+ A
A -
فلسطين- الوطن- أمين بركة
ويصر العديد من الخبراء القانونيين على ضرورة التحرك لرفع دعاوى ضد إسرائيل لجرائمها ضد الفلسطينيين وخاصة في قطاع غزة، لكنهم لا يخفون أن هناك تواطؤا من قبل المجتمع الدولي من أجل تجنب محاكمة إسرائيل، وأن الاحتلال الإسرائيلي يستقوي ضد الفلسطينيين بصمت المجتمع الدولي إزاء جرائمه. وطالب هؤلاء بضرورة معاقبة إسرائيل على جرائمها لا سيما في ظل توقيعها اتفاقيات ومعاهدات دولية تشكل غطاء وحماية دولية للفلسطينيين أمام جرائم الاحتلال.
وشنت إسرائيل عملية عسكرية ضد قطاع غزة في الثاني عشر من نوفمبر الحالي استمرت لمدة ثلاثة أيام، قتلت خلالها 34 فلسطينيا وأصابت العشرات بجروح مختلفة وقصفت العديد من الوحدات السكنية.
أدلة ووثائق
ويؤكد الباحث في مركز الميزان لحقوق الإنسان، سمير زقوت أن جميع الدلائل تظهر مدى الجرائم التي ترتكبها إسرائيل بحق المدنيين الفلسطينيين، وأن غالبية الضحايا الشهداء والجرحى من المدنيين ليس لهم علاقة بفصائل المقاومة، وأن جميع المنازل التي استهدفها القصف ودمرها هي منازل مدنية.
وشدد زقوت على أن الاحتلال يروج للمجتمع الدولي رواية كاذبة، ترتكز إلى أن العمليات العسكرية تمت بموجب المعايير الدولية التي تنسجم مع مبادئ القوانين الدولية بتأمين حماية المدنيين وعدم استهدافهم، وإن عملياتها جرت في إطار ما تسميه الدفاع عن النفس.
وبين أن الصمت الدولي وتحصين إسرائيل من العقاب حفز جيش الاحتلال على التمادي وارتكاب مزيد من الجرائم والانتهاكات خلال العدوان الأخير لقناعته بوجود من يغطي على جرائمه.
جرائم ضد الإنسانية
بدوره، يؤكد خبير القانون الدولي حنا عيسى أن ما قامت به قوات الاحتلال في قطاع غزة جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يعرضها للمساءلة القانونية بشقيها المدني والجنائي؛ فوفق القانون الدولي فإن الجريمة الدولية هي كل فعل أو سلوك إيجابي أو سلبي يحظره القانون الدولي الجنائي ويقرر لمرتكبه جزاء جنائيا.
ويضم القانون الدولي الجنائي مجموعتين من القواعد، الأولى يطلق عليها اسم القسم العام وهي التي تبين نطاق سريان القاعدة الدولية من حيث المكان والزمان والأركان العامة للجريمة الدولية والمساهمة فيها، والمسؤولية عنها والأحكام العامة التي تحكم العقوبة المقررة لها، أما القسم الخاص فيشمل أنواع هذه الجريمة الدولية وصورها.
وتخضع الأراضي المحتلة لأحكام اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 الخاصة بحماية المدنيين أثناء المنازعات المسلحة، والتي تمكن الدول من محاكمة المسؤولين عن جرائم أخرى، مثل الإبادة الجماعية أو الجرائم ضد الإنسانية.
ويمكن لمجلس الأمن، ومجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان والأمانة العامة للأمم المتحدة، تشكيل لجان تحقيق دولية للتحقيق في انتهاكات قوانين الحرب المزعومة والتوصية بالتحقيقات الجنائية أو الملاحقة القضائية الجنائية بحق الأشخاص إذا كان هذا ملائما.
وأشار عيسى إلى أن هناك جملة من الأهداف المحرمة التي قامت باستهدافها إسرائيل خلال العدوان، أهمها المدنيون العزل والمدن والمواقع والمساكن والأبنية غير المدافع عنها.
وأوضح المواد التي تتعلق بشكل مباشر أو غير مباشر بالجرائم المذكورة ومعاقبتها من جملة المواد الأربعمائة التي تشكل اتفاقيات جنيف الأربع لسنة 1949، هي المواد (1) و(29) و(146) و(147) من اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين وقت الحرب، وما يقابلها من مواد في الاتفاقيات الثلاث الأخرى.
وأشار إلى أن المادتين (1) و(29) تقرران مسؤولية الدولة، والمادتين (146) و(147) تقرران مسؤولية الأفراد، أي الأشخاص الطبيعيين.
وبين أن اتفاقيات جنيف لسنة 1949 قد أحدثت تطورا ملموسا في مضمار تحديد جرائم الحرب ومعاقبتها، إذ إن الاتفاقية احتاطت لتغطية مبدأ (لا جريمة إلا بنص).
وتابع «تركت الاتفاقيات أمر تحديد هذه المخالفات الخطيرة للدول نفسها، وتركت الباب مفتوحا أمام الدول كي تعتبر في تشريعاتها الوطنية بعض المخالفات الأخرى غير الواردة في نص المادة 147 من الاتفاقية الرابعة، مخالفات خطيرة أيضا وتعاقب بنفس العقوبة».
وأضاف أن اتفاقيات جنيف أقرت أيضا مبدأ اجتماع المسؤوليتين، مسؤولية من اقترف المخالفة ومسؤولية الدولة التي يتبع لها أو يعمل تحت سلطتها مع الفارق الأساسي بين المسؤوليتين.
وهذا يعني أن مسؤولية الدولة هي مسؤولية مالية في الأساس تنحصر بدفع مبلغ من المال كتعويض إلى الدولة التي يتبع لها المتضرر من المخالفة، في حين أن مسؤولية الأفراد هي مسؤولية جنائية ومالية معا.
وفيما يخص قتل إسرائيل للأطفال خلال العدوان، أكد عيسى أن ما تعرض له أطفال غزة من قتل مباشر نتيجة القصف الإسرائيلي على قطاع غزة في العدوان الأخير يبرهن من جديد بأن إسرائيل خرقت بشكل واضح اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين وقت الحرب.
وأوضح عيسى أن هذه الاتفاقية تطبق أثناء المنازعات الدولية، وتكفل للأطفال باعتبارهم أشخاصا محميين معاملة إنسانية تشمل احترام حياتهم وسلامتهم البدنية وكرامتهم، مشيرا إلى أن اتفاقيتي لاهاي لعام 1899 وعام 1907 تتضمنان أيضا أحكاما تكفل بعض الحماية للأطفال باعتبارهم أفرادا من السكان المدنيين.
وأضاف «بناء على قواعد القانون الدولي الإنساني وفي قطاع غزة كأرض محتلة يستمر الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 سنة والأمهات الحوامل وأمهات الأطفال الذين تقل أعمارهم عن سبع سنوات في الاستفادة من تطبيق أية تدابير تتعلق بالغذاء والعناية الطبية والحماية من آثار الحروب مما يكون مطبقا قبل الاحتلال».
وبين أنه وفقا للمادة 50 من الاتفاقية الرابعة فإنه على الاحتلال أن يسهل الإدارة الجيدة لجميع المنشآت المخصصة للعناية بالأطفال وتعليمهم بدلا من قتلهم وتعذيبهم، مشددا على أن إسرائيل تتحمل المسؤولية القانونية عن عدوانها الأخير على قطاع غزة نتيجة اقترافها جرائم القتل بحق المدنيين الفلسطينيين، وخاصة الأطفال.
صمت مريب
في السياق، حملت دائرة حقوق الإنسان والمجتمع المدني في منظمة التحرير الفلسطينية، الأمم المتحدة ومجلس الأمن مسؤولية عدوان وجرائم الاحتلال المدعوم أمريكيا، بسبب السكوت عن تجاوزه كل القرارات الدولية وافلاته من العقاب، الأمر الذي يفسر على أنه ضوء أخضر لمواصلة إجرامه واعتداءاته.
ونبهت الدائرة إلى أن حكومة الاحتلال تستخدم الدم الفلسطيني كورقة رابحة في الدعاية الانتخابية والصراعات الحزبية وحل أزماتها الداخلية، من خلال عمليات القتل والاغتيال واستهداف منازل المدنيين بالطائرات والصواريخ الأمر الذي يعتبر بكل الأعراف انتهاكا لحقوق الإنسان والاتفاقيات والقوانين الدولية ذات الصلة.
من جهته، أدان مركز حماية لحقوق الإنسان جرائم الاحتلال بحق المدنيين الفلسطينيين، مؤكدا على أن الاحتلال يتبع سياسة موجهة ضد السكان المدنيين، متخليا عن مسؤوليته في توفير الحماية لسكان الأراضي المحتلة وتوفير الحماية للأعيان المدنية وعدم تعريض حياة المدنيين للخطر.
ودعا المركز الدول المتعاقدة والموقعة على اتفاقية جنيف الرابعة بتحديد موقفها من جرائم الاحتلال التي جاءت دون مبرر، وطالبها بوضع آلية لمحاسبة وملاحقة مجرمي الحرب، وطالب جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي والمنظمات الرديفة لها باتخاذ موقف حقيقي وجاد إزاء سياسة الاحتلال.
ودعا مركز حماية سلطة رام الله لإحالة ملف جرائم الاحتلال بحق المدنيين الفلسطينيين للقضاء الدولي لاسيما محكمة الجنايات الدولية.
بدورها، قالت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني (حشد)، إن الاحتلال يستهدف المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم المدنية في قطاع غزة ويؤدي لترويعهم.
وأكدت الهيئة أن استمرار مؤامرة صمت المجتمع الدولي على جرائم الاحتلال الإسرائيلي بمثابة منح الاحتلال الضوء الأخضر لاستمرار ارتكاب جرائمه بحق المدنيين وممتلكاتهم في قطاع غزة.
وطالبت الهيئة الدولية المجتمع الدولي وخاصة الدول المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة بضرورة التداخل الفوري والسريع وتوفر الحماية الدولية للفلسطينيين ووقف التصعيد الإسرائيلي وجرائم الحرب بحقهم ومحاسبة ومساءلة قادة الاحتلال الإسرائيلي على جرائمه المرتكبة بحقهم.
كما طالبت الهيئة الدولية (حشد) للمدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية السيدة فاتو بنسودا، الشروع في التحقيق في الجرائم والانتهاكات الجسيمة التي أرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين والاعيان المدنية في قطاع غزة.
من ناحيتها، استنكرت مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان بشدة جرائم الاحتلال في غزة التي تنتهك أبسط القواعد الأخلاقية والقانونية الدولية، كونها تعتمد على أسلوب ومنهج الاستهداف المتعمد للمؤسسات المدنية والحقوقية في محاولة على التغطية على جرائمها المرتكبة، وإذ تشدد على ضرورة أن تسارع المؤسسات الإقليمية والدولية للتحرك الفوري لضمان إلزام دولة الاحتلال الحربي الإسرائيلي باحترام نصوص الاتفاقيات.
واعتبرت مؤسسة الضمير استهداف دولة الاحتلال للمؤسسات الحقوقية في قطاع غزة جريمة تهدف للتغطية عن جرائم بشعة يجري التخطيط لتنفيذها بحق المدنيين في قطاع غزة وذلك في سياق العدوان المستمر.تؤكد مؤسسات حقوقية على ضرورة محاكمة إسرائيل على جرائمها بحق المدنيين الفلسطينيين، والتي كان آخرها خلال العدوان الأخير على قطاع غزة الذي خلف 34 شهيدا بينهم ثمانية أطفال وثلاث نساء، فيما كانت أبرز الجرائم بحق عائلة «السواركة»، التي استشهد خلالها ثمانية أفراد من العائلة معظمهم أطفال، عندما قصف الطائرات الحربية منزلهم بدون أي سابق إنذار.
copy short url   نسخ
17/11/2019
921