+ A
A -
ناصر جابي كاتب جزائري
الاحزاب كان لها نفس الخطاب ونفس طرق العمل، إذا استثنيا بعض الحالات التي تحول فيها خروج القيادات إلى المسيرات الأسبوعية إلى نوع من الحضور الإعلامي لا غير. لم يصل إلى مرحلة الانفتاح على هذا الحراك الشعبي للانطلاق في تجربة سياسية جديدة تكون في مستوى التحديات المطلوبة شعبيا في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ البلد.
اكتفت جل الأحزاب بتنظيم ندوات ومنتديات وإصدار بيانات وإلقاء خطب، داخل قاعات مغلقة حتى الآن حتى بالنسبة لتلك القيادات التي لا تحسن الخطابة السياسية أصلا. خطابات لم يصل صداها إلى المواطنين الجزائريين الذين استمروا في موقفهم المتحفظ من هذه الأحزاب المعارضة الذي عبروا عنه في بداية انطلاق المسيرات، برفض حضور قياداتها داخل الحراك نفسه.
تغير موقف المواطنين نسبيا من حضور بعض القيادات السياسية المعارضة داخل مسيرات الحراك دون أن يحصل ذلك التطور النوعي الذي تفترضه اللحظة السياسية النوعية التي تعيشها الجزائر، منذ انطلاق الحراك بسبب استمرار تبني القيادات الحزبية لاستراتيجية انتهازية تختلف كليا عن استراتيجية الحراك الشعبي، رغم ما يعانيه الحراك الشعبي نفسه من ضعف تنظيمي وتعثر في التوافق على قيادة، تكون ممثله له ومطبقة لأهدافه.
باختصار الأحزاب السياسية المعارضة، تريد استغلال غياب أحزاب الموالاة المفككة، للانقضاض على ما تعتقد أنها فرصتها التاريخية. الذهاب لانتخابات رئاسية - وتشريعية لاحقا- بسرعة، متناسية مطلب تغيير النظام السياسي الذي ينادي به الحراك الشعبي. لتلتقي بذلك مع مشاريع السلطة في الذهاب بسرعة إلى تغيير وجوه النظام وليس النظام في حد ذاته.
أحزاب ترفض حتى الآن أن تستوعب هذه اللحظة التاريخية التي تعيشها الجزائر للخروج بورقة طريق موحدة في مواجهة السلطة القائمة.
بدل البقاء في منطق الانقسامية السائد. الذي تزكيه الثقافة السياسية السائدة لدى هذه النخب السياسية المعارضة. كمنتوج لمرحلة العمل السياسي السري والأحادية والانشقاقات بكل آثارها النفسية والشخصية التي لازالت قائمة بين الأفراد والتنظيمات لحد الساعة. عادة ما تكون أكثر حضورا داخل أبناء نفس العائلة السياسية، وطنية كانت إسلامية أو ديمقراطية، حسب التصنيف السائد للساحة السياسية الجزائرية.
لتبقى هذه الأحزاب المعارضة رهينة لحظة ما قبل الحراك التي لم تتجاوزها إلى محطة ما بعد الحراك، مما يؤهلها إلى التجاوز من قبل المواطنين الجزائريين الذين لازالوا يتعاملون في العمق معها وفي الغالب الأعم كجزء من النظام السياسي الرسمي الذين يريدون تغييره والقطيعة معه. في انتظار أن تنجز هذه الهبة الشعبية وجوهها الشابة المعبرة عنها كلحظة قطيعة في التاريخ السياسي للجزائر.
{ (عن صحيفة القدس العربي اللندنية)
copy short url   نسخ
15/08/2019
221