+ A
A -
مشروع الدولة الكردية في سوريا- ناهيك عن العراق وتركيا وإيران– قد يبدو واعداً وخاصة في نظر المروجين له، إلا أن الاستقلال الحقيقي للأكراد لا يزال بعيد المنال.
في أواخر يونيو الماضي، وفي اعقاب الموافقة على دستور النظام الاتحادي الكردي في شمال سوريا مستقبلاً، أعلن أكراد سوريا وحلفائهم بلدة القامشلي، في شمال غرب سوريا عاصمة لهم.
ومع ذلك، تظل الفيدرالية مختلفة عن فكرة الدولة. كما أن حقيقة أن الدستور يعني وجود علم وطني وعلاقات دبلوماسية مع الدول الأجنبية وخدمة عسكرية إجبارية، هي أمور لا تترك مجالاً للشك في حجم ومتطلبات الاستقلال المطلوب للنظام الكردي المأمول.
وبعيداً عن مدى ما حققه الأكراد من حكم ذاتي في شمال سوريا في السنوات الأخيرة، إلا أن الاستقلال الحقيقي لا يزال ضمن دائرة الأحلام، وهذه الحقيقة لا تنحصر فقط في المناطق الكردية في شمال سوريا فحسب، بل تنسحب على كردستان العراق، ناهيك عن التجمعات الكردية في تركيا وإيران، لأسباب يمكن اختزالها فيما يلي:
أولاً، الصراعات الإديولوجية الداخلية: تتبع المنظمات الكردية السياسية إديولوجيات متضاربة، ماركسية وقومية وإسلامية. ففي تركيا وسوريا يسيطر حزب العمال الكردي على التيار السياسي في التجمعات الكردية، ويطرح النموذج الثوري على حساب التيار القومي الذي يحكم كردستان العراق.
يضاف لذلك وجود الحركة الإسلامية الكردية التي تحتفظ بوجود قوي في برلمان كردستان العراق.
هذا الصراع الإديولوجي بين الجماعات الكردية ينعكس على التوجهات السياسية ويعيق الوحدة الضرورية لقيام دولة كردية كبرى.
ثانياً، العقبات السياسية: مع توزع العرقية الكردية على مناطق واسعة من إيران والعراق وسوريا وتركيا، من الطبيعي أن تكون السياسات الكردية على درجة عالية من التأثر بما يدور في هذه الدول، مما يعني أن السياسات الكردية تعاني من حالة صراع ليس بين الأكراد أنفسهم، بل بين التوجهات السياسية للقوة الاقليمية المعنية، وافضل مثال على ذلك الحرب العراقية- الكردية للفترة 1994 – 1997، حيث وجدنا أن الحزب الكردي الديمقراطي يختار التحالف مع صدام حسين بينما قرر حزب الوطني الاتحادي الكردي مناصرة الجانب الإيراني. ولمزيد من تعقيد الأمور، قررت تركيا مناصرة الحزب الديمقراطي الكردي نكاية بجلال طالباني الذي كان يتحالف مع حزب العمال الكردي الذي يحارب من أجل الانفصال عن أنقرة.
النتيجة هي أن النفوذ السياسي في مناطق توزع الأكراد في المنطقة مرتبط مباشرة بالسيطرة على الجماعات المسلحة الكردية. وفي المحصلة يمكن التأكيد على أن إقامة العديد من الدول المختلفة لعلاقات عمل مع الأحزاب الكردية المختلفة المشارب، لا يعني وجود من يدعم فكرة الاستقلال الكردي الحقيقي سواء من خلال حكم ذاتي موسع بسلطات فعلية، أو من خلال منح الأكراد استقلال حقيقي على شكل دولة.
ثالثاً، ضغوط إقليمية معاكسة للاستقلال الكردي: في ظل الحروب المشتعلة في سوريا والعراق، يجد الأكراد انفسهم مجدداً وسط جبهات مشتعلة.
copy short url   نسخ
12/08/2016
635