+ A
A -
سمير صالحة كاتب وباحث تركي
هل تفجر تركيا ملف اللجوء مرة أخرى في وجه أوروبا، انتقاما من قرارات بروكسل؟ هذا هو أكثر ما يقلقهم اليوم بين الردود التركية، ولكن أنقرة قد تلعب بأوراق استراتيجية أخرى، أنقرة التي حسّنت من علاقاتها الاستراتيجية مع روسيا، في إطار خطط نقل الطاقة بين الشرق والغرب، أمام امتحان التدخل والعرقلة الأوروبية هذه المشاريع. ستكون مهمة الصواريخ الروسية حماية مصالح تركيا في شرق المتوسط طبعا، ولكن المفاجأة التي قد تخرج من تحت العباءة قد تكون أكبر وأهم.
ستتراجع تركيا عن الخطأ الذي ارتكبته قبل عقدين، عندما وثقت بأوروبا وتعهداتها بتسوية سياسية شاملة في قبرص تنهي التوتر وتفتح الأبواب أمام الجميع داخل الاتحاد الأوروبي. وبين الاحتمالات خطة العودة إلى سيناريو الاستفتاء الشعبي في قبرص الشمالية على الانضمام السياسي والدستوري إلى الجمهورية التركية، وعندها ستكون المواجهة التركية الأوروبية علنية ومباشرة، إذا ما أصر الجزء اليوناني مستقويا بأوروبا على تدمير البنية السياسية والاجتماعية والعرقية والدينية لشمال الجزيرة.
هناك أيضا حقيقة أن بعضهم في بروكسل يتناسى أن تركيا ما زالت واحدة من الدول الضامنة الثلاث في قبرص، حسب اتفاقيات لندن وزيوريخ عام 1959، وأن القوات التركية دخلت قبرص التركية، بناء على هذه الاتفاقيات، لمنع مخطط إلحاق الجزيرة بأكملها بالسيادة اليونانية، وأن قرار قبول قبرص اليونانية شريكا في الاتحاد الأوروبي قبل 17 عاما لا يلزم أنقرة وشريكها القبرصي التركي، لأنه يتعارض مع التعهدات والاتفاقيات والضمانات المقدمة بهذا الخصوص.
تقول أنقرة إن هدف خطة قبول قبرص اليونانية شريكا في الاتحاد كان فتح الطريق أمام التسويات الكبرى في شرق المتوسط، ولكن أوروبا فهمت المسألة أنها باتت تمتلك حق التمدد والانتشار وفرض القرارات على دول المنطقة ومصالحها ونفوذها في منطقةٍ تبعد عن باريس آلاف الكيلومترات. من حق من يحارب مصالح أنقرة في السودان والصومال وتونس وليبيا أن يحلم بمواجهة عسكرية تقع بين تركيا وأوروبا عبر تشجيعه على حربٍ من هذا النوع، ولكنه هو أيضا لن يسلم من ارتدادات الكارثة، لأنها ستتحول سريعا إلى مواجهة إقليمية، تعيد رسم الخرائط والمعادلات لمن يبقى على قيد الحياة.
{ عن «العربي الجديد»
copy short url   نسخ
20/07/2019
661