+ A
A -
نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية تقريرا لإياد البغدادي، وهو كاتب ورجل أعمال وناشط في مجال حقوق الإنسان ومؤسس المدونة الصوتية «كتيب الطغاة العرب»، تطرق من خلاله إلى الأسباب التي دفعت كلا من السعودية والإمارات لتقديم الدعم للقادة العسكريين الذين يقتلون المتظاهرين.
وأفادت الصحيفة بأنه منذ الانتفاضات العربية سنة 2011، استخدمت كل من السعودية والإمارات مواردهما الضخمة لتعزيز الحكومات الاستبدادية التي يُديرها رجال عسكريون أقوياء في المنطقة.
والأدهى أن هاتين الدولتين قد ساعدتا في إعادة تطبيق الديكتاتورية العسكرية في مصر، فضلا عن توفير الأسلحة لأحد الزعماء العسكريين في ليبيا وسوء إدارة التحول الديمقراطي في اليمن قبل شن حرب مدمرة هناك.
وأضافت الصحيفة أن هناك فصلا جديدا من الثورة المضادة للحركات الديمقراطية في السودان، حيث مارس جنرالات البلاد سلسلة من أعمال العنف الفظيعة ضد مؤيدي الديمقراطية.
في صباح يوم 3 من يونيو، هاجمت القوات المسلحة السودانية المعتصمين في العاصمة الخرطوم وفي أماكن أخرى، مما أسفر عن مقتل أكثر من 100 شخص وإصابة أكثر من 500 شخص.
على الرغم من حجب الإنترنت إلا أن العديد من التقارير ومقاطع الفيديو قد انتشرت على نطاق واسع: محتجون مصابون، روايات مفجعة عن اغتصاب العصابات لطبيبة سودانية، انتشال جثث مشوهة لمتظاهرين من النيل، وحرق خيام المعتصمين.
وأوردت الصحيفة أن الجنرالين عبدالفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو، اللذين يترأسان المجلس العسكري الانتقالي الذي حل محل الرئيس المخلوع عمر حسن البشير، هما المسؤولان عن ارتكاب هذه الفظائع.
وجاءت الحملة الدموية التي شنتها قوات الأمن ضد المتظاهرين بعد أسابيع من المفاوضات بين قادة الاحتجاج والمجلس العسكري التي وصلت إلى طريق مسدود.
فقد طلب قادة الاحتجاج من الجيش تسليم السلطة على الفور إلى المدنيين، في حين أصر المجلس على الحكم العسكري حتى الانتخابات القادمة.
خشي المحتجون من أن الانتخابات في إطار المجلس العسكري لن تكون حرة أو نزيهة، مما قد يؤدي إلى تعيين رئيس ديكتاتور جديد، وهو نفس السيناريو الذي حدث في مصر سنة 2014 عندما فاز عبدالفتاح السيسي بنسبة 97 بالمائة في الانتخابات الرئاسية.
الجدير بالذكر، أن السيسي قد وصل إلى السلطة بعد أن قتل الجيش المصري حوالي ألف متظاهر في اعتصام رابعة العدوية سنة 2013.
وقالت الصحيفة إن أنصار الديمقراطية في السودان كانوا يخشون من أن القوى ذاتها التي دفعت السيسي إلى السلطة ستسعى إلى إعادة نفس السيناريو في السودان.
فقبل وبعد مذبحة رابعة، حصلت مصر على دعم دبلوماسي ومليارات الدولارات من المساعدات المالية من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
منذ سنة 2015، كان الجنرالان السودانيان على صلة وثيقة بالقيادة السعودية والإماراتية، لاسيما بعد مشاركتهما المباشرة في الحرب التي قادتها السعودية على اليمن.
فقد أشرف الجنرال البرهان على أكثر من 10 آلاف جندي من القوات البرية في اليمن. وتشمل هذه القوات الآلاف من رجال الميليشيات من قوات الدعم السريع بقيادة الجنرال حمدان.
وبينت الصحيفة أنه بمجرد اندلاع الاحتجاجات التي تطالب بتنحي البشير في أوائل شهر أبريل، اعتقد القادة العسكريون السودانيون أن الوقت قد حان فعلا لعزله.
في تلك الأثناء، سافر وفد إلى القاهرة للحصول على الدعم السياسي والمالي من مصر والسعودية والإمارات، مع العلم أنها كانت رافضة لعلاقات البشير بالإسلاميين وتواصله مع كل من تركيا وقطر.
وبعد تولي المجلس العسكري السلطة بالسودان، شعرت السعودية والإمارات بتأثيرها الكبير، لذا قامت بتقديم دعم مالي قيمته 3 مليارات للسودان.
ومع ذلك واصل المحتجون ممارسة الضغط، حيث تضاعف عدد المحتجزين مع استمرار المفاوضات المضطربة.
وذكرت الصحيفة أن الجنرال حمدان قد التقى بولي العهد محمد بن سلمان، الذي أكد التزامه بالتحالف الوثيق مع السعودية.
وقد التقى الجنرال برهان أيضا بكل من السيسي وحاكم دولة الإمارات العربية المتحدة، محمد بن زايد آل نهيان. وبمجرد عودتهما أعلن كلاهما وقف المفاوضات مع المعارضة السودانية ورفض طلبات الشعب المتمثلة في تسليم السلطة للمدنيين، كما أعلنا أن معسكرات الاعتصام تشكل تهديدًا للأمن القومي للدولة.
في هجوم 3 من يونيو ضد المتظاهرين، أظهرت مقاطع الفيديو التي حمّلها بعض الصحفيين على وسائل التواصل الاجتماعي معدات عسكرية إماراتية لدى الميليشيات السودانية.
وصرحت الصحيفة بأنه نتيجة لعمليات القمع والعنف المسلطة ضد المتظاهرين، استدعى وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية، ديفيد هيل، نائب وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان ووزير الشؤون الخارجية لدولة الإمارات، أنور قرقاش، للتعبير عن قلقه إزاء حالات القمع في السودان، كما دعا إلى ضرورة الانتقال إلى حكومة بقيادة مدنية وفقا لإرادة الشعب السوداني.
في المقابل، تزعم المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة أن تدخلاتهما تهدف إلى وقف التطرف وتعزيز الاستقرار الإقليمي في السودان.
وفي الختام، أوضحت الصحيفة أنه في حين مازال المجلس العسكري في السودان يحصل على دعم سياسي ومالي من السعودية والإمارات، فلن يكون هناك سبب وجيه يدفعه للتراجع عن تنفيذ هجمات ضد المحتجين.
copy short url   نسخ
13/06/2019
6776