+ A
A -
سليمان قبيلات كاتب أردني
يتهكم قدماء الفلاحين في بلاد الشام كثيرا في تشبيهاتهم التي تنم عن غنى الموروث الريفي من القول واختزالاته. فيشبّهون الشخص فاقع السمعة السيئة بالثور الأبرق، وهو لون فيه حمرة قانية ممزوجة بصفرة، ولذا فهو دائما ظاهر للعيان ولا يمكن التستر عليه.
إسقاط هذا اللون للثور على الشخص سيئ السمعة، يعني انه يمثل حالة نشاز لا يمكن مواراتها مهما حاول المرء اخفاءها.
ومن طريف الصدف ان هؤلاء الاشخاص تهيأت لهم ظروف في الوطن العربي، حتى باتوا لا يدارون سوءاتهم التي بها يفاخرون. فصفات العمالة للعدو الصهيوني لم تعد مشكلة ولا تشكل داعيا للتخفي والاستتار. حتى ان هذه الثيران البرقاء صارت لها مكانة تحصنها وتجعلها فوق الحساب أو حتى الشبهات. بات هؤلاء اليوم هم من يصيغ المشهد بأدوات استخدمها الغزاة على مر التاريخ. فهم محصّنون بالمال ليقوموا بأدوارهم القذرة.
ثور أبرق فاقع السمعة يصعد مؤخرا الطائرة من دولة أجنبية عائدا إلى عاصمة عربية، فيجلس إلى جانب عربي ينتمي لفئة من البشر لا تستطيع احتمال سفر يستغرق نحو ست ساعات إلى جانب ثور أبرق موسوم بالعمالة ولعب الأدوار القذرة في أكثر من ملف. ينظر هذا العربي إلى وجه الثور الأبرق الذي بدا له وكأنه يعرفه ثم بادره بالكلام: يهيأ لي أني أعرفك، هل ممكن أن تعرفني بنفسك ؟ أجاب الثور الأبرق بلا تردد. نعم؛ انا فلان..
صمت العربي لحظة، ثم سأل بحِدّة: ألست أنت الذي تعهدت لإسرائيل بتصفية ياسر عرفات؟؟! ألست أنت الذي تعهدت لـلعدو وأميركا بتصفية «حماس» في غزة؟؟! ألست أنت عميل (إسرائيل) الأهم في المنطقة وربيب أميركا؟! ألست أنت من أغدقت عليك (إسرائيل) وأميركا الأموال لتنفذ لهم ما يأمرونك بتنفيذه من خطط ؟! أنت عميل وخائن ولا يشرفني الجلوس بجانبك.
قام العربي من مقعده وجلس في مقعد آخر بعيدا عن الثور الأبرق.
يعلق العربي بالقول: تركت ذلك الشخص ووجهه ممتقع ولم يرد عليّ بكلمة. فمن شهد واستمع من ركاب الطائرة لما قلت، فقد أثنى على ثورتي على الثور الأبرق..
العربي ختم سائلا الثور الأبرق، وهو ينظر إلى حذائه الثمين: دم كم شهيد كلف هذا الحذاء..؟ يعرف العميل معرفة اليقين صورته في أعين الناس، لأنه أصلا يعرفها ويزدريها، لكنه يوطئها على التعايش مع الهوان الذي يصبح هو ذاته بمضي الوقت. يجد مسوغات ومبررات تصل احيانا إلى إشهارها على الملأ.
لا يلتفت العميل إلى التاريخ ولا يقيم أي اعتبار لما أو لمن يقف في وجه مصالحه الصغيرة، التي ينفذها خدمة للعدو بأدوات ولسان عربي. فهو عادة ما يكثر من اللغو في القيم والمبادئ. ولا يلتفت العميل إلى مستوى الأذى الذي يسببه للأمة .
copy short url   نسخ
23/11/2019
1613