+ A
A -
كتب – محمد حمدان
أظهرت بيانات جهاز التخطيط والاحصاء ارتفاع حجم التبادل التجاري بين دولة قطر والولايات المتحدة الأميركية في الربع الأول من العام الجاري (احدث بيانات متاحة) بنسبة 9.4 % على أساس سنوي حيث ارتفعت من مستوى 5.29 مليار ريال في الربع الأول من العام الماضي لتصل إلى مستوى بلغ 5.79 مليار ريال في الربع الأول من العام الجاري، كما اشار تقرير جهاز التخطيط والاحصاء، «لإحصاءات التجارة الخارجية السلعية السنوية 2018»، إلى أن حجم التبادل التجاري بين دولتي قطر والولايات المتحدة الأميركية خلال العام الماضي بلغ مستوى 26.4 مليار ريال، حيث بلغت صادرات دولة قطر إلى الولايات المتحدة حوالي 4 مليارات ريال بينما بلغت وارداتها مستوى 22.4 مليار ريال.
وتربط بين دولة قطر والولايات المتحدة الأميركية علاقات اقتصادية متميزة، حيث اختتم حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى والوفد المرافق خلال الشهر الجاري زيارة رسمية إلى الولايات المتحدة الأميركية، وقد ركزت المباحثات خلال الزيارة على تعزيز آفاق التعاون الاستراتيجي بين دولة قطر والولايات المتحدة في مجالات متنوعة.
وقال مراقبون إن تزايد حجم التبادل التجاري بين دولة قطر والولايات المتحدة الأميركية دليل على طموح قيادتي البلدين في الارتقاء بالعلاقات وتعزيز المصالح المشتركة، لافتين إلى ان هناك تبادلا للاستثمارات حيث تتركز استثمارات قطر في أميركا في قطاعات الخدمات المصرفية والمالية والطاقة والتكنولوجيا والضيافة، في المقابل تعمل الشركات الأميركية في قطر في مجالات البناء والطاقة والخدمات فضلاً عن استضافة دولة قطر لست فروع من الجامعات الأميركية المرموقة في المدينة التعليمية، متوقعين أن تشهد السنوات المقبلة نمواً في العلاقات بين البلدين بناءً على حجم الاستثمارات المتوقعة والتبادل التجاري والطموح نحو تعزيز الشراكات الاقتصادية.
وأوضحوا لـ الوطن، ان قطر ومنذ فرض الحصار الجائر عليها في الخامس من يونيو 2017 استطاعت ان تقلب الطاولة على المحاصِرين، حيث توسعت علاقاتها الخارجية التجارية والاقتصادية مع الولايات الأميركية ودول الاتحاد الاوروبي وإفريقيا وآسيا وبعض الدول العربية وشهدت نقلة نوعية في توطيد أواصر التعاون، وتأتي علاقة قطر مع أميركا في سياق تحقيق المصالح الاقتصادية المشتركة، مؤكدين ان الولايات المتحدة الأميركية تتمع ببيئة استثمارية جاذبة من حيث القوانين والتشريعات وكافة الضمانات المطلوبة للمستثمر.
وفي التفاصيل قال أحمد جاسم الجولو رئيس اتحاد المهندسين العرب ورئيس مجلس جمعية المهندسين القطرية، إن الولايات المتحدة الأميركية تعتبر قوة اقتصادية وسياسية وعسكرية كبيرة، حيث تعتبر أميركا بمثابة قارة كاملة ولديها كثافة سكانية عالية وتتوافر فيها فرص جيدة وقوانين استثمارية جاذبة، مشيراً إلى ان الاقتصاد الأميركي تتوافر فيه فرص في البنية التحتية والعقارات والتكنولوجيا والطاقة، ولذلك فإن المناخ الاستثماري الجاذب في الولايات المتحدة هو الذي شجع على نمو وزيادة الاستثمارات القطرية فيها.
وأضاف، مما لا شك فيه ان دولة قطر تدرس إمكانية اخيتار المشروعات الاستثمارية الجيدة في مختلف المجالات وسوف تباشر تنفيذ الأعمال بما يحقق مصلحة البلدين، لافتاً إلى ان الاتفاقيات الموقعة بين البلدين ستسهم في نقل العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين إلى آفاق أرحب وأفضل، مشيراً إلى ان تفاصيل التبادل التجاري بين البلدين تعكس التعاون الوثيق وتبشر بآفاق أرحب، حيث تتمثل الصادرات الأميركية الرئيسية إلى قطر في الطائرات والمركبات والآلات الكهربائية والأجهزة الطبية، بينما تتمثل واردات الولايات المتحدة الأميركية من قطر في الوقود والأسمدة.
بدورة قال المستثمر حمد صمعان الهاجري، إن الاستثمارات القطرية تعتبر من أبرز الاستثمارات العربية في أميركا، مشيراً إلى أن زيارة سمو الأمير اعطت دفعة قوية للعلاقات بين البلدين كما توثقت العلاقات بين البلدين بصورة اكبر، لافتاً إلى أن هناك نمواً في زيادة في وتيرة الاستثمار العقاري والتكنولوجيا وقطاعات الطاقة، كما ان توسع الاستثمارات القطرية في أميركا ياتي متماشياً مع مرونة القوانين والتشريعات الأميركية، ولذلك شكلت هذه الاستثمارات رافداً مهماً في السوق الأميركي من النتعاش الاقتصادي وتوفير فرص العمل.
وأوضح أن الدوحة ترتبط بعلاقات قوية مع واشنطن وان الاتفاقيات المبرمة بين الطرفين تمثل ترجمة فعلية للعلاقات المتطورة، مشيراً إلى ان الاتفاقيات الثنائية شملت جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والدفاعية، متوقعاً أن تنتقل علاقات البلدين إلى آفاق ارحب خلال السنوات المقبلة.
وقد شكلت زيارة صاحب السمو للولايات المتحدة الأميركية نقلة نوعية في العلاقات الاقتصادية بين البلدين، ويبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين أكثر من 185 مليار دولار، مع توقعات بمضاعفته للثقه في الاقتصاد الأميركي، كما تقدّر استثمارات قطر في الولايات المتحدة بعشرات المليارات من الدولارات، وتشمل قطاعات مُتعدّدة مثل التكنولوجيا، الإعلام، الطاقة، العقارات وغيرها، وتستوعب هذه الاستثمارات في سوق العمل الأميركي حالياً حوالي مليون وظيفة، ويفوق التعاون الاقتصادي بين الدولتين 125 مليار دولار، وتتطلع الدولتان لمضاعفة هذا التعاون خلال السنوات القادمة.
اتفاقيات عديدة
ووقعت دولة قطر عقودا تجارية عديدة مع خمس من كبريات الشركات الأميركية شملت الاتفاقيات: «شراء الخطوط الجوية القطرية خمس طائرات شحن جوي من طراز بوينغ 777، وتعهد الخطوط الجوية القطرية بشراء طائرات كبيرة من شركة جلف ستريم للطيران، واتفاقية بين قطر للبترول وشركة شيفرون فيليبس للكيماويات الأميركية لتطوير وبناء وتشغيل مجمع للبتروكيماويات في دولة قطر، واختيار الخطوط الجوية القطرية لمحركات طائرات من شركة جنرال إلكتريك والاستعانة بخدماتها لتشغيل طائراتها من طرازي 787 و777».
كما أعلنت قطر للبترول، عزمها استثمار 20 مليار دولار على الأقل بالولايات المتحدة على مدى السنوات القليلة المقبلة، فيما خصّصت الخطوط الجوية القطرية نحو 92 مليار دولار لدعم الاقتصاد الأميركي من خلال شراء 332 طائرة أميركية الصنع. وأعلن جهاز قطر للاستثمار ومجموعة دوغلاس إيميت الأميركية مؤخراً الاستحواذ على مشروع جليندون - المجمّع السكني في ويستوود بولاية كاليفورنيا الأميركية بقيمة 365 مليون دولار، ويأتي هذا الاستحواذ تماشياً مع ما أعلنه الجهاز مسبقاً عن عزمه ضخ استثمارات بقيمة 45 مليار دولار في جميع أنحاء الولايات المتحدة خلال الأعوام المقبلة.
شريك تجاري
وتعد الولايات المتحدة سادس أكبر شريك تجاري لدولة قطر، وقد بلغ حجم التبادل التجاري بين الدولتين ما يقارب 26.4 مليار ريال العام الماضي، وتعمل في السوق القطري 650 شركة أميركية، منها 117 شركة برأس مال أميركي مائة بالمائة و55 شركة تعمل تحت مظلة مركز قطر للمال والباقي شركات برؤوس أموال مشتركة.. ويوجد بدولة قطر ما يقارب 15 ألف مواطن أميركي، منهم حوالي خمسة آلاف يعملون في وظائف تتطلب كفاءات ومهارات عالية وذلك ضمن القطاع الخاص.
ويشمل التعاون بين البلدين القطاع التعليمي، حيث تستضيف قطر فروعاً لمجموعة من أرقى الجامعات الأميركية، التي تحتل الصف الأول في قوائم الجامعات الدولية، وهي جامعات وايل كورنيل للطب، وتكساس، ونورث ويسترن، وكارنيجي ميلون، وجورجتاون، وفرجينيا كومنولث، وهناك أكثر من 1200 طالب قطري يدرسون حالياً في مختلف التخصصات والدرجات العلمية بالجامعات الأميركية.
ولم يقتصر التعاون القطري - الأميركي على مجالات التجارة والاستثمار والثقافة فحسب، بل امتد ليشمل المجال الإنساني أيضاً حيث تبرّعت دولة قطر بما قيمته 130 مليون دولار لمساعدة متضرّري إعصار كاترينا وإعصار هارفي، في مؤشر يؤكد أن العلاقات الثنائية بين البلدين تهدف بشكل أساسي لخدمة مصالح شعبيهما ومساعدة بعضهما في التغلب على التحديات والاستفادة من كافة الفرص المتاحة.
تعزيز التعاون
وفي العام 2015 أعلن جهاز قطر للاستثمار عن تخصيص استثمارات بقيمة 45 مليار دولار في الولايات المتحدة الأميركية على مدى خمس سنوات، خصصت 10مليارات دولار منها لقطاع البنية التحتية في أميركا. وقامت الخطوط الجوية القطرية بافتتاح خط مباشر بين مدينة الدوحة ومدينة ميامي منذ أربع سنوات بما عزز وصول قطاع الأعمال في فلوريدا.
وقد شهد شهر يوليو 2018 إعلان كتارا للضيافة عن توسيع محفظتها العالمية من الفنادق بامتلاك فندق بلازا، أحد أبرز الأيقونات المعمارية في مدينة نيويورك، والذي كان يملكه في الماضي الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في صفقة قيمتها 600 مليون دولار، وتُعد هذه أول عملية استحواذ للشركة في الولايات المتحدة الأميركية.
وتمضي دولتا قطر والولايات المتحدة لتعزيز دعمهما القوي وتوسيع العلاقات الثنائية بينهما وتعزيز التعاون والسلام والرخاء العالميين.. فضلاً عن التزاماتهما بتعزيز التجارة والاستثمار، وأكدت دولة قطر أن الولايات المتحدة تمثل شريكها الأكبر في مجال الاستيراد حيث إن 18 % من جميع واردات قطر أتت منها في عام 2018.
وتتصف العلاقات القطرية الأميركية بأنها علاقات قوية وراسخة وتمتد لأكثر من 45 عاماً، وتحتل دولة قطر مكانة متميزة ومتقدمة على خريطة العلاقات الأميركية، باعتبارها حليفاً وشريكاً استراتيجياً وصديقاً موثوقاً للولايات المتحدة. وقد شهدت هذه العلاقات تطوراً كبيراً منذ التسعينيات من القرن الماضي، خاصة في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والعسكرية والثقافية.
وتربط البلدين علاقات اقتصادية واسعة النطاق، ومن أجل تعزيزها وتطويرها، نظّمت دولة قطر في الدوحة خلال أكتوبر الماضي، منتدى الأعمال القطري - الأميركي، الذي تم خلاله التباحث في سبل تعزيز الاستثمارات المتبادلة وعلاقات التعاون التجاري والاقتصادي.
copy short url   نسخ
20/07/2019
1623