+ A
A -
عمر كوش كاتب وباحث سوري
في عام 1976 فرضت قوات النظام السوري حصاراً خانقاً ومرعباً على مخيم تل الزعتر في بيروت،وترافق بعمليات تنكيل وتعذيب وعقاب جماعي في حق سكان المخيم الذي كان يقطنه عشرات آلاف الفلسطينيين إلى جانب فقراء اللبنانيين. واقتحمته قوات الأسد والمليشيات المسيحية التابعة له في ليلة 14 أغسطس/‏ آب 1976، بعد إنهاك أهله المستضعفين بالجوع والرعب والقصف المركّز، ونفّذت المليشيات الطائفية مذبحة مروّعة فيه، ذهب ضحيتها أكثر من ثلاثة آلاف فلسطيني.ولم يكتف نظام الأسد الأب بذلك، بل لاحق التنظيمات الفلسطينية، حتى أرغمها بالقوة على الخروج من لبنان.وسار نظام الأسد الابن على خطا الأب نفسها في التعامل الوحشي مع الفلسطينيين بعد اندلاع الثورة السورية.ومع ذلك، يستجدي محمود الزهار بشكل مهين عودة العلاقات معه، قافزاً على الدم الفلسطيني الذي أراقه هذا النظام، بل تمادى
في التذلل له، حين وصف قلوب المجرمين في نظام الأسد بالمجروحة، الأمر الذي يتعدّى التعبير عن الامتنان للحكومة الإيرانية ، مع أن القاصي والداني يعلمان تماماً أن دعم إيران «حماس» وسواها يدخل ضمن حسابات المشروع الإيراني وتوظيفاته في المنطقة والإقليم، الساعي إلى الهيمنة وبسط النفوذ على دولها وشعوبها، وليس لدواعي مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، حسبما يحاول تسويقه الزهار وسواه في «حماس» وغيرها، عبر المخاتلة والتزييف في الخطاب والتوجه، وكأن وعيهم السياسي أصابه قصور عميق أفقدهم البصر والبصيرة.
ولعل الاستجداء الذي يبديه الزهار والتيار الذي ينطق باسمه داخل «حماس»، حيال النظامين الإيراني والسوري، يأتي في وقت يواصل فيه نظام الأسد هجومه على الحركة التي سبق وأن وصفها هذا النظام بأنها مجموعة «لفظها الشعب السوري منذ بداية الحرب ولا يزال»، وأن «الدم الإخواني هو الغالب لدى هذه الحركة.. وسارت في المخطط نفسه الذي أرادته إسرائيل»، وذلك لأن رأس هذا النظام يرى أن «الإخونجي هو إخونجي في أي مكان يضع نفسه فيه».ويبقى أن قادة حركة حماس الذين يستجدون نظام بشار المجرم ويدعون إلى عودة العلاقة معه إرضاءً لنظام الملالي الإيراني، يعون جيداً أن ثمن تقرّبهم من النظام السوري بخس على حساب الدم الفلسطيني ودماء السوريين. ولكنهم باتوا لا يكترثون لذلك، بعدما خسروا ما كانوا يسوقونه، بوصف حركتهم فصيلاً مقاوماً وكفاحياً ضد الاحتلال الإسرائيلي، وأخفقوا في البرهنة على قدرتها على إدارة مجتمع فلسطيني تحت حصار الاحتلال، باستثناء إثبات قدراتها الأمنية والقمعية بوجه الفلسطينيين في غزة، عبر لجوئها إلى القمع والعنف لمواجهة أي حراك ضد سطوتها وسلطتها الأحادية الانفرادية.
copy short url   نسخ
16/07/2019
322