+ A
A -
نور أبو شادي
إن أهم شيء للإنسان أن يكون عنده تقدير عال لذاته، وهذا يأتي من الصورة العقلية التي يرسمها في عقله عن ذاته هو، هل هو ناجح، أم فاشل، أم سعيد، أم تعيس؟ وغيرها من التعبيرات السلبية أو الإيجابية، وعليه فإن العقل هو أساس تصرف الإنسان وتخيله لكل شيء. وبمقدار وجود صورة عقلية ممتازة عن ذات الإنسان، يجعل الإنسان عنده تقدير عال لذاته، أو عنده صورة إيجابية عنها.
ومن فوائد التقدير الذاتي أنه يجعل الإنسان أكثر تقدماً في حياته، معتزاً بنفسه، واثقاً في قدراته، عنده المقدرة على مواجهة الصعاب وقهرها بكل سهولة ويسر، تجعل عنده المقدرة الفائقة على اتخاذ القرار، وحل المشكلات. أما في حالة عندما يكون المرء عنده تقدير متدن لذاته، فهذا له أضرار سلبية كما يقول رانجيت سينج مالهى في كتابه تعزيز قدرات الذات: «وانخفاض مستوى تقدير المرء لذاته يخلق العقبات الذهنية التي تنبذ الأفكار الإيجابية».
يقول روبرت شولر: «لقد لاحظت أن التفكير الذي لا يرى صاحبه في ظله شيئا مستحيلا لا يمكن أن يتواجد في المرء ما لم يكن يقدر ذاته بدرجة عالية ويؤمن بما يمكن أن يكونه».
وتكمن المشكلة في أن الكثير منا عنده تقدير متدن لذاته، وذلك بسبب البرمجة السلبية التي اكتسبناها من الوالدين، أو من المجتمع، أو من المدرسة، أو من الأصدقاء، في صور شتى مثل: أنت غبي، أنت لا تفهم، أنت لن تنجح في المدرسة، لن تفهم مادة الانجليزي...وغيرها من الألفاظ التي عانى جميعنا من سماعها وكان لها أكبر الضرر علينا. ووفقا للأبحاث، يقول رانجيت مالهى: إن حوالي 66 % منا لديهم تقدير متدن للذات وهذا يعوقنا عن الإنجاز وتحقيق طموحاتنا.
وطبقا لدراسة في كلية الطب بسان فرانسيسكو عام 1986 أن أكثر من 80 % التحدث مع الذات سلبي وهذا ما يشير إلى قوله تعالى: (إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربى) وهذا التحدث السلبي يسبب أكثر من 75 % من الأمراض، منها: أمراض القلب، وقرحة المعدة، وضغط الدم.
والسؤال: كيف نحول هذا التحدث السلبي مع الذات إلى إيجابي؟ ببساطة شديدة يمكننا أن نحول هذه الأفكار السلبية عن ذاتنا، والتي أودعها الآخرون في عقولنا، وكونت نموذجا لذاتنا يتماشى مع ما يقولونه ويصفوننا به، والتي تضر بتفكيرنا وصحتنا، إلى تفكير إيجابي يُشعِرنا بقيمتنا ووجودنا الحقيقي في هذه الحياة، ويمكن أن يحدث ذلك بالتدريب الحق – تدريب العقل على التفكير الإيجابي حيال أنفسنا وحيال الآخرين– فالعقل كنز عظيم وهبه الله تعالى لنا دون مقابل وللأسف الشديد فنحن لا نستفيد من قدراته الهائلة إلا القليل جدا كما يقول رائد علم النفس الأميركي وليم جيمس: «نحن نستخدم أقل من 10 % من قدراتنا العقلية». والعقل يعينك على ما أنت عليه من نجاح أو فشل، فلماذا لا تستخدمه لصالحك؟
نحن نولد على الفطرة مؤهلين للبرمجة الصحيحة ولتقبل أي شيء، ولكن للأسف يتم برمجتنا بالأفكار السلبية سواء من: الوالدين، أو المحيط العائلي، أو من الإعلام، أو من المدرسة، أو من الأصدقاء، ومن حسن الحظ أننا يمكننا تغيير هذا التقدير المتدني لذاتنا.. لماذا؟ لأن تقدير الذات مكتسب من الآخرين والوسط الذي نعيش فيه، فمن الممكن أن يكتسبه المرء ويقويه أثناء أي مرحلة من مراحل حياته فيما يعود عليه بالنفع، ويمكنك إعادة برمجة ذاتك أنت بما يتماشى مع تفكيرك، وبما يعود عليك بالنفع، ضاربا بهذه الأفكار التي ورثتها من المحيطين بك عرض الحائط، فآراء هؤلاء جميعا لن تدل عليك، وأنت الوحيد الذي تقرر أي إنسان تريد ناجحا، أم فاشلا... ولذلك يقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: «لا يحقرن أحدكم نفسه».
تقول فرجينيا ساتير: «ذاتي ملكي أنا، ويمكنني أن أصنعها» فاصنع ذاتك بما يجب أن تكون عليه من النجاح والتفوق والإيجابية التي تحقق بها أهدافك في حياتك.
خبير تنمية بشرية
[email protected]
copy short url   نسخ
20/07/2019
1869