+ A
A -
حاوره في طوكيو - محمد حربي

أكد مساعد وزير الخارجية اليابانية، مدير إدارة الشرق الأوسط وأفريقيا، والمبعوث الياباني الخاص لأفغانستان، وباكستان، أهمية العلاقات القطرية- اليابانية، التي تقوم على الصداقة، والمصالح المشتركة، والاحترام المتبادل، موضحا أن اليابانيين، سوف يحتفلون في عام 2021 باليوبيل الذهبي، ومرور خمسين عاما على إقامة علاقات مع دولة قطر، مشيرا إلى تقديرهم للدور النشط والفاعل، لدبلوماسية الوساطة القطرية، التي تقوم على الحيادية، وبلا أي مصالح خاصة، لافتا إلى أنهم انتقلوا في علاقة البلدين من التعاون في مجال الطاقة، إلى الشراكة الإستراتيجية الشاملة، وأنهم يتطلعون إلى انعقاد اللجان الوزارية المشتركة، على مستوى وزراء الخارجية، مشددا على أنهم بدأوا الحوار السياسي مع الجانب العربي، ليستمر، وهم ليسوا نادمين، ويعرفون ماذا يريد العرب منهم، ولكنهم لن ينحازوا لطرف دون الآخر في قضية فلسطين، ومتمسكون بحياديتهم، وقناعتهم في ضرورة حل الدولتين، منوها إلى أن تأمين الإمدادات النفطية، مسألة حياة أو موت بالنسبة لهم، وأنهم يدعمون كثيرا جهود سمو أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، كقائد حكيم، من أجل حل الأزمة الخليجية، الذي لابد وأن يأتي من داخل البيت الخليجي.. جاء ذلك في حوار خاص لـ الوطن، بطوكيو، فيما يلي نصه:
{ كيف تقيمون العلاقات القطرية – اليابانية؟
-نحن نستعد من الآن للاحتفال في عام 2021 باليوبيل الذهبي، وذكرى مرور خمسين عاما، على إقامة العلاقات القطرية – اليابانية، وقطر دولة مهمة لليابان، حيث إنها تقوم بمد اليابانيين بالوقود والغاز المسال، وسوف يتم تعزيز ذلك، بشكل مستمر خلال المستقبل، إذ تصل نسبة ما تستورده اليابان من قطر نحو 20 بالمائة من الطاقة، منها نحو 12 بالمائة من الغاز الطبيعي، و8 بالمائة من البترول، وعلى هذا الأساس، يمكن القول إن الآفاق واعدة بين الجانبين، في الفترة القادمة، لاسيما بعد تولي رئيس الوزراء الياباني الجديد شينزو آبي، والانتقال من مرحلة التعاون في مجال الطاقة، إلى الشراكة الإستراتيجية الشاملة.
وأنه في شهر يناير الماضي، من هذا العام، وخلال زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى لليابان، فقد جرى الحديث عن إقامة حوار إستراتيجي قطري- ياباني، كما تم الاتفاق بين الجانبين، على مسألة التنسيق، والتعاون الثنائي بشأن الحدثين الرياضيين، الكبيرين، اللذين تستضيفهما البلدان، أحدهما أولمبياد طوكيو في عام 2020، والآخر كأس العالم لكرة القدم بالدوحة في عام 2022، وأن اليابانيين، سعداء جدا بهذا التقارب مع القطريين، ويأملون أن يزداد ويتوطد، في مختلف التشعبات، والمجالات مستقبلا.
{ ما هو تقديركم للدور الذي تقوم به دولة قطر سواء كان ذلك على الصعيد الإقليمي، أو الدولي؟
- نحن نتابع عن كثب، وقرب، الدور الذي تقوم به دولة قطر، سواء في المنطقة وإقليميا، أو على الساحة الدولية، ولاسيما الدور القطري الرائد والفاعل في الجمهورية اللبنانية، وأيضا في ملف دارفور، وكذلك جهودها في عملية الوساطة بين حركة طالبان الأفغانية، والولايات المتحدة الأميركية، وأن أكثر ما يثمنه اليابانيون في الدبلوماسية القطرية، هو النهج الذي تتبعه في استخدام الحوار، كوسيلة، وآلية لحل النزاعات، وهذه هي نفس الفلسفة التي تؤمن بها اليابان دائما، في معالجة المشاكل، والخلافات.
واليابانيون، لن ينسوا أبدا، الدور الكبير الذي قامت به دولة قطر، ويشكرون كثيرا دبلوماسيتها النشطة، والفاعلة، والمتعاونة، وما حققته وتحققه من نجاحات في الوساطة، وخاصة حل مشكلة الصحفي الياباني، الذي تم اختطافه في سوريا، وتمكن القطريون، من الإفراج عنه، وعودته سالما إلى أهله، في شهر أكتوبر من العام الماضي.
{ أشرتم إلى فاعلية دبلوماسية الوساطة القطرية.. فما هي مقومات نجاحها في ذلك من وجهة نظركم ؟
-مقومات نجاح دبلوماسية الوساطة، بشكل عام، ينبغي أن تتسم بالحيادية، وهو ما يتوافر في دولة قطر، فضلا عن أهمية أن تكتسب ثقة كل الأطراف، حتى تتوافر لها البيئة الملائمة لإنجاز مهمتها، لأنه إذا شعر طرفا النزاع، أن هناك أي مصلحة خاصة للوسيط، فسوف يترتب على ذلك، فشل في حل الأزمة، والمشكلة، وبالتالي فإن الحفاظ على التوازن، والحيادية مطلوبان بين الخصوم.
{ ما هي القواسم المشتركة بين الدبلوماسيتين القطرية واليابانية، على الصعيدين الإقليمي والدولي ؟
-الحوار، ثم الحوار، ثم الحوار، كوسيلة مفاوضات لنزع فتيل الخلافات، وحل المشاكل والأزمات، واستخدام القوة الاقتصادية، كبديل عن العسكرية، لتسوية النزاعات، أضف إلى ذلك التوجهات القطرية، خلال المرحلة الأخيرة، من التركيز على الاهتمام بتنمية الموارد البشرية، وهو ما تعتمد عليه اليابان، وتؤمن به أيضا.
{ أين تقف الدبلوماسية اليابانية، من الأزمة الخليجية الراهنة؟
-للرد على هذا السؤال، ينبغي أن نعرف، أهمية المنطقة الخليجية بالنسبة لليابانيين، حيث نجد نحو 85 بالمائة من البترول والوقود، ونحو 20 بالمائة من الغاز الطبيعي، الذي تستخدمه اليابان، يأتي من الخليج، ويمر عبر مضيق هرمز، والحفاظ على سلامة طرق الإمدادات هذه، مهمة، وهي مسألة حياة أو موت بالنسبة لليابان، ولذلك فهناك جهد ياباني يتم بذله دائما، لضمان الاستقرار والأمن، والتخفيف من حدة النزاعات، التي قد تقع أو تحدث فيها، ونحن اليابانيون عازمون على ذلك في المستقبل، وجهودنا الدبلوماسية، تحظى بدعم شعبي قوي ومساند باستمرار.
{ تتسم العلاقات اليابانية بالود مع كافة الأطراف في منطقة الخليج، إلى أي مدى فكرت اليابان في استثمار علاقاتها للتدخل لحل الأزمة الخليجية؟
-اليابان تتمتع بثقة جميع دول الخليج، والعلاقات تقوم على الصراحة والاحترام المتبادل، وأن اليابانيين، يؤمنون بأهمية استخدام الحوار، لبناء جسور التفاهم بين كافة الأطراف، وربما هذا ما دفع رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، أن يقوم بزيارة طهران خلال شهر يونيو الماضي.
ونحن نستخدم قنوات مختلفة في سبيل بناء جسور الحوار، ونأمل أن يسفر عنه تخفيف في حدة الخلافات بين دول المنطقة، ومحاولاتنا سوف تستمر قدر المستطاع، على الرغم من عدم معرفة الحل الممكن حتى الآن.
{ أشرتم إلى عدم معرفة الحل الممكن.. إذا إلى أي مدى أنتم متفائلون بنجاح دور الوساطة الكويتية في إنهاء أزمة الحصار ؟
-بالتأكيد، نحن متفائلون، لأن الحل الأمثل لهذه الأزمة، لابد أن يأتي من داخل البيت الخليجي، ونحن نعلم أنه في البداية، كانت أميركا ومعها الكويت تحاولان نزع فتيل المشكلة، ولكن في الفترة الأخيرة، تقدم الدور الكويتي ليقود زمام المبادرة، ومن الخلف المساندة الأميركية، حيث إنه توجد هناك ثقة كبيرة في سمو أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، الذي نعتبره في اليابان، قائدا حكيما، وأحد حكماء المنطقة، وصاحب حكمة، ويحظى بثقة كبيرة من الجميع، ونتمنى أن تسفر جهوده خيرا، ونحن بدورنا ندعم هذه الجهود.
{متى نرى انعقاد اللجنة الإستراتيجية العليا بين قطر واليابان على مستوى القيادتين؟
- نحن الآن، اتفقنا خلال زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى لليابان من قبل، على إقامة حوار استراتيجي قطري – ياباني، على مستوى وزراء خارجية البلدين، ونترقب تفعيله، وهذا هو المجرى الطبيعي للأمور، أن تبدأ بالوزاري، ثم يتم الانتقال بعدها إلى مرحلة المستوى الأعلى.
{ماذا يمكن أن تقدمه اللجان العليا على مستوى القيادتين، للبلدين؟
-دعنا ننتظر انعقادها أولا، ثم يمكننا أن نتحدث، عما يمكن أن تثمره، وينتج عنها.
{إذا دعنا ننتقل معكم إلى التعرف، على ما يمكن لليابان أن تقدمه إلى دولة قطر، خلال المرحلة القادمة ؟
-بإمكان الشركات اليابانية أن تقدم الكثير من أنشطتها في السوق القطري، بما يزيد من نسب التعاون بين البلدين، وعلى سبيل المثل فإن هذا يبدو واضحا في إنشاء خطوط مترو الدوحة، بجانب مساهمة اليابان في إطلاق القمر الصناعي القطري الثاني «سهيل سات 2»، وعلى الجانب الحكومي، بإمكاننا التفاوض وبحث إمكانية إقامة مناطق استثمارية مشتركة بين الجانبين، لتسهيل حركة الاستثمار سواء في قطر أو اليابان، كما أنه من أبرز المجالات التي يمكن التعاون فيها ثنائيا، هي الفعاليات الرياضية، والنقل الجوي، خاصة مع كفاءة الخطوط الجوية القطرية، وتسهيل الحصول على تأشيرات الدخول، ومزيد من التسهيلات في المستقبل.
{هل هناك حديث عن إلغاء كامل للتأشيرة، وإعفاء مواطني البلدين منها قريبا؟
-هذا بالإمكان تحقيقه بالفعل، إلا أن هذا يحتاج إلى الاتفاق على بعض الأمور، بين البلدين، وينبغي حلها، ولكن ما ينبغي التأكيد عليه في هذا الصدد، أن اليابان بصفة عامة، تتجه نحو استقبال مزيد من السائحين، وهي منفتحة على الجميع.
{دعنا ننطلق معكم من قطر، إلى بيت العرب، لنتعرف منكم على المحطة التي وصل إليها الحوار السياسي العربي – الياباني، الذي انطلقت دورته الأولى في عام 2017؟
-بالفعل كانت الدورة الأولى، في شهر سبتمبر من عام 2017، بحضور رئيس وزراء اليابان السابق ارو كونو، وكان اللقاء مهمًّا بين الجانبين العربي والياباني، وحاجة العرب لمعرفة الرؤية اليابانية للقضايا المشتركة، وكيفية المساهمة فيها، ودور اليابانيين الذي يمكن القيام به.
{ متى الاجتماع القادم بين العرب واليابان؟
-مازال حتى الآن لم يتم الاتفاق على موعده.
{ أفهم من ذلك، أن الجانبين الياباني والعربي، لم يتفقا على برنامج زمني للدورات القادمة؟
-هذا صحيح، لم يتم تحديده بعد، ولكن ربما نصل إلى تفاهم حول ذلك مستقبلا.
{ هل الجانب الياباني في مرحلة تقييم للتجربة ؟
-كل ما يمكن قوله، إنه قد صدر بيان مشترك عن الاجتماع بين الجانبين العربي والياباني، تضم أفكار كل طرف من الجانبين، ولكن دون خطة عمل محددة، بحيث تكون محل تقييم.
{ هل من الممكن أن يتوقف هذا الحوار؟
- لقد بدأنا الحوار، ليستمر، وماضون فيه مع الجانب العربي لإيماننا الشديد بأهميته للطرفين، ولكن كل ما في الأمر، أننا لم نضع برنامجا زمنيا للقاءات التالية.
{ أنتم تقولون، إنكم عرفتم النوايا العربية فيما يريدون منكم.. فماذا عما تريده اليابان من العرب؟
-نحن نريد أن يعم السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، ثم البحث عن المجالات، التي يمكن أن يكون فيها تعاون عربي – ياباني، ودوافع اليابان من ذلك واضحة وصريحة، في الحفاظ على إمدادات النفط الغاز المسال، والطاقة، وبيئة آمنة للشركات اليابانية المستثمرة في البلاد العربية.
{ قد لا يخلو اجتماع عربي من الحديث عن قضية العرب الأولى، فلسطين والقدس والأقصى.. ماذا يكون الموقف الياباني خلال المناقشات العربية؟
-الموقف الياباني واضح، ومبادئنا ثابتة، في الدعوة لحل إقامة الدولتين، ومن أجل ذلك تدعم اليابان كافة الجهود في هذا الاتجاه، وأن المساعدات اليابانية تقوم على ثلاثة مرتكزات أساسية وهي: أولا، الحوار السياسي بين أصحاب الشأن، وهم الفلسطينيون والإسرائيليون، ودول الجوار والولايات المتحدة الأميركية، من أجل حل هذه القضية.. وثانيا، الالتزام بتقديم الدعم المالي للفلسطينيين والاقتصاد الفلسطيني، والذي وصل منذ أوسلو وحتى الآن إلى حوالي 1.9 مليار دولار حتى الآن، وثالثا، إقامة علاقات ثقة بين الطرفين، حيث كانت هناك مبادرة من اليابانيين باسم ممر السلام والازدهار، وفيه حديقة الصناعة والزراعة في مدينة أريحا، وفي إطار هذا المشروع، كان لابد من تعاون فلسطيني- إسرائيلي، لتوصيل المرافق، لأنه يقوم على خلق فرص عمل للفلسطينيين، والمنتج يحمل اسم شعار «صنع في فلسطين»، ويتم تسويقه عبر الأردن، وإدارته رباعية: فلسطين، إسرائيل، الأردن، واليابان، واستمر التعاون بغض النظر عن توقف عملية السلام، واليابانيون مستمرون في مثل هذه المشاريع، لبناء الثقة، حينما يتم الوصول لتسويات سياسية.
{ إلى أي مدى توجد هناك متابعة ومراقبة يابانية للمشروع، لتقييم الأداء بالنسبة لهذه المبادرة؟
-بالفعل كان هناك فريق ياباني، يقوم بعملية متابعة الأداء، لضمان الكفاءة في إدارة المشروع، فاليابان، كانت مستمرة في تقديم الدعم الفني، كما أن اليابانيين، يقومون بدور الوساطة أحيانا مع الجانب الإسرائيلي، بشأن إنهاء بعض التصاريح الخاصة بإقامة المرافق، أو مد الخدمات اللازمة.
{ أخيرا، اليابان وهي تبني حوارا سياسيا مع العرب، هل تخشى أن تجد نفسها في موقف حرج، بين إرضاء الجانب العربي، وبين غضب حليفتها الولايات المتحدة الأميركية، حينما يتعلق الأمر بشأن إسرائيل وقضية المستوطنات الإسرائيلية؟
-إذا كانت النوايا العربية، هي السعي نحو الحصول على موقف ياباني يميل لصالحهم، منحازا، فلا يكون هناك معنى لهذا الحوار من البداية، لأن الأصل أن يكون هناك شرح لوجهات النظر المتبادلة، وفهم المواقف بشكل صحيح، وأنه لابد من المحافظة على ذلك لضمان الاستمرارية، لأن اليابان حريصة على أن تظل حيادية.
copy short url   نسخ
23/10/2019
1373