+ A
A -
مدريد- الوطن- زينب بومديان
تحتفظ مدينة طليطلة الإسبانية بتاريخها العريق في صناعة السيوف الحربية والخناجر على الطراز القديم، ففي السوق القديم وسط المدنية، تصطف ورش الحدادة الصغيرة متجاورة متنافسة فيما بينها لإنتاج سيوفاً كانت قديما عنوان المدينة وهويتها، وكانت مركز تسليح جيوش العرب الذين فتحوا الأندلس وبنوا حضارتها، منذ أن وطأتها قدم الفاتح العربي الشهير، طارق ابن زياد، عام 712م، وانتصاره في معركة وادي لكه، على القوط، وأعلن مدينة طليطلة عاصمة للأندلس، واليوم تنتج هذه الورش نفس السيوف الطليطلية البتارة بغرض الزينة، فلا يخلو منزل في المدينة القديمة التي يبلغ عدد سكانها حوالي 90 ألف نسمة من السيوف والدروع الحربية، تزين الحوائط اعتزازا بتاريخ المدينة، التي كانت في عصور مضت «مركز تسليح الأندلس»، ونقطة انطلاق الجيوش.
أول عواصم الأندلس
وقال ماريو أميريكو، استاذ التاريخ بجامعة برشلونة لـ«الوطن»، ان مدينة طليطلة كانت عاصمة لدولة القوط الغربيين، وكانت تشتهر بالفولاذ، وكان القوطيون يصنعون السيوف لكن لم يكن الأمر متطورا كما حدث بعد ذلك بعد الفتح الإسلامي للمدينة، كأول إمارة يفتحها المسلمون عام 712م، بعد انتصار القائد طارق بن زياد في معركة وادي لكه، وكانت طليطلة اسمها «توليدوت»، وهو اسم إغريقي قديم، لكن العرب حرفوه ليصبح «طليطلة» واستمر اسمها كذلك حتى اليوم، ونظراً لتمركز جيوش المسلمين في طليطلة لفترة ممتدة لحوالي عشر سنوات، استغلوا وفرة الفولاذ في المنطقة، وأنشأوا ورش الحدادة لصناعة سيوف وخناجر ودروع وحراب الجنود والفرسان، فتحوت المدينة خلال أقل من عام إلى مركز صناعة الأسلحة في الأندلس كلها، ومع فتح المدن الإسبانية أو مدن الأندلس انذاك، المدينة تلو الأخرى، كانت صناعة السيوف تزدهر أكثر، وأصبحت تجارة رائجة تنقل من طليطلة إلى جميع أنحاء الأندلس وأوروبا، وتوسع الأمر حتى بعد نقل عاصمة الأندلس إلى غرناطة بعد حوالي عشر سنوات، ظلت طليطلة هي مركز صناعة السلاح حتى اليوم، لكن بعد سقوط الأندلس في القرن السادس عشر – بعد ثمانية قرون- كانت صناعة السيوف قد حفرت في هوية المدينة كما تحفر ثنايا السيوف وأسنان الرماح، وأصبح امتلاك السيف الطليطيلي مدعاة فخر، ولا يخلو منزل في طليطلة اليوم من سيف وخنجر ودرع تعلق على الحوائط، اعتزازا بتاريخ المدينة في صناعة السيوف.
تراث
وأضاف إرنست أي جاسيت، صاحب ورشة تصنيع سيوف في سوق طليطلة القديم، أن السيوف الطليطلية كانت مميزة في العهد الاسلامي منذ عام 713م تقريباً حتى اليوم، وتتميز المتانة والحدة، وتأخذ أشكالا عديدة، منها السيف «المأثور، والبتار، والحيف، والصمصامة، والمعصوب» وهي أسماء مازالت متداولة حتى اليوم في سوق السيوف، وكل سيف له خصائص وسمات مختلفة عن الآخر، وكلها من الفولاذ الصلب، وتصنع يدوياً كما كانت في الماضي ولا دخل للآلة الحديثة إلا في أمور بسيطة للغاية، وأفخم السيوف وأكثرها اقتناء للزينة في طليطلة تحمل أسماء سيوف قادة عرب.
copy short url   نسخ
06/07/2019
3885