+ A
A -
كتب - محمد حربي وقنا
افتتح معالي الشيخ عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية، منتدى الأمن العالمي 2019 في دورته الثانية التي تعقد حول «التحديات الأمنية التي يفرضها تداول المعلومات المضللة في وقتنا الحاضر»، بفندق سانت ريجس صباح أمس.
حضر الافتتاح عدد من أصحاب السعادة الوزراء وكبار المسؤولين من الدول العربية والأجنبية، ورؤساء البعثات الدبلوماسية المعتمدين لدى الدولة، وضيوف المنتدى المشاركين.
ودعا المنتدى إلى ضرورة التصدي للتحديات الأمنية التي يفرضها تداول المعلومات المضللة في الوقت الحاضر والتداعيات الخطيرة لهذا التوجه وأثره على عالم تتطور فيه وسائل الاتصال بشكل متزايد.
وقد شهد اليوم الأول من منتدى الأمن العالمي 2019 انعقاد جلسة نقاشية أولى بعنوان «نظرة شاملة على التضليل: إلقاء الضوء على المفاهيم الأساسية ومشهد التهديدات»، تحدثت فيها سعادة الدكتورة حصة الجابر مفوضة اللجنة العليا للنطاق العريض من أجل التنمية الرقمية التابعة للاتحاد الدولي للاتصالات ورئيسة مجلس إدارة شركة «سهيل سات».
وأشارت الدكتورة حصة الجابر، في مداخلتها، إلى بعض الأرقام الإحصائية المرتبطة بموضوع الأخبار الزائفة، مبينة أن هناك تقريرا نشر من قبل جامعة أوكسفورد أفاد بأن هناك 70 دولة تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي بنسبة 100 بالمائة لبث الأخبار الزائفة، وفي 80 بالمائة من الوقت يستخدمون البشر لنشر هذه الأخبار وفي بعض الأحيان الآليات الموجهة، و11 بالمائة من هذه الدول تستخدم كلا العنصرين لبث الأخبار الزائفة.
ولفتت إلى أن دولة قطر كانت إحدى ضحايا المعلومات المزيفة التي تم بثها في جميع أنحاء العالم، قائلة: «إنه عندما نأتي إلى كيفية تعامل الحكومات مع هذا الأمر بالتركيز على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فإننا نجد أن وسائل التواصل الاجتماعي متاحة حاليا لأكثر من 45 مليون شخص في هذه المنطقة مسجلين في الفيس بوك وهي المنصة رقم 1 بحسب تقرير أوكسفورد عندما يتعلق الأمر بنشر المعلومات الزائفة خاصة في ظل سهولة نشر المعلومات وعدم المصداقية بشأنها».
وأضافت: إذا أردنا أن ننشر أخبارا كاذبة نحتاج فقط إلى جهاز حاسوب ومنصة يمكن نشر الأخبار فيها، لافتة إلى أنه يمكن للحكومات من أجل التصدي لهذا الأمر القيام بثلاثة أمور، منها إصدار القوانين ذات الصلة خاصة أن وجود قوانين متينة ستمكن الدول من ضبط الأمور المتعلقة بنشر الأخبار الزائفة، مشيرة إلى قيام بعض الدول بسن قوانين تقول إن نشر أي معلومات مزيفة باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي يوجب فرض غرامات كبيرة، مبنية كذلك أن دولا مثل سنغافورة وماليزيا وفرنسا والولايات المتحدة لها سياسات وقوانين وضوابط لحماية الخصوصية، لكن دون الحد من حرية التعبير أو قمعها.
وبشأن الأمر الثاني، قالت الجابر إن هناك مسؤولية تقع على عاتق شركات التواصل الاجتماعي، وأنه يجب عليها أن تكون مسؤولة بنسبة مائة بالمائة، فهي تملك الكثير من اللوغاريتمات المعقدة ذات القدرة على ضبط واكتشاف الأخبار الزائفة والتعرف عليها، ولفتت إلى أن الشيء الثالث يتعلق بالتوعية بعملية الإعلام والتفكير النقدي كونهما مهمان جدا، لا سيما أن التوعية تعتبر الآلية التي تمكن الأشخاص من التعرف على كيفية التعامل مع الأخبار الزائفة والتأكد من مصداقيها.
من جانبه، أكد سعادة السيد كيه شانموجام وزير الشؤون الداخلية والقانون بحكومة سنغافورة، في النقاش المفتوح الذي دار على هامش انعقاد جلسات منتدى الأمن العالمي 2019، على أن غياب الترابط بين المؤسسات الوطنية يؤثر بصورة كبيرة على المجتمعات الديمقراطية والمتحضرة، لا سيما فيما يتعلق بالتصدي للمعلومات المضللة التي قد تضر بالكثير من المصالح خاصة الوعي المجتمعي والتأثير السلبي على الشباب.
وشدد على ضرورة أن تبذل المجتمعات قصارى جهدها للحد من التداعيات السلبية التي تترتب على انتشار المعلومات السلبية والضارة، لافتا إلى أنه قد تم في سنغافورة سن قانون للتعامل مع الذين يقومون بنشر معلومات غير صحيحة إذ يتم تطبيق هذا القانون على جملة من الخطوات بحيث يتم إنذار الشخص في بادئ الأمر، وإذا لم يلتزم يتم استدعاؤه للمحكمة ويتم فرض العقوبات عليه والتي تبدأ بتطبيق الغرامات.
وأكد على ضرورة سن السياسات والقوانين للحد من انتشار المعلومات المضللة، وأن يتم تطبيق القوانين بحيث تكون رادعة ومؤثرة في الحد من انتشار هذه المعلومات، وذلك جنبا إلى جنب مع ضمان الحقوق الدستورية للجميع.
وأشار إلى ضرورة أن تعمل الدول متعددة الأعراق والأجناس كبلاده على تحقيق العدالة بين الأجناس والأعراق بما يضمن الحد من التدخلات التي قد تتسبب في إلحاق الأضرار بالدول متعددة الأعراق والأجناس عن طريق تداول المعلومات المضللة.
ونوه بوجود عوامل يمكن اتباعها للحد من انتشار المعلومات المضللة، كالعمل على تطبيق آلية معينة للتصدي لهذه الأخبار والمعلومات المضللة، والعمل على حل المشاكل الاجتماعية وتطبيق القوانين التي تحقق العدالة الاجتماعية، وكذلك التوعية الدينية بمعنى تحقيق الانسجام بين الديانات المختلفة بما يضمن التشجيع والحث على عدم استخدام الأديان كذريعة للعنف، وبجانب ذلك التعامل مع التدخلات الخارجية.
وأفاد بأن الحفاظ على التوازن في العلاقات بين الدول وتنوع هذه العلاقات يعود بالنفع على الجميع خاصة أن هذا يضمن عدم فتح الباب أمام التدخلات الخارجية، ويعزز مبدأ الشراكة المبنية على المصالح المتبادلة.
وبشأن تعامل دولة قطر مع الأخبار الكاذبة، أفاد الدكتور أحمد مجاهد حسنة رئيس جامعة حمد بن خليفة، في مداخلته خلال المنتدى، بأن خط الدفاع الأول للتعامل مع قضايا الأخبار الكاذبة لا سيما بالقطاع التكنولوجي هو بناء المنظومة الأخلاقية، لافتا إلى أن دولة قطر بذلت جهودا جبارة من أجل الحد من انتشار هذه الأخبار الكاذبة وكذلك عملت على توعية المجتمع بأنه في حالة الأخبار الكاذبة لا يتم الانزلاق إلى عمليات ردود الأفعال والتصديق المبهم لهذه الأخبار الكاذبة، وإنما يتم استخدام العقل والقيم والأعراف في التعامل مع الآخر، وهناك أيضا الكثير من العمل حول السياسيات والأطر القانونية التي تمت في دولة قطر حول الجرائم الإلكترونية وغيرها، بالإضافة إلى أن هناك الكثير من المشاريع التي قامت بها الدولة مثل المدينة التعليمية والتي كان أساسها بناء العقل الناقد الذي يستطيع أن يميز بين الأخبار الصادقة أو الكاذبة.
ولفت إلى أن موضوع الأخبار الكاذبة أصبح يستخدم من قبل الدول سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي وهو جزء من المعادلة العالمية، مشيرا إلى أن الحصار الذي فرض على دولة قطر بني في جملته وتفصيله على أخبار كاذبة تم تنسيقها من أجل بناء أرضية لبدأ الحصار على قطر، مشيرا إلى أن القضية الحالية تتمثل في كيفية التعامل مع الأخبار الكاذبة على اعتبار صعوبة التحكم أو التخلص منها نهائيا، مبينا أن آلية التعامل مع هذه الأخبار تكمن في عدة مستويات منها التكنولوجي بحيث يتم تعزيز القدرات في مجال الأمن والحماية السيبرانية، بالإضافة إلى وضع الآليات القانونية المناسبة لذلك.
وكان السيناتور جوزيف دونيلي، رئيس مجلس إدارة مركز صوفان الذي ينظم المنتدى بالتعاون مع جامعة حمد بن خليفة، قد ألقى كلمة خلال افتتاح المنتدى أكد فيها أن منتدى هذا العام سيكون فريدا من نوعه متوجها بالشكر لدولة قطر على حسن الضيافة وتوفير هذه المنصة لتبادل الأفكار والنقاشات بشأن الموضوع الأساسي للمنتدى وهو التصدي للحملات المعلوماتية المضللة التي تسبب تحديا كبيرا في الفهم الجماعي لمفاهيم مثل مفهوم الحقيقة والواقع والحقيقة والموضوعية.
وأشار إلى أن مشاركة 51 دولة بمنتدى الأمن العالمي يؤكد على أهمية التصدي للتحديات الجمة المترتبة على مفهوم المعلومات المضللة والمعلومات الزائفة التي يقصد منها الخديعة، وكذلك التركيز على دور الدول والأطراف المعنية في التصدي للمعلومات المضللة والمعلومات الزائفة، وكذلك التركيز على المجموعات الإرهابية التي قامت بدورها بتطوير قدرات متقدمة لتضليل المعلومات والتي أيضا رغم تفاوت أهدافها ولكن تجمعها سمات موحدة هي نشر الرعب والإرهاب وتجنيد تابعين جدد لتبني قضيتهم ودفع الأفراد للتطرف وإرباك الجماهير.
ولفت إلى أن المعلومات المضللة ليست أمرا جديدا ولكنها تطورات بصورة كبيرة، لا سيما في ظل التكنولوجيا الحديثة وتطور العالم الافتراضي والرقمي، مما سلط الضوء على أهمية التأكيد على ما هو فعلا حقيقي وما هو زائف، مبينا أن المعلومات المضللة باتت مسألة عالمية حيث يستخدمها مجموعة من الأطراف لتحقيق نواياها الخبيثة والمتعددة.
وأوضح أنه بالرغم من أن تهديد المعلومات المضللة يشكل أهمية قصوى للسياسة، فهو يشكل أيضا تحديا للمجال السياسي والاقتصادي، ويدمر سمعة الشركات ويؤدي لخسائر اقتصادية كبيرة.
وأشار إلى أن العديد من الدول طورت قدرات لتقديم معلومات مضللة تستخدم في العديد من الأوقات، مشددا على أهمية الاستجابة السريعة لتهديدات المعلومات المضللة، وأن توضع التدابير والإجراءات من أجل التصدي للأضرار الكبيرة المترتبة عليها.
وأكد أن المنتدى يمثل فرصة يجب استغلالها لتبادل وجهات النظر بشأن أفضل الممارسات والمقاربات المبتكرة بشأن المعلومات المضللة وآليات التصدي لها، لا سيما في ظل الوجود المميز للخبراء المحليين والإقليميين والدوليين، آملا أن تسهم الأفكار والمقترحات التي يتم طرحها خلال المؤتمر في الوصول إلى حلول ناجعة تساعد على التصدي للمعلومات المضللة.
من جانبه، أكد السيد جيفان جورجينسكي، رئيس لجنة الخبراء الحكوميين المعنيين بالأسلحة الفتاكة ذاتية التشغيل بالأمم المتحدة، أن هناك تكنولوجيات تؤدي إلى نوع آخر من الحروب، ويمكن للمعلومات المزيفة أن تكون مدمرة في إطار العلاقات الدولية. وأشار إلى نقاش واسع يدور الآن حول ما يمكن أن تكون عليه الروبوتات القاتلة، مؤكدًا أنها أمور واقعية، ومن شأنها زعزعة الثقة التي تفضي إلى نزاعات مستقبلية.
وقال دي مادوكس، المستشار التكنولوجي للمركز العالمي للمشاركة من وزارة الخارجية الأميركية، إنه لا بد من التفكير في حلول مفيدة لمواجهة الأخبار الزائفة.
ونوّه بأن هناك استعدادا نفسيا لدينا للتمييز بين الأخبار الصحيحة والزائفة، لكن هناك بالمقابل من يتصفون بكسل فكري، وليس لديهم حلول للتعامل مع الأخبار الزائفة، بيد أنه هناك حلولا تكنولوجية كثيرة ولوائح تنظيمية وحملات توعوية، إلى جانب دورات تدريبية تبيّن كيفية التعامل مع الأخبار الزائفة، بينها ألعاب تختبر قدرة المستخدم على التمييز بين الخيال والواقع.
copy short url   نسخ
16/10/2019
1023