+ A
A -
باريس - الوطن - قنا
شارك سعادة السيد صلاح بن غانم العلي وزير الثقافة والرياضة، أمس، في فعاليات المنتدى التشاوري لوزراء الثقافة المنعقد ضمن جلسات المؤتمر العام للدورة الأربعين لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو» تحت عنوان: «الثقافة والسياسات العامة من أجل التنمية المستدامة» بالعاصمة الفرنسية باريس.
وقدم سعادته مداخلة نوه فيها بدور «اليونسكو» في بناء السلام في العالم من خلال التربية والثقافة والعلوم، مؤكدا على ضرورة تطوير العمل المشترك في إطار المصارحة بشأن الوضع الذي يعيشه العالم من تنامي النزاعات والحروب وتراجع الحريات وخاصة في المجال الإعلامي.
ودعا إلى الإنصات للشباب الذي سبق بأفعاله النخب المثقفة في عالم يتغير، مشددا على دور التعليم في نشر الفكر النقدي وقيم الحرية والعدل والعلم والعمل، لافتا في الوقت ذاته إلى أن الشعوب تحتاج إلى الثقافة حاجتها إلى الحوار وقبول الاختلاف لتعزيز هوياتها، لأن تحقيق الأمن مشروط دائما باحترام الثقافات والهويات. كما أكد على ضرورة تحقيق الأهداف الكبرى لضمان أمن الإنسانية بواسطة الثقافة والتربية والعلوم وأهمية مراجعة المفاهيم قبل كل شيء.
وقال سعادة الوزير في كلمته: لقد سعت اليونسكو منذ أكثر من سبعين عاماً لبناء السّلام في العالم من خلال التربية والثقافة والعلوم، وتعاقبت الأجيال من أجل تحقيق الأهداف السامية التي سطرها الآباء الأوائل لليونسكو، ولكنّنا اليوم نقف أمام واقع عالمي يدفعنا لأن نكون صرحاء أكثر. منذ العام 2012، قفز معدّل نشوب النزاع العالمي، وفي العام 2016 تم تسجيل اثنا عشر حرباً أهلية، وهو العدد الأعلى منذ الحرب العالمية الثانية، أما الآن فهناك أكثرَ من أربعين نزاعاً دائراً حول العالم، وقد أدت النزاعات المستمرة إلى أن يتجاوز عدد النازحين حول العالم سبعين مليوناً، وهو أكبر عدد منذ سبعين عاماً.
إن تقدم الإنسانية وشيوع مبدأ الحريات لم يحدَّ للأسف من انتهاك الحقّ في التعبير وفي المعلومة والاعتداء على الصحفيين والمبدعين والفنانين في مناطق النزاع وفي غير مناطق النزاع مع استمرار الإفلات من العقاب. نُقر بأننا ما زلنا بعيدين عن تحقيق الأهداف الكبرى لضمان أمن الإنسانية بواسطة الثقافة والتربية والعلوم، وأنّنا نـحتاجُ إلى مراجعة مفاهيمنا وأدواتنا قبل كلّ شيء كيْ نستطيع مواجهة التحديات الراهنة،
فالعالم يتغيّر، ولكن هلْ غيّرنا مفاهيمنا الأساسية التي تُعدُّ بمثابة المفاتيح لأزماتنا المتكرّرة؟
لقد أصبحت دعواتنا للسلام والأمن والإخاء الإنساني وحوار الحضارات واحترام الهويات، كلها مجرّدُ شعارات بالنسبة لهذه الأجيال الجديدة، وهذا ما يطرحُ علينا سؤالاً بسيطاً وخطيرًا في الآن نفسه: بماذا نعد الأجيال القادمة؟ وكيفَ نوفّر للإنسانية الرخاء والأمن والسلام في وقت واحد؟
لننصت إلى الجيل الجديد في كل مكان من العالم، فهو يحتاج أن يُقاد العالم بأدواته، ولنتساءل بصراحة عن أسباب لا مبالاته بمشاريع إنمائية كثيرة.. إننا دعاةُ الأمل، فلنقترب من الشّباب من خلال تعزيز أسس القيم المتصلة بالكرامة واحترام الآخر، وتعزيز العلم بما هو اكتشاف مستمر، وإعلاء قيمة الوقت من أجل المستقبل، والإقبال على العمل لتطوير الحضارة الإنسانية.
وإذا كنا ننادي بتفاعل الثقافات، فإنه بات مُلحاً اليوم أن نؤكد على ضرورة ربط الثقافات بموضوع الهوية، ففي ذلك حماية للشعوب من التطرف والتمييز حين يؤمن الجميع بحق كل هوية في الوجود والتعبير عن ذاتها في ظل الاحترام المتبادل.
لِنُذّكِّر دائماً بأن استقرار الشعوب وأمنها لا يتحقق فحسب بتعزيز قدراتها الاقتصادية أو العسكرية، وإنما يتطلب تعزيزاً لهويتها الثقافية.
إننا نُقدِّر ما يقوم به الفريق الحالي في اليونسكو، ونُقدِّر حجم المسؤوليات والعقبات، ولكننا نعتقد أننا شركاء جميعاً في الوضع الراهن، وعلينا أن نقوم بمراجعة مشتركة للأسباب العميقة التي حالت دون تحقيق السلام في العالم، ولنسعى جميعاً نـحو تحقيق الكرامة الإنسانية التي ترى في الثقافة صمام أمان للحرية والعدل.
copy short url   نسخ
20/11/2019
1018