطلوب لجعل الكرة تتجاوز خط المرمى، وهذا العيب دفع منتخبنا الوطني ثمنا باهظا له.
أربعة لاعبين خارج النص والموضوع
ما تعرضنا له من إيجابيات في أداء منتخبنا ينبغي ان يصرف عنا ضرورة التعرض للسلبيات والنقائص التي طفت على سطح الأداء وأبرزها ان ما لا يقل عن 4 لاعبين كانوا خارج النص والموضوع وخارج المباراة وهم حارس المرمى الشيب قائد الفريق الهيدوس والظهير الأيمن بيدرو ولاعب الارتكاز في الوسط سالم الهاجري وبدرجة اقل خوخي بوعلام وأكرم عفيف ويضاف اليهم البدلاء مونتاري واسماعيل محمد، مما يعني ان عددا كبيرا من اللاعبين لعبوا دون مستواهم المعهود وقدموا من العطاء اقل مما قدموه في سابق المباريات، واقل مما كنا ننتظر منهم ولا بعيدا عن تحميلهم المسؤولية وتوجيه أصابع الخسارة اليهم، نود الإشارة إلى انهم كلهم من فريق السد وربما يكون من الإرهاق البدني والمعنوي بفعل الاستحقاقات والمسؤوليات الكثيرة التي تحملوا أعباءها في السنتين السابقتين مع فريقهم ومع المنتخب الوطني، وفي ذلك مبرر كاف لخلع المسؤولية عنهم، ولكن ذلك لا يمنع من القول ان منتخبنا لعب منقوصا من 4 لاعبين، وهو ما زاد من سهولة مهمة المنتخب السعودي دون ادخال بوعلام وعفيف ومونتاري وإسماعيل محمد في تلك الحسبة.
وفي مقابل عدم ظهور هؤلاء بالمستوى المعهود والمطلوب، فانه لا بد من الإشارة والتنويه بالمستوى المتميز الذي قدمه البعض من زملائهم الذين استحقوا الإشادة بحملهم الجزء الأكبر من أعباء الأداء وهم وبشكل خاص جدا عبد الكريم حسن والمعز علي وكريم بوضياف.
سيناريو مكرر
في الخطأ القاتل
تعتبر مباراة السعودية بخسارتها سيناريو مكررا لمباراة العراق بخسارتها ذلك ان الخسارتين لم تكونا متوقعتين وانهما حدثا في الأساس بسبب خطأ دفاعي وفردي، ارتكبه حارس المرمى، اتخاذ القرار المناسب في التعامل مع الكرة من حيث التوقيت المناسب، وتتجلى أوجه التشابه في السيناريو المكرر بالمباراتين في السيطرة الكبيرة التي حققها منختبنا على مجريات اللعب ميدانيا وهجوميا، دون ان يتمكن من ترجيح كفته على الرغم من الفرص الثمينة الكثيرة التي لاحت له، وزد على ذلك ان المباراة الأولى عانده القائم مرتين بالتصدي للكرة وفي المباراة الثانية عانده مرة في تصديه للكرة ومنعها من تجاوز الخط.
استراتيجية الاستدراج والانتظار
اذا شئنا ان نلقي الضوء على خسارة منتخبنا فإننا لا نجد اسبابها فقط فيما تم العرض لها فيما سبق من السطور والفقرات، وأيضا في أداء المنتخب السعودي والفكر الذي بنى فيه المدرب استراتيجيته، والحقيقة ان الاستراتيجية التي اتبعها مدرب المنتخب السعودي كانت بسيطة جدا، ولكنها فاعلة ومؤثرة وهي التي اتبعها مدرب المنتخب العراقي كاتانيتش في مباراة فريقه أمام منتخبنا، والتي حصد بها الفوز وهي استراتيجية دفاعية بامتياز مبنية على انتظار المنافس في مناطقه دون ترك أي مساحات له للمناورة فيها، وترك الكرة والاستحواذ له وبالتالي استدراجه للتقدم وتصيد اخطائه واستثمارها في هجمات نوعية تكون قليلة العدد وعالية الخطورة، وهذا ما فعله كاتانيتش وهرفي رونلر ومنتخباهما أمام منتخبنا وحققا الفوز وفي المباراتين تلقى كل منهما هدية من خطأ في حراسة المرمى، واستبسل دفاعما في احباط الفرص الثمينة التي لاحت لمنتخبنا الوطني..تلك هي كل الحكاية العراقية والسعودية وما صاحبها من تفاصيل بسيطة وقاسية دفع منتخبنا ثمنها باهظا.
copy short url   نسخ
07/12/2019
1083