+ A
A -
صار التعاون بين السعودية ممثلة في نظامها القمعي الجديد الذي تأسس في عام 2015 وإسرائيل أمرًا عاديًا، متعديًا لحدود التطبيع إلى شكل التعاون الوثيق، الذي يرسم حدود التفاهم المستقبلي بين النظامين في دعم الثانية للأولى في قمعها للمعارضين في الخارج غالبًا، مقابل اتفاق ضمني واضح في دعم الأولى للثانية في هضم حقوق الفلسطينيين، ما يرسم وحدة في الأهداف بين النظامين السعودي والإسرائيلي في المنطقة، ويظهر تعاونًا تاريخيًا بينهما لضروب خصومهما، وفق ما أشار إليه تقرير من صحيفة الجارديان البريطانية.
قالت صحيفة الغارديان، إن السعودية اتُهمت بشن هجوم متطرف بواسطة قراصنة على أحد المنشقين السعوديين البارزين، وهو غانم المصارير والذي يعيش في لندن تحت حماية الشرطة البريطانية، وفقًا لخطاب الادعاء الذي اطلعت عليه الصحيفة والذي أرسل إلى السعودية من قبل محامي المصارير.
وبحسب ما ذكرت الصحيفة، فقد تم إرسال خطاب المطالبة الداعي لوقف التعقب والهجمات السيبرانية، والذي تم تسليمه إلى السفارة السعودية في لندن، نيابة عن المعارض الساخر السعودي غانم المصارير.
ويشرح خطاب المطالبة طبيعة الهجوم السيبراني، ويقول إنه تم استهدافه من قبل نظام الرياض ببرامج إلكترونية ضارة طورتها مجموعة مراقبة وتجسس إسرائيلية مثيرة للجدل.
ويقال إن السعودية وغيرها من الحكومات المتواطئة قد استخدمت برنامج بيغاسوس Pegasus الخاص بشركة «إن إس أو» لاستهداف الصحفيين وناشطي حقوق الإنسان والناشطين السياسيين.
وذكر تقرير سابق من هذا الشهر، أن برامج التجسس قد استفادت سابقًا من خلل في تطبيق التراسل الفوري «واتسآب» لمحاولة الوصول إلى هاتف يستخدمه محام بريطاني مشارك في قضية مدنية ضد مجموعة إن إس أو «كونتيرفيرشال إزرائيلي سيفيلينس كومباني» الإسرائيلية.
وفقًا لخطاب الادعاء، تلقى المصارير رسائل نصية مشبوهة في يونيو 2018. وتتبعها خبراء مستقلون توصلوا لوجود علاقة يستخدم فيها الهاكرز برنامج بيغاسوس.
يدعي خطاب المطالبة أن بعض المؤشرات على جهازي الآيفون الخاصين بالمصارير، قد تعرضا لهجمات هاكرز ببرامج بيغاسوس، وهو ما حول الاستنتاج إلى حقيقة بأن مسؤولي النظام بالمملكة كانوا مسؤولين عن إرسال نصوص ضارة إلى المصارير وعن الإضرار بأجهزته.
وتم التعرض بالضرر لكمية كبيرة من المعلومات على جهازي المصارير، التي تشمل معلومات تتعلق بحياته الشخصية وعائلته وعلاقاته وصحته وأمواله والمسائل الخاصة المتعلقة بعمله في تعزيز حقوق الإنسان في السعودية.
أمام الحكومة السعودية ستة أسابيع للرد على خطاب المطالبة، الذي قال محام عن المصارير قد يمنح السعوديين فرصة لتسوية قبل تقديم الأمر في قضية رسمية إلى المحكمة.
قال المصارير لصحيفة الجارديان:«نحن نستخدم مساحة الحرية في الغرب، في أوروبا وأميركا، والسعوديون يريدون أن يأخذوا هذه الحرية بعيداً عني وعن الآخرين لكي يشعرونا أننا نعيش في سجن».
تعتمد المزاعم جزئيًا على التحليل الذي أجرته شركة سيتزين لاب، التي مقرها في تورونتو في كندا، وتركز على أمن المعلومات، والتي تتبعت نشاطات بيغاسوس.
ولم ترد السفارة السعودية في لندن والمتحدث باسم السفارة السعودية في واشنطن على طلبات التعليق على الادعاءات الواردة في خطاب المطالبة.
وسبق أن دافعت شركة إن إس أو NSO الإسرائيلية عن عملها، بعد الكشف عن استغلالها لضعف نظم الحماية في واتسآب للوصول إلى أجهزة المستخدمين، وقالت إنها مرخصة، وأنها تتيح للحكومات استخدام تقنيتها لمحاربة «الجريمة والإرهاب»، لكنها لا تحدد كيفية استخدام تكنولوجياتها ولا تفرض طريقة معينة على الجهات الحكومية المتعاونة معها.
يأتي الادعاء الجديد في الوقت الذي حذرت فيه السلطات السعودية منتقدي الحكومة السعودية الآخرين -أحدهم في النرويج وواحد في كندا - من أن المملكة وجهت تهديدات غير محددة إليهم.
وبحسب الغارديان، فقد رفضت السعودية أيضًا، التعليق على تقارير سابقة عن تهديدات للمعارضين كما في حالة غانم المصارير.
وواجهت السعودية إدانة دولية بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي في صحيفة الواشنطن بوست الأميركية في أكتوبر الماضي، الذي تم قتله وتمزيقه داخل القنصلية السعودية في اسطنبول، وهو الأمر الذي خلصت فيه وكالات الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي إيه» بدرجة عالية من الثقة إلى أن القتل قد أمر به ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، وتم التضحية الشكلية بكبش فداء، تمثلت في سعود القحطاني أحد المقربين من الأمير، والذي يخضع لعقوبات في الولايات المتحدة لدوره في التخطيط لعملية القتل، مع آخرين.
وتشير مطالبة المصارير، إلى قيام النظام السعودي بشن حملات جديدة ضد المنتقدين والمعارضين في الخارج.
وغانم المصارير، الذي يعيش في لندن منذ عام 2003، ناقد ومعارض للعائلة المالكة السعودية، يتابعه على تويتر أكثر من 400 ألف شخص. وقال إن قناته على يوتيوب، غانم شو، التي وصل عدد المشاهدات لها إلى 230 مليون مشاهدة، تهدف إلى زيادة الوعي بسجل حقوق الإنسان في السعودية وانتقاد النظام.
ويصف خطاب الادعاء محاولات التخويف، بما في ذلك حملات على تويتر، بأنها محاولات على مدار السنين لإعادة المعارضين إلى السعودية أو جرهم إلى السفر إلى خارج المملكة المتحدة، ولكن المصارير كان من الفطنة بعدم استجابته لهذه المحاولات، في محاولة منه لتجنب مصير خاشقجي المؤلم.
وإضافة إلى دعوى المصارير، فقد رفع المنشق السعودي المقيم في كندا، عمر عبد العزيز، أيضاً دعوى قضائية ضد إسرائيل يدعي فيها أن برنامج إن إس أو تم استخدامه لاستهداف هاتفه في عام 2018، في الوقت الذي كان فيه على اتصال منتظم مع خاشقجي.
وقد علم عبد العزيز في الآونة الأخيرة من قبل مسؤولي الأمن الكنديين بوجود تهديد محتمل ضده، وفقًا لتقرير في مجلة التايم الأميركية. وفي السياق أيضًا، فقد سبق وأن أفردت صحيفة الجارديان تقريراً عن أحداث مشابهة تعرض لها منتقد آخر، وهو الفلسطيني إياد البغدادي من قبل نظام الرياض.
وإياد حصل على حماية ولجوء في النرويج، وتعرض مؤخرًا لتهديد، مصدره السعودية، بعدما أخبرت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، السلطات النرويجية بوجود تهديد محتمل لحياة البغدادي.
وهي جميعها محاولات مستمرة من النظام السعودي لا يتورع عن ارتكابها في ملاحقة المعارضين في الخارج بدعم من إسرائيل، عوضًا عن معارضي الداخل الذين يذيقهم النظام العذاب وحتى الحكم بالإعدام.
copy short url   نسخ
12/06/2019
2232