+ A
A -
غزة ــ حمد – محمد النعامي
دمرت آلة الحرب الإسرائيلية أحلام آلاف الفلسطينيين بعد أن تسببت في بتر أطرافهم وإعاقتهم مدى الحياة حتى غاب الأمل عن عيونهم في تحقيق طموحاتهم، وفي ظل قمة الإحباط التي وصل لها المصابون من مبتوري الأطراف، صممت قطر على إنهاء معاناتهم واستبدال يأسهم أملا، حيث وجه صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، اللجنة القطرية بإنشاء مستشفى متخصص بتركيب الأطراف الصناعية والتأهيل في قطاع غزة، ليستكمل صندوق قطر للتنمية مسيرة العطاء ويقوم بتشغيل المستشفى الذي تم افتتاحه في ابريل الماضي باسم مستشفى سمو الشيخ حمد للتأهيل والأطراف الصناعية، ليحقق منذ تشغيله إنجازات ضخمة على المستوى الطبي وينهي معاناة آلاف المرضى الذين استفادوا من خدماته خلال فترة وجيزة.
وشرع المستشفى في إجراء عمليات تركيب الأطراف الصناعية لفئة مبتوري الأطراف وذوي الاحتياجات الخاصة، حيث حققت العمليات التي قام بها نجاحا كبيرا، ليقدم أفضل الأطراف الصناعية في الشرق الأوسط من أفضل الشركات العالمية ويوفر على آلاف المصابين معاناة السفر للخارج لإجراء مثل هذه العمليات في ظل نقص التحويلات الطبية المتاحة.
وخلال الشهر الماضي، أنتج المستشفى 10 أطراف صناعية سفلية وأربعة أجهزة لتقوس العمود الفقري وستة أجهزة تعويضية طرفية كما أصلح القسم 14 جهازا.
ويجري المستشفى عملية تأهيل مطولة لحالات البتر في مرحلة ما قبل تركيب الطرف الصناعي، تشمل تأهيلا حركيا ونفسيا، خصوصا لفئة صغار السن، ومن ثم تأتي مرحلة التدريب للتعامل مع الطرف وكيفية التأقلم على الطرف في ممارسة أنشطة الحياة اليومية، ويتابع المستشفى بشكل مستمر المصابين المزودين بالأطراف الصناعية وفي حال حدوث أي خلل يقوم الطاقم الطبي بالتعامل معه. ومن جانبه، قال المدير العام للمستشفى الدكتور رأفت لبد إن قسم الأطراف الصناعية في المستشفى مجهز بأحدث التقنيات والأجهزة، وحصل على أفضل الأطراف من أكبر الشركات العالمية وهي شركة (Ottobock) بأحدث طراز (2018) مع استجلاب مواد الأطراف الصناعية من أفضل الخامات لصناعة أطراف متطورة.
وأضاف «أول الغيث قطرة وهناك خطة معدة لتطوير هذا القسم من الناحية العلمية والعملية والفنية، لإنتاج أطراف متطورة بشكل أكبر وأطراف خاصة ببعض الرياضيين مبتوري الأطراف، وكذلك نستعد لإحداث تقدم في مجال الاطراف العلوية، حيث يتم تركيب اطراف علوية في المؤسسات الطبية الأخرى لأهداف تجميلية دون القيام بوظائفها العضوية، ونحن نعمل على أطراف كرتونية متطورة تخدم المريض من ناحية عملية ووظيفية».
وأكد لبد أن المستشفى في تطور مستمر في كافة المجالات، ليعمل بكامل طاقته بهدف خدمة أكبر قدر من المرضى وانهاء معاناة ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث يتم استجلاب خبرات في مجال الاطراف الصناعية من الولايات المتحدة وتطوير الكادر الطبي من خلال العمل على تدريبه وزيادة كفاءته الطبية.
وتم تجهيز قسم الأطراف الصناعية بتجهيزات طبية حديثة ومتطورة موزعة على الأقسام والورش المخصصة لصناعة الأطراف والعناية المخصصة لكل مريض.
بدوره، قال رئيس قسم الأطراف الصناعية في المستشفى الدكتور أحمد العبسي، «إن الخدمات النوعية التي يقدمها المستشفى تأتي في ظل تزايد أعداد المحتاجين لهذه الأطراف، حيث خلفت مسيرات العودة حتى اللحظة 140 مصابا بالبتر و1800 مصاب محتاج لجهاز تعويضي بجانب 900 حالة بتر من الحروب السابقة و11 ألف مصاب يحتاج لجهاز تعويضي، وسيقدم المستشفى خدماته لهذه الفئة التي تقاسي الأمرّين جراء الاعاقة، ويتخصص المستشفى بأداء العمليات للحالات المعقدة والصعبة نظرا لكفاءة الطاقم الطبي والتجهيزات الطبية المتكاملة».
وكشف الطبيب على أنه في المرحلة الحالية يعمل المستشفى على علاج 200 مصاب، وتزويدهم بالأطراف والأجهزة التعويضية، حيث بدأ العمل معهم حاليا ونعمل بأقصى امكانياتنا لإتمام هذه العمليات بنجاح مع تقديم خدمات الـتأهيل.
وتابع «أخذنا على عاتقنا تأدية الخدمة الطبية على أكمل وجه لمبتوري الأطراف العلوية والسفلية، مع العلم أن الإصابات السفلية ما فوق الركبة تحتاج لمفصلين (كاحل وركبة) وهذا يحتاج لمجهود كبير في صناعة وتركيب الطرف الصناعية وكذلك في مراحل التأهيل والعلاج الطبيعي».
وأكد العبسي أن قسم الأطراف يتميز بوجود ورش متطورة ومتقدمة لصناعة الأطراف وتركيبها بوجود أحدث الأجهزة الطبية والتقنية، وهو ما مكن المستشفى من صناعة أفضل الأطراف الصناعية على الساحة الطبية في قطاع غزة. وشدد مسؤول قسم الأطراف على أن الهدف ليس مجرد وضع طرف صناعي يسير حياة المصاب، بل العمل على عودته لحياته الطبيعية بكل قوة، حيث يعود الرياضي لممارسة الرياضة كالمعتاد والطالب يعود مقاعد الدراسة وكذلك الموظفون وارباب العمل.
ويولي قسم الأطراف في المستشفى اهتماما بالغا لإصابات البتر للأطفال، باعتبار أنهم الفئة الأكثر حاجة للتدخل السريع لأن الطفل يحتاج تغيير الطرف مع مراحل النمو، حيث تتم عملية التغيير بشكل منتظم من 6 أشهر وحتى عام، بجانب برنامج خاص بالتأهيل وتقييم دوري كل شهرين ومتابعة مستمرة لحالة الطفل. ومن الجدير بالذكر أن الحالات التي تم تركيب الأطراف الصناعية لها داخل المستشفى اندمجت بشكل كامل في حياتها اليومية، ومنهم من عاد لنشاطه الرياضي بشكل طبيعي ومنهم أطفال عادوا لمقاعد الدراسة بعد أن منعتهم الإصابة وتأثيراتها النفسية من ممارسة طفولتهم كما باقي الأطفال، ليخطو المستشفى أولى خطواته في إنهاء معاناة الآلاف وترميم ما بترته ودمرته رصاصات وقذائف الاحتلال الاسرائيلي.
وتبلغ مساحة المستشفى 12 ألف متر مربع، كما تبلغ قدرته الاستيعابية 100 سرير، ويضم المستشفى أقساماً مستقلة ومتخصصة بجانب قسم الأطراف الصناعية كقسم التأهيل الحركي، والتأهيل اللفظي، كما يشمل قسم العلاج الوظيفي، وقسم التمريض، وقسم السمعيات، وقسم العلاج الطبيعي، وقسم الأشعة التشخيصية، وعدة عيادات، حيث يستهدف المستشفى حوالي 127 ألفا من ذوي الاحتياجات الخاصة في قطاع غزة.
copy short url   نسخ
21/10/2019
1361