+ A
A -
فلسطين - الوطن - أمين بركة
أثارت الهجمات التي تعرضت لها ناقلتا نفط بخليج عمان، ومن قبلها حادثة ميناء الفجيرة في الإمارات، تساؤلات عديدة، من قبيل: من الجهة التي تقف وراء هذه الهجمات؟، وما دلالات توقيتها في ظل التصعيد الإيراني الأميركي المتبادل؟، ومن المستفيد الأكبر من إشعال الأوضاع في منطقة الخليج العربي؟
ولعل المثير للجدل في هذه الهجمات، أن توقيتها حساس للغاية لا سيما في ظل التخوفات الكبيرة مما سيؤول إليه التصعيد بين الولايات المتحدة الأميركية والجمهورية الإسلامية الإيرانية وارتدادات هذا التصعيد على المنطقة بشكل خاص والعالم بشكل عام.
ويؤكد محللون ومتابعون أن توقيت هذه الهجمات خطير جدا خاصة في ظل الأوضاع الحرجة واللحظات الفارقة التي تمر بها المنطقة العربية.
ويشدد هؤلاء في أحاديث لـ «الوطن»، على أن أعداء الأمة هم المستفيدون الوحيدون من مثل هكذا حوادث.. وربطوا الأمر ببعض الأطراف التي تريد إشعال المنطقة والاستفادة من التصعيد الإيراني الأميركي المتبادل لتأجيج وتفتيت المنطقة وسرقة ونهب ثرواتها وجعلها أسيرة حروب وصراعات عبثية.
تبعات خطيرة
ويشدد الكاتب والمحلل السياسي محمد شاهين على أن حوادث التفجيرات الأخيرة التي استهدفت ناقلات النفط في خليج عمان ومن قبلها تفجيرات ميناء الفجيرة في دولة الإمارات تحمل تبعات خطيرة للغاية وهي تستهدف في المقام الأول السلم والأمن الدوليين، كما تهدد الملاحة العالمية، وتستهدف خطوط إمداد النفط العالمية، بالإضافة إلى أنها قد تؤدي إلى اندلاع حرب طاحنة في المنطقة لا يحمد عواقبها.
وأشار شاهين خلال حديثه لـ «الوطن»، إلى أن هناك العديد من السيناريوهات التي يمكن وضعها حول هذه الحادثة، منوها إلى أن السيناريو الأول يقوم على أن من يقف خلف هذه الجريمة هو الاحتلال الإسرائيلي؛ كون أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو يريد إشعال حرب بين واشنطن وطهران، خاصة في ظل المخاوف الإسرائيلية من التهديد النووي الإيراني، بالإضافة إلى أن نتانياهو يريد أن يكسب مزيدا من الأصوات في الانتخابات البرلمانية القادمة من أجل طمأنه الناخب الإسرائيلي بزوال التهديد الإيراني أو تقليصه إلى أبعد الحدود وهو ما يجعل هذا الناخب يتجه نحو التصويت لحزب الليكود الذي يتزعمه نتانياهو.
ونبه شاهين إلى أن الأمر الثاني يتمثل في أن تكون هناك بعض الأطراف التي تريد إفشال الجهود التي تبذلها بعض الأطراف الدولية لتقريب وجهات النظر بين طهران وواشنطن لا سيما بعيد الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي الإيراني؛ الأمر الذي يسيء هذه الأطراف ويدفعها إلى افتعال مثل هكذا تفجيرات ومن ثم ربطها بإيران من أجل تأجيج الوضع وزيادة التوتر بين واشنطن وطهران.
وحول اتهام الولايات المتحدة لإيران بتنفيذ الهجوم، لفت شاهين إلى أنه من الممكن أن تكون هناك أطراف معينة في إيران هي من تقف وراء هذه الهجمات، وأن هذه الأطراف لديها مصالحها الخاصة في إحداث مثل هكذا تفجيرات؛ لكنه يستدرك بالقول: «إن أكثر المتضررين من هذه التفجيرات هي إيران؛ في حين أن هناك بعض الدول التي تبدي العداء لإيران هي الأكثر استفادة».. منوها إلى أن الولايات المتحدة الأميركية ومعها السعودية والإمارات قد سارعت إلى اتهام إيران بالوقوف خلف الهجوم الذي تعرضت له ناقلتا نفط في خليج عمان، في حين حرصت إيران على نفي صلتها بالهجمات وحملت المسؤولية إلى «جهات لا تريد استقرارا في المنطقة وتدفع نحو مزيد من التصعيد».
تزيد الأوضاع سخونة
من ناحيته، يشدد الناشط مصباح حمد على أن حادثة التفجير التي استهدفت ناقلتي نفط في خليج عمان ومن قبلها حادثة ميناء الفجيرة، تزيد من سخونة الأوضاع في المنطقة العربية وتزيد من حدة التوتر المتصاعد.. لافتا إلى أن الهدف من هذه التفجيرات واضح للجميع؛ فالكل يعلم أن هذه الأحداث تزيد من احتمالات نشوب حرب بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران.
وأضاف حمد خلال حديثه لـ «الوطن»، «كل المؤشرات تظهر أن ثمة نذر مواجهة في الآفق، وعملية تفجير الناقلتين بخليج عمان وحادثة ميناء الفجيرة في الإمارات، زادت من احتمالات اندلاع هذه المواجهة».. لافتا إلى أن الجميع أمام لحظة فارقة، وأنه لا بد من تغليب مصلحة الحوار، وتشكيل لجنة تحقيق محايدة للتعرف على ملابسات هذه الحوادث، ووقف لغة التصعيد المتبادل بين جميع الأطراف، بالإضافة إلى تفويت الفرصة على المتربصين الذين يصبون الزيت على النار لإشعال المنطقة بحروب نحن في غنى عنها.
ولفت حمد إلى أن هناك العديد من الأطراف التي تخشى من نجاح الجهود التي تبذل من قبل جهات دولية معينة من أجل إعادة الحوار بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران، لا سيما بعد تصاعد التوتر بين البلدين في أعقاب الانسحاب الأميركي الأحادي الجانب من الاتفاق النووي.. مشيرا إلى أنه من الوارد جدا أن هذه الأطراف سارعت إلى تنفيذ هذه التفجيرات لضرب أي محاولات لخفض التوتر بين طهران وواشنطن.
مؤشرات خطيرة
بدوره، يؤكد الخبير السياسي أسامة رشدي أن ما جرى في الخليج من تفجيرات محدودة لبعض ناقلات النفط هو مؤشر خطير على تصاعد الأزمة بين إيران من جهة والولايات المتحدة وإسرائيل وبعض دول الخليج من ناحية أخرى.
وقال رشدي خلال حديثه لـ «الوطن»: «من المؤسف أن المنطقة لا تزال مسرحا للصراع نتيجة للتدخلات الأجنبية من ناحية، وعجز بعض دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية من جهة أخرى في بناء السلام في المنطقة بعد فشل حرب الثماني سنوات في الخليج؛ فتحولت المنطقة لساحة صراع وحرب باردة واستقطاب إقليمي خسرت فيها المملكة مناطق نفوذ تاريخية بعد فشلها في احتواء بلدان مثل لبنان حيث تقلص نفوذها فيه إلى حده الأدنى، أو حتى اليمن والذي هو عمقها الاستراتيجي وتسببت سياساتها في تغلل النفوذ الإيراني فيه، كما كانت الحماقات التي أدت لتسليم العراق لإيران بعد سلسلة من السياسات التي افتقدت للرؤية الاستراتيجية تجاه هذا البلد الهام».
وتابع «اليوم تسببت سياسات السعودية في تقويض الاستقرار في مصر وليبيا وحصار دولة عضو في مجلس التعاون الخليجي مثل قطر الأمر الذي أدى لانقسام هذا الكيان الإقليمي وشلله، كما أدى الغوص في الوحل اليمني بعد عاصفة الحزم لتراجع نفوذ المملكة الاستراتيجي في محيطها، مما يجعل أذرع إيران تحاصرهم الآن من كل الاتجاهات؛ بينما لايزالون يعولون على الدعم الأميركي والحرب التي ستخوضها أميركا نيابة عنهم، رغم أن كل دروس الماضي والحاضر تؤكد أن هناك توظيفا للصراع مع إيران لاستمرار الابتزاز وتدفق المدفوعات في مقابل الحماية كما يعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب دائما». وشدد رشدي على أن النتيجة لهذه السياسات هي هذا الضعف والتشرذم والاحتراب على كل الساحات والذي تحول لعصبية واستبداد يهدف لقمع أي معترض لهذه السياسات أو صاحب رأي.. مشيرا إلى أنه «لا حل إلا بأن تقرر دول المنطقة بالحاجة للاعتماد على أنفسهم بعد الله عز وجل في بناء سلام إقليمي يقوم على احترام الجغرافيا السياسية والجوار وأن يتحول الصراع لتعاون بين دول الإقليم لمصلحة الجميع كما فعلت أوروبا في أعقاب الحروب التي خلقت عداوات ضخمة فحولتها لمنافع مشتركة، لأن حروب الأشباح والوكلاء التي تجري حاليا ليست إلا مؤشرا على الاختناقات التي لا نتمنى أن تخرج عن نطاق السيطرة لأن إشعال الحرائق سهل أما السيطرة عليها وإخمادها فهذا سيؤثر على الجميع».
copy short url   نسخ
18/06/2019
770