+ A
A -
مرت حتى الآن 111 عاما منذ أول تعداد لسكان دولة قطر، أو بعبارة أصح أول تقدير لسكان الدولة، كان ذلك مع الرحالة البريطاني والمؤرخ جون غوردون لوريمر في كتابه «دليل الخليج»، لتتطور مسيرة التعدادات والإحصاءات في الدولة التي خطفت راية الريادة في هذا المجال، وفقا لاختيار اللجنة الإحصائية في الأمم المتحدة عام 2016.
وقد أجرت دولة قطر أول مسح للسكان بالعينة عام 1970، وكان دافع ذلك النمو السريع الذي شهدته البلاد الذي تطلب إحصاءات دقيقة لرفد الخطط التنموية، تلاه في أكتوبر 1981 إجراء أول بحث تحت مسمى بحث الخصائص الاجتماعية والاقتصادية بالعينة، ومن أهم نتائجه كان وضع تقديرات لسكان الدولة، لتكون الدولة في 16 مارس 1986 على موعد مع أول تعداد شامل للمباني والوحدات السكنية والأسر والمنشآت، وتعتبر هذه العملية من أكبر العمليات الإحصائية التي قام بها الجهاز المركزي للإحصاء (تأسس 1980) وصدرت نتائجه بمجلدين الأول يحوي نتائج تعداد المباني والوحدات السكنية والأسر والآخر يحوي نتائج تعداد المنشآت.
وفي ضوء العملية التنموية المتسارعة التي شهدتها قطر في تسعينيات القرن الماضي، استمرت المنظومة الإحصائية بالعمل والتطور لمواكبة هذا النمو، لتجري دولة قطر في العام 1993 ثاني تعداد شامل للمنشآت، أعقبه في 16 مارس من العام 1997 ثاني تعداد شامل للمباني والوحدات السكنية والأسر والأفراد والمنشآت، فيما أجرى التعداد الشامل في نسخته الثالثة في 16 مارس من العام 2004. وفي 20 أبريل من العام 2010، أجري رابع تعداد شامل للمباني والوحدات السكنية والأسر والأفراد والمنشآت، والذي حقق العديد من الأغراض، ثم تلاه في العام 2015 خامس تعداد في الدولة هو التعداد المبسط للسكان والمساكن والمنشآت 2015، واكتسب هذان التعدادان أهمية كبيرة إذ تستخدم نتائجهما في وضع الخطط التنفيذية لاستراتيجيات التنمية الوطنية 2011-2016، والخطة الثانية 2018-2022 والتي من شأنهما العمل على تحقيق رؤية قطر الوطنية 2030.
وقد وفرت نتائج التعدادات السابقة أطر المعاينة اللازمة لتنفيذ المسوح الأسرية والمسوح الاقتصادية كمسح القوى العاملة ودخل الأسرة والمسح الاقتصادي السنوي، ووفرت هذه التعدادات كذلك بيانات تفصيلية عن الأفراد والأسر والمؤسسات التي أسهمت بدرجة كبيرة في تطوير الخطط التنموية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، وذلك لزيادة فرص التعليم وتوفير خدمات الرعاية الصحية وتحسين البنية التحتية ورفع المستوى المعيشي للمواطنين والمقيمين.
وفي يوليو من هذا العام دشنت دولة قطر التعداد العام والشامل للسكان والمساكن والمنشآت «تعداد قطر 2020»، في نسخته السادسة والذي استغرق التحضير له أكثر من عامين، وشهد هذا الشهر انطلاق المرحلة الأولى منه بمشاركة نحو 400 من الباحثين الميدانيين والمشرفين، لتجري المرحلة الثانية من العمل الميداني في مارس المقبل ومن المنتظر أن يساهم تعداد قطر 2020 في دعم خطط التنمية الوطنية.
ويشير القانون رقم (2) لسنة 2011 وتعديلاته بشأن الإحصاءات الرسمية، في المادة (2) منه على أن «يجرى التعداد العام للسكان مرة كل عشر سنوات على الأقل وكلما دعت الحاجة إلى ذلك بناء على قرار من مجلس الوزراء»، وقد وافق مجلس الوزراء الموقر في اجتماعه العادي رقم (18) لعام 2017 على إجراء التعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت 2020.
ويعكس الاهتمام بالإحصاءات والتعدادات إيمان الدولة بأهمية البيانات والأرقام الإحصائية الدقيقة لتحديد استراتيجيات خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية ووضع برامج تنفيذها المستقبلية واتخاذ القرارات السليمة، وتزداد هذه الأهمية في مسيرة دولة قطر نحو تحقيق رؤيتها الوطنية 2030 لبناء اقتصاد مستدام لتحتل موقعها في مصاف الدول المتقدمة.
وتغطي شمولية العمل الإحصائي مختلف الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية، حيث تساهم البيانات والمؤشرات الإحصائية في إعطاء صورة رقمية لكل ظاهرة من ظواهر المجتمع، الأمر الذي يساعد على تحديد صحيح لمسارات عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
ويعد التعداد العملية الإحصائية الوحيدة التي تجرى بالحصر الشامل، وهو عبارة عن صورة فوتوغرافية متكاملة عن المجتمع خلال لحظة زمنية محددة في إطار المتغيرات الكثيرة والمتعددة والمستمرة، والتي لا يمكن بطرق جمع البيانات الأخرى تحديدها، مما يوفر قاعدة من البيانات الملائمة لإجراء المقارنات والإسقاطات للبيانات الديموغرافية، وعليه يتم الاعتماد في بناء قاعدة رئيسية لإحصاءات السكان، والمساكن، والمنشآت.
وتستخدم نتائج التعدادات وبشكل مباشر في تعزيز الخدمات الأساسية للمواطن والمقيم، فهو يساعد وبشكل أساسي في تحديد الأماكن التي يجب أن تقام فيها المدارس وتشيد فيها المنشآت الصحية وإنشاء الحدائق العامة وتخطيط وتنفيذ الشوارع، إضافة إلى تحديد مواقع الخدمات من قبيل محال البيع بالتجزئة والاتصالات وغيرها من الخدمات، إلى جانب الاستخدامات الكثيرة الأخرى، ويكفي أن هذه البيانات أساسية وجوهرية لضمان نجاح الدولة نحو الاقتصاد القائم على المعرفة، والحفاظ على الرفاه الاقتصادي والاجتماعي الذي تنعم به قطر.
وتضع دولة قطر اليوم لبنة جديدة في صرح البناء والتنمية، إذ يعد مشروع التعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت 2020 مشروعا وطنيا استراتيجيا والدولة تسير نحو غايات رؤيتها الوطنية 2030، والتي تتطلب بيانات وإحصاءات شاملة ودقيقة لضمان نجاعة ونجاح كافة الاستراتيجيات القطاعية في سبيل تحقيق تلك الرؤية.
ويسعى جهاز التخطيط والإحصاء إلى تحقيق غاية مثلى من هذا التعداد، تتمثل في تكوين سجل مركزي لبيانات السكان والمساكن والمنشآت، ذي جودة عالية وتغطية أشمل ومتصل بنظام للتحديث المستمر لتلك البيانات بشكل آنٍ، وعليه يراهن الجهاز في تنفيذ تعدادات إلكترونية شاملة في الدولة وتقليص العمل الميداني إلى حد كبير مما يوفر الوقت والجهد والمال، ويجعل من قطر دولة رائدة على هذا الصعيد.
وفي نقلة نوعية لمسيرة التعدادات في قطر، سيتم تنفيذ تعداد 2020 بالاعتماد بشكل أساسي على السجلات الإدارية لمختلف الجهات الحكومية بالدولة والتي تمثل الجهات المصدرية لبيانات التعداد، وهو ما يتماشى مع التنمية الإحصائية الدولية التي تحث البلدان على استخدام السجلات الإدارية في العمليات الإحصائية، وإنتاج المؤشرات والبيانات الإحصائية بصفة آنية.
وأكد جهاز الإحصاء في أكثر من مناسبة أن النزول الميداني للباحثين والتي بدأت في 11 نوفمبر الجاري هدفه التأكد من تلك البيانات المتوفرة في السجلات الإدارية، واستكمال بعض النواقص، مهيبا بالمواطنين والمقيمين التعاون التام مع هؤلاء الباحثين خلال زيارتهم للمساكن والمنشآت لاستيفاء بعض البيانات البسيطة.
ويشدد الجهاز على أن جميع البيانات التي سيتم جمعها أثناء التعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت 2020 هي لأغراض إحصائية فقط، وإن نشر البيانات والمعلومات سيكون ممثلا بجداول إحصائية إجمالية، أما المعلومات الفردية فستبقى سرية استنادا لقانون الإحصاءات العامة لسنة 2011.
copy short url   نسخ
22/11/2019
6288