+ A
A -
منى بابتي
تلاعبت بحياته، وصبغت وجهه بألوان كلماتك، حرمته من حقه في أن يكون إنسانا عاديا، لأنك وببساطة لديك ملاحظات قد دونت بالخط العريض.
من وكلت سيدي المراقب ليعد له أنفاسه، وهل كنت تعد أنفاسك وانت تدون عنه ملاحظاتك بالخط العريض، هل فكرت قليلا قبل أن تخط بيدك وبحبرك الأسود مصير حياته وتدمر صورته في مرآة من يحبونه ويثقون به.. هل فكرت قليلا ماذا ستحمل كلماتك من قسوة وظلم ؟... آه اعذرني سيدي!!!!!!، فلقد نسيت فأنت لا تخطئ... والمخطئ هو من يقع خطأ أو بسبب قلة حظه في دائرة اهتمامك والأسوأ أنك ترى بعينك ولا ترى بقلبك، وللأسف البصر احيانا لا يرى الحقائق، فالبصر دون بصيرة، وأكرر اعتذاري سيدي !!!، لا يبلغ نصف الحقائق..... فللحقيقة وجهان... وانت بملاحظاتك لم تنقل سوى نصف الواقع.
وما أكثركم يا أصحاب الملاحظات بالخط العريض... وما أكثر ضحاياكم... كان مازال شابا نضرا... كان ما زال يكتشف الحياة... كل ما كان يقترفه حماقات بسيطة شأنه شأن أي طالب قد غير مكانه الأول وانتقل إلى مكان جديد... لم تعجبك أصوات ضحكاته البريئة.. ودونتها بالخط العريض تحت عنوان.... ضحكات استفزازية....لم تعجبك بساطته المرئية... ودونتها بالخط العريض تحت خانة حركات غير مقبولة علنية... لم تقس حاله الواقعية.. لم تدرس طباعه الفطرية... لم تحاور قناعاته البشرية... كل ما قمت به سيدي المعلم وأكرر اعتذاري... أنك دونت ملاحظاتك بالخط العريض... وحرمته حقه بالدفاع عن نفسه... وعنونت حالته تحت عنوان: حالة جديدة للدراسة ولاتخاذ الإجراءات الروتينية في مثل هذه الحالات.....
كان سيدي المعلم ما زال نضرا... كان ما زال يحاول أن يبني حياته الجديدة في مدرسته هناك... بعد أن غادر مقعده القديم الذي يدفئه وطاولته الصديقة التي كانت تحيط به وعيون محبيه من المعلمين الذين كانوا يفهمون لغته... حركاته ولا يعدون أنفاسه... ووضعته أنت... لأنك كما يقال صاحب خبرة في مجالك وعينك لا تخطئ بتاتا... وتحسن وضع الملاحظات بالخط العريض... وأجبرته أن يقف معهم في خانة من تدرسون حالاتهم... وهل يعقل أن يخطئ المراقب في داخلك أيها المعلم النجيب... وقف هناك لم يدرك ما يقال... وللأسف لم تعطه أنت فرصة للدفاع عن نفسه... فأنت وكما يقال.. عينك لا تخطئ وملاحظاتك لا تدون الا بعد تمحيص...عفوا سيدي المعلم.. هل لك رجاء أن تدع قلمك الأسود ولتنظر له بقلب إنسان لا بعين المراقب والملاحظ للسلوك المرئي... راقب طبيعته البسيطة.. تغول في عمق صوره وسلوكياته المرئية... حاوره قبل أن تحكم عليه... فأنت ترسم بملاحظاتك بالخط العريض حياته المستقبلية....
ففي العلم التربوي الحديث... خذ وقتك أيها المعلم في قراءة طلابك وتمهل قليلا قبل تدوين ملاحظاتك بالخط العريض... واحذر أن توقع هؤلاء الطلبة في سلة ضحاياك السنوية... فقط لأنك تظن أنك تحسن التقييم وان عينك لا تخطئ في قراءة السلوكيات الطلابية...
خذ وقتك كوالد يضم إلى قلبه هؤلاء الشباب النضرين... ودع قلمك جانبا... واعلم ان طلابك قد دونوا على طاولاتهم الخشبية في الجهة الخلفية ملاحظة عنك بالخط العريض... معلمي لا يسمعني ولا يفهمني... جل ما يقوم به معلمي هو تدوين ملاحظات عني بالخط العريض.
تمهل قليلا يا صاحب الملاحظات بالخط العريض... فأنت تدمر أجمل ما أملكه وهو رغبتي في أن أكون طالبا عاديا.
كاتبة لبنانية
copy short url   نسخ
09/11/2019
532