+ A
A -
قالت صحيفة The Washington Post الأميركية، في افتتاحيتها أمس، إنَّ موت الرئيس المصري الاسبق محمد مرسي في السجن بهذه الطريقة يقدم دليلاً حياً على تراجع حقوق الإنسان في بلدٍ كان يطمح في الماضي إلى وضع معايير سياسية للشرق الأوسط.
وأضافت الصحيفة الأميركية أن موت مرسي الذي يُعَد هو الأول والوحيد المنتخب ديمقراطياً داخل قفصٍ زجاجي كان محبوساً فيه في إحدى محاكم القاهرة، حيث كان يواجه أحدث محاكمةٍ في سلسلة طويلة من المحاكمات الجائرة، يوضح سوء المعاملة الجسيم الذي تعرض له مرسي على مرِّ السنوات الست الماضية.
مرسي سُجن هو والعشرات
وبحسب الصحيفة الأميركية، فإن مرسي دُفِع إلى قلب الثورة الديمقراطية المصرية بعدما اختارته جماعة الإخوان المسلمين مرشحاً لها في الانتخابات الرئاسية لعام 2012، والذي تمكن من الفوز على مرشح الدولة العميقة الفريق أحمد شفيق، كان لديه مهارات سياسية قليلة في البداية، لكنه فاجأ خصوم حركته الإسلامية بالسعي إلى إقامة علاقاتٍ جيدة مع الولايات المتحدة والحفاظ على معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، حتى اندلاع مظاهرات شعبية جماهيرية وفَّرت حجة للانقلاب الذي قاده السيسي في يوليو من عام 2013 والقمع الدموي الذي أعقبه.
سُجِن مرسي مع عشرات الآلاف الآخرين، الذين ما زال معظمهم في السجن، وطوال السنوات الست الماضية، كان محجوزاً في الحبس الانفرادي، ولم يُسمح له برؤية أسرته إلَّا ثلاث مراتٍ فقط، وتجاهلت السلطات احتجاجاته واحتجاجات المراقبين الخارجيين على أنَّه لم يكن يتلقى علاجاً مناسباً لمشكلاته الصحية، التي كانت تتضمَّن مرض السكري ومشكلات مزمنة في الكبد، لدرجةً أنَّ هناك لجنة من المحامين والساسة البريطانيين وجدت في العام الماضي 2018 أنَّ معاملته يمكن أن توصف بأنها «تعذيب»، وفي الوقت نفسه، خضع لمحاكماتٍ متعددة في مجموعة من التهم الملفقة، آخرها التجسس، بحسب الصحيفة الأميركية.
تحقيق مستقل في وفاة الرجل
وقد دعت منظماتُ معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان، بما في ذلك في الأمم المتحدة، إلى إجراء تحقيق مستقل في وفاة مرسي، وهو تحقيقٌ مُستبعد حدوثه بقدر ما هو مطلوب، لكنَّ قصة مرسي ربما ستُسلِّط تركيزاً أكبر على فساد نظام السيسي، المُدان بارتكاب أسوأ الجرائم ضد حقوق الإنسان على الإطلاق في تاريخ مصر الحديث، فبالإضافة إلى سجن عشرات الآلاف، تعرَّض الآلاف من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين أو معارضي النظام الآخرين للتعذيب أو القتل المباشر على أيدي قوات الأمن، وقُضِي على الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني التي كانت تعارض مرسي، وأخرِسَت الصحافة التي كانت تعددية يوماً ما.
وتجدر الإشارة إلى أنَّ الولايات المتحدة مكَّنت هذه الأعمال المروعة باستمرار، إذ تواصل تزويد الجيش المصري بمبلغ 1.3 مليار دولار في إطار مساعداتٍ سنوية، وصحيحٌ أنَّ الكونغرس فرض شروطاً تستوجب احترام حقوق الإنسان لتقديم هذه المساعدات، لكنَّ إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تنازلت عنها، فيما استقبل ترامب السيسي مرتين في البيت الأبيض، ووصفه بأنه «رئيس عظيم»، فاحرصوا على تدوين أنَّ هذا الرئيس العظيم تحديداً قد أشرف للتو على الميتة القاسية الجائرة التي تعرَّض لها سلفه.
copy short url   نسخ
20/06/2019
698