+ A
A -
قبل أن تظهر الدعوات للقومية العربية وباقي القوميات وتتأجج في نفوس أبنائها من رعايا الدولة العثمانية في منتصف القرن التاسع عشر، كانت الرابطة الإسلامية هي التي تجمع بين جميع شعوب الدولة العثمانية على اختلاف أجناسهم، فدولة الخلافة هي الجامعة لكل من يحيى على أراضيها، ويشهد بذلك تنوّع منابت أصحاب المناصب العليا في الدولة من صدور عظام ووزراء وولاة وقادة عسكريين، فكان منهم العرب والترك واليونانيون والبوسنيون والألبان والكروات والصرب والكرج والأرمن وغيرهم، وعندما كانت تأتي البشرى بأخبار انتصارات العثمانيين في أوروبا، كانت الأفراح تقام في اسطنبول ودمشق وحلب والقاهرة وغيرها من حواضر الإسلام.
كما تعددت الفتوحات.. ومنها على سبيل المثال فتح بورصة على يد أورخان بن عثمان (1281م-1362م)، ثم فتوحات البلقان على يد مراد الأول (1326م-1389م) حتى استشهاده على أرض المعركة في كوسوفا، ثم بايزيد الصاعقة (1354م-1403م) الذي حاصر القسطنطينية ولم يرفع عنها الحصار حتى وافق إمبراطور القسطنطينية على إقامة حي للمسلمين وبناء مسجد وتعيين قاض مسلم فيها، ثم كان فتح القسطنطينية على يد محمد الفاتح (1387م-1421م)، والذي كان نقطة تحول في تاريخ الدولة ككل.
كما تدخلت الدولة العثمانية في عهد السلطان سليم الأول (1470م-1520م) وأوقفت زحف البرتغاليين الذي حاصروا الحجاز والخليج العربي والبحر الأحمر من كافة المنافذ، وكانوا يستهدفون الوصول لجدة والحرمين والمسجد الأقصى.
وفي عهد السلطان سليمان القانوني (1494م-1566م)، دقت الفتوحات أبواب بلجراد ورودس وبودابست ووصلت القوات العثمانية إلى فيينا، وهذا إنجاز عسكري لم تبلغه أي دولة إسلامية على مدار التاريخ.
وفي شمال أفريقية، تصدى العثمانيون لمحاولات الإسبان والبرتغال وفرسان القديس يوحنا المتكررة للسيطرة على مدن الشمال الإفريقي وضمها لحكمهم، وعندما سقطت غرناطة عام 1492، تمكنت الدولة العثمانية من إنقاذ الآلاف من المسلمين واليهود من الاضطهاد الإسباني.
ولجمع المسلمين تحت راية واحد وموقف موحد بعد التشرذم الذي أصاب المسلمين في نهاية عهد الدولة العثمانية، قام السلطان عبد الحميد الثاني بالدعوة إلى الجامعة الإسلامية للم شمل المسلمين على اختلاف لغاتهم ومشاربهم، ولكن هذه الفكرة لم يكتب لها النجاح لاعتراض المتربصين بالدولة عليها.
كما قام السلطان عبد الحميد الثاني (1842م-1918م) بإنشاء السكة الحديدية، والتي تصل بين دمشق والمدينة المنورة، وأما موقفه من محاولات اليهود للاستيطان في فلسطين، فقد خلّده التاريخ، فرفض أن يتخلى عنها رغم الملايين التي بذلت لذلك، وجعل بيت المقدس تابعة للباب العالي مباشرة تحت إشرافه، بعد أن ظلت زمنا تابعة لباشا دمشق.
ختاماً، هذه بعض مآثر الدولة العثمانية وفضائلها، وهي أكثر من أن تعد وتحصى، فلا ينكر فضل العثمانيين ويفتري عليهم إلا جاهل بالتاريخ يصدق كل ما يسمع دون تثبُّت ولا برهان، أو مغرد مأجور، أو مدعٍ للعلم متملق، أو متصهين حاقد باع أمته لأجل كرسيٍّ فانٍ، وأعلنها لقومه مدوية، فقال: ما أريكم إلا ما أرى، فليس لكم قرار ولا شان، فيا ليت شعري، هل لتغريدات هؤلاء أو كلامهم معنىً في وزن البيان!أسامة السيد عمر
copy short url   نسخ
20/07/2019
2755