+ A
A -
حوار- سمير البرغوثي
أكدت آمال بنت عبد اللطيف المناعي، الرئيس التنفيذي للمؤسسة القطرية للعمل الاجتماعي، أن دولة قطر لا تزال تواجه، ومنذ الخامس من يونيو من عام 2017، تدابير قسرية انفرادية، وحصاراً من بعض دول المنطقة، ترتبت عليها انتهاكات خطيرة ومستمرة لحقوق الإنسان.
وقالت إن المؤسسة ستواصل عملها الإنساني داخلياً وخارجياً لأبناء دول الحصار، مبينة أن مراكز المؤسسة استقبلت خلال العامين الماضيين أكثر من (2,423) مستفيداً من مواطني دول الحصار، (السعودية والإمارات والبحرين ومصر)، وتم تقديم خدمات متكاملة لهم.
وأشارت إلى أن دول الحصار انتهكت حقوق ذوي الإعاقة من بلدانهم، خاصة كبار السن، الذين حرمتهم من الخدمات التي كانوا يستفيدون منها أثناء وجودهم في قطر.
وقالت المناعي، في حوار خاص تنشره الوطن بالتزامن مع مجلة الدبلوماسي: إن التفكك الأسري هو أقسى ما عانت منه آلاف الأسر المشتركة، والذي سبب شرخاً كبيراً في النسيج الاجتماعي، والعنف الأسري بأشكاله، وأخصه العنف النفسي، وحرمان عدد من أفراد الأسر المشتركة من الخدمات الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن، بسبب إلزام تلك الدول رعاياها بمغادرة دولة قطر. وفيما يلي تفاصيل الحوار..
} عند حصار دولة قطر، في 5 يونيو 2017، وقعت انتهاكات للنسيج الاجتماعي الخليجي من قبل الدول التي أعلنت الحصار على الدولة، فما نوع هذه الانتهاكات؟
- رصدت المؤسسة القطرية للعمل الاجتماعي، من خلال المراكز المنضوية تحت مظلتها، عدداً من الانتهاكات الجسيمة التي تعرضت لها فئاتها المستهدفة من الأطفال والنساء وكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة والأيتام والشباب والأسرة ككل، وتتمثل أبرز الأضرار التي تم توثيقها فيما يلي:
- التشتت الأسري، الذي عانت منه آلاف الأسر المشتركة، والشرخ الكبير في النسيج الاجتماعي.
- العنف الأسري بأشكاله، وأخصه العنف النفسي.
- حرمان عدد من أفراد الأسر المشتركة من الخدمات الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن، بسبب إلزام تلك الدول رعاياها بمغادرة دولة قطر.
} ماذا كان دور مراكز ومؤسسات منظمات العمل المدني التي تتبع للمؤسسة القطرية للعمل الاجتماعي لمعالجة الحالات التي تعرضت للأذى؟
- استقبلت المراكز التي تعمل تحت مظلة المؤسسة أكثر من (2.423) مستفيداً من مواطني دول الحصار، (السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر )، وذلك بحسب الإحصائية المقدمة بنهاية فبراير 2019، علماً بأن الخدمات التي تقدمها تلك المراكز للحالات المستفيدة هي خدمات مستمرة، حيث يتلقى هؤلاء المستفيدون عدداً من الخدمات في المجالات الاجتماعية المختلفة؛ أهمها الخدمات الأسرية والتأهيلية والاستشارية والقانونية والنفسية، وغيرها من الخدمات ذات الصلة.
ومن هؤلاء المستفيدين (288) سعودياً و(112) إماراتياً و(203) بحرينيين و(1820) مصرياً.. وتنوعت الخدمات بحسب اختصاصات المراكز المشار إليها، حيث قدم مركز وفاق خدماته لعدد (1581) مستفيداً في مجال الاستشارات العائلية، ومركز أمان لعدد (328) مستفيداً في مجال حماية وتأهيل الطفل والمرأة، ومركز الشفلح لعدد (56) مستفيداً في مجال حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ومركز نماء لعدد (402) مستفيد في مجال قضايا الشباب، ومركز إحسان لعدد (44) مستفيداً في مجال تمكين ورعاية كبار السن، ومركز دريمة لعدد (12) مستفيداً في مجال رعاية الأيتام، علماً بأن الخدمات التي قدمتها المراكز للمستفيدين كانت دون تمييز، ووفقاً للمعايير الاحترافية والمهنية، وذلك تأكيداً على الواجب الإنساني، وعلى حق الحالات المستفيدة في الحصول على الخدمات اللازمة، كونهم يعيشون على أرض دولة قطر.
} هل كان هناك طلاب خليجيون في المؤسسات التي تتبع المؤسسة، وهل طلبت منهم بلدانهم العودة لبلادهم رغم إعاقاتهم؟
- لم تفرق دول الحصار بين حالات الطلاب ومدى احتياجاتهم للخدمات المقدمة في مجالات الصحة والتعليم والسكن وغيرها، وكما أشرنا من قبل، فقد ترتب على ذلك حرمان عدد من أفراد الأسر المشتركة من الخدمات الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة، بسبب إلزام تلك الدول رعاياها بمغادرة دولة قطر.
} كيف تعاملت مؤسسة العمل الاجتماعي مع أبناء دول الحصار حين طلبت بلدانهم منهم العودة؟
- تماشياً مع أحكام الدستور القطري الذي يكفل كافة الحقوق والحريات الأساسية للجميع، ودون تمييز، وفي إطار دعم كافة الآليات المعنية بمتابعة تنفيذ أحكام اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، فقد قامت المؤسسة، من خلال مراكزها، بتقديم خدمات أسرية واجتماعية واستشارية وتأهيلية لأفراد الأسر المتضررة من الحصار، وتجدر الإشارة إلى أن المؤسسة لم تعامل المواطنين من دول الحصار بذات التمييز الذي تعرض له مواطنو دولة قطر في هذه الدول.
الأسر المختلطة
} كيف تقيمين آثـــــــــــار الحصار على الأسر المختلطة في قطر؟ وما الأبعاد المالية والنفسية المرتبطة بالأسر المتضررة من الحصار؟
- واجهت دولة قطر تدابير قسرية انفرادية، وحصاراً جائراً من بعض دول المنطقة، ترتبت عليها انتهاكات خطيرة ومستمرة لحقوق الإنسان، شملت الحق في حرية التنقل والإقامة والملكية الخاصة، والحق في العمل، والحق في التعليم، والحق في حرية الرأي والتعبير، والحق في الصحة، والحق في حرية العقيدة، والحق في التنمية، وانتهاكات اجتماعية أخرى تتعلق بالفصل بين الأسر، والتي تعتبر أشد تلك الانتهاكات فظاعة، ولا شك أن الأبعاد المالية والنفسية لتلك الانتهاكات لا تزال ممتدة ومؤثرة على الأفراد والأسر.
} ما الأبعاد النفسية والمالية التي نتجت عن الحصار وآثاره على رفاه الطفل وتعليمه؟
- استهدف الحصار الأفراد من واقع جنسيتهم القطرية أو انتمائهم لدولة قطر، لذلك كانت التدابير المتبعة من قبل دول الحصار تمييزية عنصرية، وخالفت كل مبادئ المساواة ومنع التمييز التي نصت عليها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وكما أشرنا، كان من أهم آثار الحصار التفكك الأسري، والعنف الأسري بأشكاله، وحرمان الأطفال من أفراد الأسر المشتركة من الخدمات في مجال التعليم والصحة والسكن.
} تسبب الحصار في تشتت الأسر.. فما أثر ذلك على العلاقات بين هذه الأسر؟ وهل تطلب الأمر توفير علاج ومشورة للآثار النفسية الناجمة عن ذلك؟
- منذ بداية أزمة الحصار، حرصت المؤسسة القطرية للعمل الاجتماعي على استنفار جهودها من خلال تشكيل فرق لإدارة الأزمات، وتنسيق الجهود، وتعزيز التواصل مع المراكز المنضوية تحت مظلتها، وبقية الجهات الرسمية في الدولة، بهدف التخفيف من تداعيات الحصار، وتقديم الخدمات الاجتماعية للمتضررين من هذه الأزمة، والعمل أيضا على تهيئة الخدمات الإنسانية والاجتماعية للحالات المتضررة، وقد ضم فريق إدارة الأزمات المشار إليه عدداً من الاستشاريين في المجال الأسري والنفسي والقانوني.
} جلب الحصار المعاناة للأسر، وآليات القدرة على التكيف، وخلق نزاعات داخل العلاقات الزوجية، وأثر نفسيا على صحة أفراد الأسرة الخليجية.. ماذا عن الجانب القطري.. هل كان هناك مثل هذه الحالات؟
- دولة قطر ليست بمعزل عن هذه المعاناة، وهي جزء لا يتجزأ من الأسرة الخليجية، ولا يزال أفراد الأسرة القطرية يتحملون تبعات الحصار وآثاره السلبية، ولذلك حرصت المؤسسة ومراكزها على أن تكون الخدمات التي تقدمها تلك المراكز للحالات المستفيدة هي خدمات مستمرة.
} ما أبرز الصراعات التي خاضتها الأسر بسبب الحصار، خاصة بالنسبة للنساء القطريات المتزوجات من أزواج من البحرين أو الإمارات أو السعودية، من حيث تأمين حياة آمنة والعيش بأمان مع أطفالهن؟ وهل تمت معالجة مشاكل التعليم، وتجديد جوازات السفر، والأمن الوظيفي، والاحتياجات المالية لها؟
- بتاريخ 31-7-2018 قامت المؤسسة والمراكز المنضوية تحت مظلتها، وبالتعاون مع اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، بتنظيم ورشة عمل «مجموعات التركيز»، حيث ناقشت الورشة وضع الأمهات القطريات وأبنائهن، وسلطت الضوء على المجالات التالية:
• (الصحة/ التعليم/ التوظيف/ والضمان الاجتماعي/ السفر والإقامة/ والوثائق الرسمية/ السكن والقروض والالتزامات المالية/ الإرث والملكية العقارية).
وانتهت ورشة العمل المشار إليها إلى نتائج وتوصيات لفائدة الأمهات القطريات وأبنائهن، تم تضمينها في الدراسة التي تم إعدادها لهذا الغرض، وتمت إحالتها إلى اللجنة المعنية بمجلس الشورى.
وبتاريخ 4-9-2018 صدر القانون رقم (10) لسنة 2018، بشأن الإقامة الدائمة، حيث أجاز القانون منح الإقامة الدائمة لأولاد القطرية المتزوجة من غير القطري، كما أجاز القانون المشار إليه حصول حامل بطاقة الإقامة الدائمة على العلاج والتعليم في المؤسسات الحكومية داخل الدولة.
} كان لوسائل التواصل الاجتماعي أثر سلبي على العلاقات الأسرية، ولعبت دورا ً كبيراً في إيجاد صراعات وحساسيات داخل الأسر، قادت إلى نشوب النزاعات والخلافات داخل الأسرة، مما كان له تأثير على الكبير والصغير فيها.. كيف تعاملتم مع هذه القضية؟
- تعاملت المؤسسة ومراكزها بعناية مع هذه المسألة من خلال عدم النظر إليها كعنصر دعم، بل تجاهلناها،وقامت المؤسسة بتقديم الخدمات والوصول إلى الفئات المتضررة دون تمييز، مع التأكيد على دورها الداعم لحماية وتعزيز حقوق الإنسان، كما حرصت على تقديم كل ما يخدم المجتمع واستقراره، ضمن خطط واستراتيجيات واضحة ومدروسة، والسعي الدؤوب لتحقيق الهدف المنشود في المحافظة على مجتمع مترابط متماسك، قادر على الوقوف في وجه كل الظروف والتحديات.
} لم تسلم العلاقات الزوجية من تأثير الحصار، فاضطر البعض إلى الانقطاع عن أزواجهم، وكان لذلك تأثير سلبي، مما أدى إلى الطلاق أو الانفصال، وبعض العلاقات الزوجية التي تم رصدها اتسمت بالعدوانية، مما يؤثر سلبا على الأبناء، فكيف تعاملتم مع مثل هذه الحالات؟
- كما أشرنا سابقا، تعتبر الانتهاكات الاجتماعية، والتي تتعلق بالفصل بين الأسر، من أشد الانتهاكات فظاعة، فهي تؤثر سلباً على التماسك الأسري في المجتمع، وتهدد مستقبل الأبناء، ولا شك أن المؤسسة ومراكزها على أتم الاستعداد لتقديم الدعم اللازم لهم على المستويين الاجتماعي والإنساني.
} هل نستطيع القول إن دولة قطر تجاوزت الآثار الاجتماعية للحصار، أم أن هناك آثارا وذيولا لهذه الحالات؟
- قطر لا تزال تواجه، تدابير قسرية انفرادية، وحصاراً جائراً، ترتبت عليها انتهاكات خطيرة ومستمرة لحقوق الإنسان، لا تزال آثارها ممتدة في المجتمع القطري، إلا أن المؤسسة ستواصل عملها الإنساني داخليا، وعلى النحو الموضح تفصيلاً أعلاه، ودولياً من خلال دورها الريادي المنبثق من العهود والمواثيق الدولية ذات الصلة بمجالات عملها في المجتمع الدولي، لا سيما بعد حصولها على الصفة الاستشارية للمجلس الاقتصادي والاجتماعي لمنظمة الأمم المتحدة، بما يمكنها من تعزيز مكانتها ضمن المنظمات ذات الصوت المسموع عبر الحدود الدولية في قضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية.
copy short url   نسخ
17/06/2019
2272