+ A
A -
عواصم
عماد فواز- نادية وردي- خديجة بركاس
زينب بومديان - خديجة الورضي
وصف قانونيون دوليون متخصصون حكم محكمة العدل الدولية في لاهاي، الجمعة، برفض الطلب الذي تقدمت به الإمارات إلى المحكمة لاتخاذ إجراءات فورية ضد قطر بدعوى «وقف إجراءات التمييز»، بأنه انتصار لقطر ومؤشر قانوني مهم في القضية، حيث يؤكد أن هيئة المحكمة برئاسة القاضي عبد القوي أحمد يوسف، استقر في يقينها أن الطلب الإماراتي ما هو إلا نوع من «المكايدة السياسية» وأنه دليل على إصرار أبوظبي على المماطلة لتطويل أمد انتهاك حقوق القطريين واستغلالهم للضغط على النظام القطري، كما ثبت من «حيثيات» رفض الطلب التي أعلنتها المحكمة أن 15 قاضياً من 16 عضواً يشكلون هيئة المحكمة مقتنعون بالأدلة التي قدمها هيئة الادعاء القطرية للمحكمة يونيو 2018، وأنهم يقرون حق الضحايا القطريين في هذه الدعوى، ما يعد انتصاراً مبكراً عجلت «الأخطاء وقلة الخبرة» الإماراتية في حسمها مبكراً، فمكن فريق الادعاء القطري من هزيمة فريق الدفاع الإماراتي أمام محكمة العدل الدولية بـ«الضربة القانونية القاضية».
إصرار على الانتهاكات
وقال فؤاد لحبابي، أستاذ القانون الدولي بجامعة محمد الخامس بالرباط لـ الوطن: إن رفض محكمة العدل الدولية في لاهاي لطلب الإمارات باتخاذ إجراءات فورية لحمل قطر على رفع الحجب عن موقع إماراتي يسمح للقطريين المطرودين من أبوظبي بطلب تصاريح من أجل العودة، بموافقة 15 عضواً من 16 قاضياً يشكلون هيئة المحكمة، هو انتصار مبكر لقطر في هذه الدعوى التي رفعها فريق الادعاء القطري أمام المحكمة في يونيو 2018 -بعد عام من الحصار- حيث يعني ذلك أن المحكمة اقتنعت بالدليل القاطع بالحالات الموثقة للضحايا وما تعرضوا له من انتهاكات، وأن أبوظبي تتعمد التلاعب والمماطلة لاستغلال الضحايا من أجل الضغط على قطر، وهو أمر من شأنه أن يدفع قضاة المحكمة نحو تغليظ الحكم في الدعوى المنظورة أمامها خلال الشهور القادمة، لأن الطلب الذي قدمته الإمارات في شهر مارس الماضي ورفض، الجمعة، يؤكد ركن «الإصرار» وهو خطأ قانوني فادح ارتكبته أبوظبي بهدف المكايدة السياسية فانقلب عليها ودفع القضية برمتها في عكس مصلحتها وأثبت حق الضحايا القطريين، كما أثبتت أبوظبي أنها لم تقم بأي خطوة واضحة لإلغاء التدابير التمييزية ضد القطريين التي اتخذتها منذ يونيو 2017 حتى الآن بحسب توصية محكمة العدل الدولية في يوليو 2018، أي لمدة عام كامل من توصية المحكمة، وهو ما يؤكد أن الإمارات تعمدت بالطلب المقدم في مارس الماضي المماطلة والتلاعب بالمحكمة، وهو خطأ يعكس قلة الخبرة والتحرك العشوائي والتخبط داخل الحكومة الإماراتية.
استخفاف بالقانون الدولي
وأكد جورج شيران، أستاذ القانون الدولي بجامعة «كامبريدج» البريطانية، أن الطلب المُقدم من فريق الدفاع الإماراتي لمحكمة العدل الدولية في مارس الماضي ضد قطر خطوة بائسة تفتقر للمنطق القانوني والمبرر الإجرائي، خطوة غير مبررة بالمرة، لذلك كان رد المحكمة عليها الرفض بشبه الإجماع، وبهذا الرفض أغلق باب المماطلة والتلاعب والمراوغة أمام فريق الدفاع الإماراتي، مع إلزامها بتنفيذ توصيات المحكمة التي أصدرتها في يوليو 2018 برفع الإجراءات التعسفية وقرارات التمييز العنصري التي اتخذتها منذ بداية الحصار منتصف عام 2017، مع استمرار المحكمة في نظر الدعوى القطرية المُقدمة إلى المحكمة في يونيو 2018، والتي تظهر نتيجتها واضحة من الآن حيث ستكون لصالح قطر وسيعقبها إجراءات تعويض الضحايا بالتأكيد، وبهذا الطلب الإماراتي الأخير وما ساهم فيه من تأكيد «سوء النية» الإماراتية تجاه الضحايا القطريين سيكون التعويض أو أحكام المحكمة بشكل عام قاسياً للغاية، ويمثل رفض المحكمة لطلب الإمارات، الجمعة، صفعة قوية لأبوظبي.
إفلاس قانوني
وأشار ويليام كامو، أستاذ القانون الدولي بجامعة «سوربون» الفرنسية، ومدير المعهد الوطني للدراسات القانونية بباريس، إلى أن دعوى الإمارات بأن قطر تعرقل مساعي الإمارات لتسهيل لم شمل الأسر المختلطة وعودة الضحايا القطريين إلى الإمارات «مرضى وطلاب ورجال أعمال»، بالإضافة إلى الادعاء بأن قطر لم تسلك طرق الحل الودية قبل اللجوء إلى المحكمة وفق ما ينص عليه القانون الإجرائي للمحكمة، كلها ادعاءات لا محل لها أمام المحكمة، كون فريق الدفاع الإماراتي لم يقدم دليلاً ملموساً على أن قطر تعرقل وصول رعاياها إلى الإمارات، كما أن سبق للمحكمة في يوليو 2018 الرد على ادعاء فريق الدفاع الإماراتي بعدم اختصاص المحكمة بنظر الشكوى القطرية لعدم استيفاء الشروط وتحديدا اللجوء للحلول الودية قبل رفع الدعوى، وردت المحكمة آنذاك بالتأكيد على أن الشروط الإجرائية للدعوى صحيحة، وتم رفض طلب الإمارات، وإعادة الطلب من جديد يعني «إفلاساً قانونياً» أو تخبطاً نتيجة تغيير فريق الدفاع، ولم يقرأ الفريق الجديد ملف القضية وسعى لنوع من المماطلة اليائسة التي أضرتهم ولم تفيدهم على الإطلاق، لهذا جاء رفض المحكمة لطلب الإمارات مؤخرا بالإجماع تقريباً ما يؤكد أن مسار الدعوى يسير في صالح الضحايا القطريين وأن الحكم سيكون منصفاً جداً، كون المحكمة استقر في يقينها ركن مهم وهو «الإصرار الإماراتي على التمييز العنصري ضد الضحايا»، إلى جانب الإصرار على المكايدة السياسية وقطع سبل الحلول الودية وهو ما تحاول الإمارات إيهام المحكمة أن المتسبب فيه هي قطر.
أدلة على جرائم مستمرة
وأوضح أندريس مارياس، أستاذ القانون المدني في كلية القانون بجامعة برشلونة، أن فريق الادعاء القطري برئاسة الدكتور محمد عبد العزيز الخليفي، قدم منذ بداية الدعوى أمام محكمة العدل الدولية في يونيو 2018 ملفاً قانونياً مُحكماً، حاصر الإمارات بالأدلة التي تُفند للمحكمة استغلال الإمارات للرعايا القطريين كوسيلة للضغط على النظام القطري، وأبرز ملف الدعوى الوقائع بالتفصيل مدعوماً بتقارير حقوقية دولية استمعت للضحايا ووقفت على حالتهم، كما قدم فريق الادعاء القطري حافظة مستندات تؤكد تعمد دول الحصار وخاصة الإمارات الهجوم الإعلامي على الشعب القطري -وليس النظام فقط- بما يؤكد أن حكومة أبوظبي تعمدت اتخاذ الشعب القطري هدفاً للصراع السياسي ومازالت وسائل الإعلام تمارس التعريض على العنف وبث روح الكراهية وتحرض على التمييز العنصري حتى الآن، وهذا يعني بل يؤكد للمحكمة ركن العمد، وأن الإمارات غير جادة في حل الأزمة، وأن الطلب الذي قدمته أمام المحكمة في مارس الماضي وتم رفضه يوم الجمعة مكايدة قانونية وسياسية ومماطلة مكشوفة تدين الإمارات ولا تبرئها، وهو في الحقيقة خطأ قانوني وإجرائي ارتكبته أبوظبي ليصب في مصلحة الدعوى القطرية وسيكون له تأثير كبير خلال مسار الدعوى لا سيما أنه من السهل على فريق الادعاء القطري إثبات استمرار «جريمة التحريض والتمييز» التي ترتكبها وسائل إعلام دول الحصار بقيادة الإعلام الإماراتي.
ضربة قاضية
واختتم زجفريد برشيت، أستاذ القانون الدولي بجامعة «هايدلبيرج» الألمانية، بالتأكيد على أن القانون الدولي واضح فيما يخص انتهاكات الاتفاقيات الدولية، سيما اتفاقية مناهضة التمييز العنصري التي وقعت عليها كلٌ من الإمارات وقطر، والتزمت الإمارات ببنودها، وتجرم الاتفاقية صراحة ارتكاب أي فعل يمثل انتهاكاً لحقوق المواطنين «في السفر والتعليم والصحة والحياة والأمن والتنقل... إلخ» وأيضاً التحريض ضدهم بناء على هويتهم الوطنية أو ديانتهم أو لونهم، وهذه الجرائم أثبتها فريق الدفاع القطري منذ بداية الدعوى يوم الثالث من يونيو 2018 أمام محكمة العدل الدولية برئاسة الدكتور محمد عبد العزيز الخليفي، في مرافعة قانونية مُحكمة حاصرت فريق الدفاع الإماراتي بالأدلة والبراهين والقرائن منذ بداية الدعوى أو في بداية سُلم الوصول للتعويضات، وبكل «جهل قانوني وإجرائي» منح فريق الدفاع الإماراتي أدلة وقرائن مهمة لفريق الادعاء القطري ليستغلها الدكتور الخليفي جيداً أمام المحكمة في لإثبات ركن مهم للغاية في الدعوى وهو «تعمد ارتكاب جريمة التمييز» وهي في الواقع لُب القضية، وبالتالي فإن الوصول لغاية انتزاع التعويضات للضحايا بات أسهل من أي وقت مضى، والمسألة وقت ليس أكثر قد يصل لعام وربما أقل، ستكون أحكام التعويض قاسية على الإمارات وفق بنود القانون الدولي ونصوص اتفاقية مناهضة التمييز العنصري، كما قد يصل الأمر لنبذ دولة الإمارات كـ«عضو مارق» في حالة المماطلة في تنفيذ الحكم فيما بعد، والخلاصة أن الدوحة انتصرت في هذه الدعوى بالضربة القانونية القاضية.
copy short url   نسخ
16/06/2019
1183