+ A
A -
القدس- الوطن - أمين بركة
تظهر العديد من التقارير والوثائق المسربة في إسرائيل أن مفاعل ديمونا النووي، الذي يقع بصحراء النقب، بات يشكل هاجسا مرعبا، لا سيما في ظل التحذيرات المتتالية من خطورته جراء انتهاء عمره الافتراضي.
وتقر وثيقة سرية مسربة لمركز الأبحاث النووية الإسرائيلية بحدوث تسريبات إشعاعية في المفاعل، بالإضافة إلى أن المفاعل يعد بمثابة قنبلة موقوتة تهدد بكارثة إنسانية وبيئية في المنطقة قد تحصد آلاف الضحايا.
وتم إنشاء مفاعل ديمونا سنة 1957 وبدأ تشغيله في ديسمبر 1963 بطاقة 26 ميغاواتا، وهو مكون من 10 طوابق تحت الأرض، ويعمل فيه حوالي 2700 عالم وتقني منهم أزيد من 200 يعملون في أقسام سرية لا يسمح لغيرهم بدخولها مهما كان، نظرا لحساسيتها.
وبحسب، وثيقة مركز الأبحاث النووية في ديمونا التي كشف عنها مؤخرا، في إطار دعوى تعويضات قدمها عامل سابق في ديمونا، بعدما أصيب بمرض السرطان نتيجة عمله في المفاعل، فقد حصلت تسربات لمواد مشعة وحوادث على مر السنين في المركز.
وتشير الوثيقة إلى أن العامل تعرض لمواد مشعة، وأنه حصلت حوادث وتسربات لمواد مشعة في داخل المفاعل، ولكن دون تقديم أية تفاصيل بشأن ما حصل في تلك الحوادث، وحجمها ومدى الانكشاف للمواد المشعة.
إخفاء الحقائق
في السياق، يلمح أحد المشاركين في إقامة مفاعل «ديمونا»، البروفيسور الإسرائيلي عوزي إيفين، إلى خطورة المفاعل الذي يجري التستر على الحقائق والتفاصيل بشأنه بذريعة «أمن الدولة»، لافتا إلى أن قدرة المفاعل الروسي «تشرنوبل» تفوق قدرة مفاعل ديمونا بنحو 30 مرة. بالنتيجة، فإن ذلك ينسحب على النفايات النووية الناتجة، التي يؤدي انتشارها في حال وقوع حادث أو عملية إلى كارثة تمتد لعشرات أو مئات السنوات.
ونبه في تصريحات نقلتها صحيفة «هآرتس» العبرية إلى أن السبب الأول لانفجار المفاعل الروسي كان يكمن في مراحله الأولى وطريقة تخطيطه؛ فمفاعل من هذا النوع غير مستقر، وكان يجب عدم بنائه، أما مفاعل ديمونا، فهناك إخفاء حقائق حول تشغيله.
وأشار إلى أن مفاعل ديمونا صغير جدا مقارنة بتشرنوبل، ولكنه يعمل وينتج نفايات نووية منذ نحو 55 عاما، بينما تتراكم النفايات وتخزن في موقع المفاعل، لدرجة أن كمية النفايات المشعة التي تراكمت في ديمونا لا تقل كثيرا عن الكمية التي انتشرت في كارثة مفاعل تشرنوبل، والذي تم تفعيله مدة سنتين فقط قبل أن ينفجر.
وعن أسباب قلقه، يوضح أنه حتى لو كان خطر انفجاره، نتيجة حادث كما حصل في تشرنوبل، غير قائم، فإن إسرائيل «محاطة بأعداء طوروا أسلحة دقيقة بما يكفي لإصابة المفاعل ولا يمكن الاعتماد على أن اعتباراتهم ستدفعهم إلى تجنب استهداف واسع للمدنيين».
ويذكر أنه «في حال وقوع تخريب أو حادث، بسبب عمر المفاعل العجوز الأقدم في العالم ولا يزال يتم تشغيله، يجب أن يتم إخلاء مدينة ديمونا والعرب البدو في المحيط، ما يعني أنه سيتوجب إخلاء أكثر من 60 ألف شخص. فهل يعادل هذا الخطر الفائدة من استمرار عمل المفاعل؟ يبدو أن هذا التوازن اليوم لم يعد قاطعا».
إطالة عمر المفاعل
وتقول مصادر عبرية إن الحكومة الإسرائيلية تعمل بكل ما لديها من أجل إطالة عمر مفاعل ديمونا النووي حتى العام 2040 على الأقل، ليبلغ بذلك 80 عاما على إنشائه، فيما تكشف تقارير عليمة أن ديمونا يحتوي على مختبر نووي يدعى بهيروشيما الصغيرة، وأن ربع العاملين قد قضوا نتيجة إصابتهم بالسرطان.
وتستعمل المنطقة المغلقة حول المفاعل كمكب للنفايات المشعة في إسرائيل، حيث لا يدور الحديث عن دفن نفايات داخل مبنى ومكب نفايات محصن، بل دفن النفايات وتخزينها داخل حاويات وبراميل ضحلة، والتي قد تبلى وتتصدع وتصدأ وتتآكل، ما يعني إمكانية تسرب النفايات وحتى انفجار الحاويات والبراميل.
وقبل سنوات، قدم مراقب الدولة بالكيان، يوسف شبيرا، تقريرا سريا، قال فيه: «إن هناك انعدام تنظيم وعيوبا خطيرة تم اكتشافها في مفاعل ديمونا النووي وشركة روتيم للصناعات التابعة للمفاعل».
ويعد مفاعل (ديمونا) أهم منشأة نووية في إسرائيل، وهو حجر الأساس في النشاط النووي الإسرائيلي واستخدم منذ إنشائه لتخصيب اليورانيوم المستخدم في الأسلحة النووية ولهذا المفاعل قدرة كبيرة على إنتاج البلوتونيوم بمقدار تسع كيلوغرامات سنويا، بحيث تكفي لإنتاج قنبلة ذرية بقوة تفجيرية قدرها 20 كيلو طنا، وهي نفس القوة التفجيرية للقنبلة النووية التي ألقتها الولايات المتحدة على مدينة ناغازاكي اليابانية إبان الحرب العالمية الثانية.
وليست هذه المرة الأولى التي تتكشف فيها معلومات عن خطورة المفاعل، فقد كشفت سابقا مجلة «جينز أنتلجنس ريفيو» البريطانية عن وجود تصدعات وتآكل في جدران الفاعل، وأن مبنى المفاعل يعاني أضرارا جسيمة بسبب الإشعاع النيتروني، الذي ينتج فقاعات غازية صغيرة داخل الدعامات الخرسانية للمبنى، مما يجعله قابلا للتصدع وإصابة مئات العاملين فيه بالسرطان، بالإضافة إلى إصابة سكان المناطق المجاورة للمفاعل بأمراض خطيرة نتيجة التسريبات الإشعاعية التي تحدث بين الفينة والأخرى.
copy short url   نسخ
20/08/2019
3784