+ A
A -
تحليل- جليل العبوديمثلت نتيجة مباراة المنتخب الوطني لكرة القدم بتعادله السلبي مع نظيره الهندي «صدمة» بالشارع الكروي خاصة والرياضي بصورة عامة، مع أن كرة القدم تحتمل الكثير من النتائج المفاجئة وكرة القدم أم المفاجآت، وهذا يحدث مع منتخبات عالمية معروفة مع أخرى مغمورة، وهو ما يضفي الكثير من الإثارة على الكرة، فلو أن النتائج دائما مضمونة للفرق الكبيرة وانعدام حظوظ الآخرين، لأصبحت المتعة مفقودة، كما أن الكثير من المنتخبات تجتهد كثيرا من أجل أن تخطو أو تحصل على نوع من التطور الملموس وفق برامج ورؤية مستقبلية.
ومع أن الصدمة جاءت على تبعات النتيجة السلبية، إلا أن السبب الأول وقبل أي شيء آخر وراء الصدمة كون الأدعم تجاوز المراحل المتوسطة إلى المواقع المتقدمة في آسيا وتعزز ذلك من خلال الأداء المشرف الذي كان عليه في نهائيات آسيا التي فاز بلقبها وأطاح بكبار القارة الواحد تلو الآخر، كما أنه عزز ذلك خلال مشاركته في بطولة كوبا أميركا التي أبلى فيها بلاء حسنا، وكسب احترام كل من تابعه وشاهد مبارياته، فضلا عن كون الأدعم يضم مجموعة جيدة بل مميزة من اللاعبين الشباب مقرونة بالخبرة، وبما أن الجماهير اعتادت على نتائج ومستويات رائعة للمنتخب، فإن أي نتيجة غير الفوز تعتبرها غير مألوفة، لاسيما أمام المنتخبات التي يبتعد تصنيفها كثيرا عن فريقنا الوطني.
اندفاع مبكر وانسياق وراء الأسلوب الهندي !
هناك الكثير من الآراء التي تقول إن اللاعبين استسهلوا المباراة أمام المنتخب الهندي، واعتقدوا أن الفوز في المتناول ويمكن أن يأتي في أي وقت، وهذا الاعتقاد ربما ليس صحيحا كون المنتخب اندفع منذ وقت مبكر إلى الهجوم وضغط في ساحة المنافس وصنع الكثير من الفرص لاسيما في الشوط الأول التي لم تستغل أو تترجم إلى أهداف، وهذا ما جعل الفريق الضيف يستمر في ذات الأسلوب الدفاعي وتشتيت الكرات القطرية التي كانت تسقط في الجزاء، وتوفق الحارس في إبعاد العديد من الكرات التي كان يمكن أن تهز شباكه، إلا أن المشكلة الحقيقية هي أن فريقنا ساير المنتخب الهندي في أسلوبه وظل يضغط في ساحته بذات الأسلوب الذي بدأ به المباراة ولم يلجأ المدرب إلى المعالجات وهو ما شجعه على أن يكون أكثر جرأة في الشوط الثاني وكاد يخطف أكثر من هدف من فرص سهلة بعد أن نجح المدرب الكرواتي في استثمار الاندفاعة التي كان عليها المنتخب الوطني واللعب على الفراغات التي كانت تحصل في الأطراف لاسيما في جهة عبد الكريم حسن الذي بذل جهدا كبيرا من أجل تعزيز الهجوم وتمرير الكرات إلى المنطقة الخطرة والتي كان في معضمها لصالح الحارس الهندي أو تبعد من الدفاع الذي كان يمتاز بطول القادمة والقدرة على التصدي للكرات العرضة والعالية، كما أن عدم سحب الفريق الهندي وجعله أمام مغريات الهجوم والوصول إلى ساحتنا أبقى التكتل الدفاعي من عشرة لاعبين وهذا الأمر يحتاج إلى لياقة عالية وهو ما ظهر عليه الفريق المنافس، ولو اتبع سانشيز سحب الفريق الهندي إلى ساحة الادعم ومن ثم المباغتة بالهجوم من خلال المساحات التي ستكون موجودة لحضرت الأهداف وبنسبة مقبولة، وقد حاول المدرب أن يزيد الكثافة الهجومية بإشراك أحمدعلاء وإسماعيل محمد، وبالأساس فإن الهجوم القوي من قبل لاعبينا كان قائما وباستمرار إلا أن المشكلة في اللمسة الأخيرة التي كانت تارة صوب المرمى وتبعد من الحارس والدفاع وأخرى تمر بجوارالقائم أو فوق العارضة بقليل.
ضياع الفرص يمثل تهديدا لمرمانا !
إن المنتخب القطري كان قد أهدر العديد من الفرص بالشوط الأول وحتى الثاني ولكن ليس بذات الوفرة التي كان عليها الأول، ومن الطبيعي أن ضياع الفرص وعدم استغلالها يمكن أن يجعل مرمانا عرضة للتهديد من قبل الفريق المنافس، ومن هنا لمسنا أن الهندي بالثاني كان يبحث عن فرصة لعله يخطف فيها هدفا ومن ثم يكمل مشواره الدفاعي والتصدي للمدرب الهجومي العنابي، ومن فرصتين خطرتين تعرض مرمى الشيب إلى التهديد الحقيقي من قبل اللاعبين الهنود تارة من العمق وأخرى من الجانب، مما يؤشر إلى أن مدرب المنتخب الهندي الذي كان جزءًا من منتخب كرواتيا الذي نال المركز الثالث في كأس العالم بفرنسا 1998، وخلف الإنجليزي ستيفن قنسطنطين في المنصب بعد نهائيات أمم آسيا التي فاز بها منتخبنا يؤشر أنه يجيد التعامل مع المنافسين في الميدان وهو ما ظهر في المباراة الأولى أمام عمان والتي خسرها بالوقت القاتل والأخرى أمام الأدعم، وأن أكبر إنجاز لشتيماتس في مسيرته التدريبية هو مساعدة منتخب بلاده على التأهل لنهائيات كأس العالم 2014 بالبرازيل، وكانت آخر مهمة تدريبية له هي تولي مسؤولية نادي الشحانية في دوري نجوم qnb، بما أنه مدافع معروف فإنه يجيد التنظيم الدفاعي ويلعب بواقعية وحسب قدرات لاعبيه.
الإنجاز والضربة المتوقعة !
أعتقد أن الإنجاز الذي حققه الأدعم بفوزه باللقب القاري وما وصل إليه من تطور أكده في كوبا أميركا الأخيرة تجعل المنافسين أو أي منافس يتمنى أن يصمد أمامه أو يخرج بما هو إيجابي حتى وإن كان تعادلا، كون ذلك يعني الكثير له وللاعبين ليؤشر انه صمد وتعادل مع بطل القارية الآسيوية والمنتخب الذي سجل حضورا قويا في القارة، وهذه ضريبة نتوقع أن ندفعها أمام المنافسين، واتضح ذلك بصورة كاملة بعد انتهاء المباراة احتفل لاعبو الفريق الهندي وكأن الذي حصل هو حصولهم على لقب أو أنهم صنعوا إنجازا، وربما فعلا يعتبرون ذلك إنجازا لاسيما أن الفريق المقابل منتخب كبير وله بصمة في القارة، كما يضم مجموعة كبيرة من اللاعبين فضلا عن كونه يلعب في ملعبه وبين جماهيره التي ربما المرة الثانية التي تحضر في هذه التصفيات كونها تجد منتخبها من الطراز الأول الذي يمكن أن يرسم الفرحة على وجوهها، وسبق أن فعل ذلك لذا ترى أنه من واجبها أن تؤازره وتستمع بأداء لاعبيه ولمساتهم.
ماذا بعد التعادل ؟
لابد من القول إن بعض اللاعبين الذين تم الزج بهم لم يمثلوا تلك الإضافة التي كان يأملها المدرب منهم، فيما في الوقت نفسه وجدها أن غياب أكرم عفيف وكريم بوضيف قد ألقى بظلاله على الفريق لاسيما بالشق الهجومي، حيث كان أكرم يمثل الكثير من الحلول للمدرب ويسهم في صنع أو تسجيل الأهداف، ويؤدي بطريقة تتفوق على الرقابة الدفاعية التي دائما ما تفرض عليه أو على زملائه، مع التسليم أن وجود أكثر من لاعب واعد بالفريق يدعم مشوار المنتخب المستقبلي ومن بينهم يوسف عبد الرزاق، ولكن السؤال الذي يفرض نفسه هو ماذا بعد التعادل ؟
نقول إن التعادل أمر طبيعي وليس نهاية الدنيا ولا يمكن أن يقلل من مكانة ومستوى الادعم، وهو درس يجب أن نستفيد منه حتى نهيئ أنفسنا للمنافسين بالطريقة التي يمكن أن تفشل أسلوبهم وطريقة لعبهم التي تحاول أن تحد من قدرة المنتخب التي تتمثل في تسجيل الأهداف وهز الشباك وهو يملك أفضل لاعب وهداف آسيا، وأن النتيجة ستكون لها آثارها الإيجابية لاحقا بعد أن نستخلص العبرة منها، خصوصا أن المنتخب لم يزل في القمة وصدارة المجموعة وهناك مباريات أخرى سوف يكون فيها الادعم الذي نعرفة دائما صاحب الكلمة الفصل، وأنه سيبقى ذلك المنتخب الذي يبهر الآخرين، وكما قلت إن كرة القدم فيها الكثير مما هو ليس متوقعا !
copy short url   نسخ
12/09/2019
1274