+ A
A -
بقلم : د. حجر أحمد حجر البنعلي
ما كلُّ كـيٍّ للمــريضِ شِفـاءُ
فـلــــكـــــلِّ داءٍ بـلــســـــــمٌ ودواءُ
فالطـبُّ يُتقِنُه طبيـبٌ حــاذِقٌ
لا خيرَ فيـما ينصَحُ الجُهلاءُ
فإذا أتتك نصـيــحةٌ من جـاهلٍ
فهي المصـيبةُ إنـها لبَلاءُ
فالعلمُ أبلَـجُ والجَهالةُ ظُلـمةٌ
لا تخـدعنّك أعـينٌ عمـياءُ
والطبُّ علمٌ والعِـلاجُ مـدارسٌ
والداءُ يُكشفُ والشِّفاءُ رَجاءُ
فاقنع بتوفـيقِ الإلهِ وما قضى
فلكـلِّ حـيٍّ فُسحةٌ وثواءُ
ولقد هجرتُ العشقَ إذْ شيبي بدا
وجلا الضِّياءُ وزالتِ الظَّلْماءُ
فخضَبتُ بعضَ الشَّعرِ أُخفي شؤمَهُ
فالشَّيبُ في عينِ النساءِ قَذاءُ
وكتمتُ ما في القلبِ من طلَلِ الصِّبا
كي لا يُذاعَ فبرَّح الإخـفاءُ
وتجاذبتني الذكرياتُ، ولهــوُها
أجرى دموعي والدموعُ عَزاءُ
فتواترت صـورُ الظِّباءِ بخاطري
عبرَ البـحارِ كـأنهنَّ ضِياءُ
فالخُودُ كثـرٌ والطبيــعةُ بهجةٌ
والمـاءُ صافٍ والحيـاةُ رخاءُ
ولقد حنَنت إلى الغَـرامِ فصدَّني
عقلُ الكهـولِ وعزةٌ وإباءُ
فالشِّـعرُ شــمّرَ للـغَرامِ يجرُّني
والطبُّ يأبى فابتـدا الإعياءُ
فتـراهنا وتســـابقا ببســالة
لا داحسٌ سبقت ولا الغبراءُ
فالطبُّ يغلِبُ إن رجَعتُ إلى الحِجا
والشــعر يغلبُ إن بدت حسناءُ
فالطبُّ والشِّـعرُ الجميلُ كـلاهُما
شعّا السـرورَ إذا دَجَت ظَلماءُ
فالعقـل رجَّحَ أن أميلَ عنِ الهوى
ميلَ الطبيبِ وقـد علاه حياءُ
فرجَعتُ للعـلمِ المُنــيرِ وبـدرِه
فعشِقتُ ما لا يعشَقُ الشعراءُ
هم يعشَقونَ مليــحةً وغـوانياً
والعشقُ داءٌ ليس منه شِفاءُ
وعشِقتُ طبًّا قـد ولِعــتُ بقلبهِ
فالقلبُ للطبِّ العــظيمِ لِـواءُ
إن كان أسعدنـي الإلهُ بنـعمةٍ
فبمهــنتي قـد تمّتِ النَّعْماءُ
فبفضلِها صحَّ الأنامُ وفــارقت
أسقامُهم وتـمـتَّعَ الأحياءُ
فيها افتخـرتُ وما هبـطتُ بهامَتي
تحت السَّحابِ ودونَها الجَوزاءُ
واليومَ قـد كمُلَ السرورُ فمرحباً
بقدومِـكم يـــأيها الوزراءُ
وقدومِ وفـــدٍ باسـمٍ بمـحبةٍ
بَعَثت به للـقـائنا صـنعاءُ
يا عصـبةً للــخـير زارت دارَنا
ما أنتمُ فــي دارِنـا غُرباءُ
بل أنتـمُ إخــوانُنا في دارِكـم
دارُ العروبة دوحــةٌ شمّاءُ
أترونها كيف استـوت وتألـقت
وتراقصت أمـواجُها البيضاءُ؟
وانداح سِيفُ البحرِ عن بحرٍ سقى
فالإسمُ أطـلَقهُ عليها الـماءُ
ثـم انحنى وتعانــقا بمـودّةٍ
لولاهما مـا راقـها أسماءُ
فالبَرُّ عانقَ بــحرَنا في دوحةٍ
وبعكسِــها تتـبيّنُ الأشياءُ
فالسيفُ والبحرُ الجمـيلُ مع الهوا
زرعت هـوًى فتفـتحت أهواءُ
بانت بها الأزهارُ في كلِّ الرُّبا
وتفرعت أغصـانُها الخضراءُ
فتنـوعت أطيـارُها وترنمـت
وشدا حمامُ الدوحِ والـورقاءُ
وامتد عُمرانٌ يغــطي أرضَها
فصروحُـها جذّابةٌ بيـضاءُ
وتطـاولَ البُنيانُ يصـعَدُ للسما
وتشعبت طـرقاتُها السمراءُ
ورأى المسافرُ من عُلوٍّ ضَوءَها
في ليـلةٍ حلَكت بها الظَّلماءُ
فتلألأت مـثلَ النــجومِ ضياؤُها
فكأنها لولا النـزولُ سَماءُ
قطرٌ من القَطْرِ المُغيثِ نصيبُها
هذا الشتـاءَ حـياً بها وحِباءُ
فهَمى علينا الغيثُ حـتى غدَّرت
كلُّ الريـاضِ فأشبعَ الإرواءُ
فكست ترابَ الروضِ أعشــابُ الشِّتا
وبدت علـيها حُـلّةٌ خضراءُ
ونمت نباتـاتٌ تزخــرفُ روضَها
وتفتحــت أزهارُها البيضاءُ
وبدا كبـيرُ الفقعِ يرفعُ رأسَه
فيُطلُّ والطينُ الرقيـقُ رِداءُ
يابن الخليـج أما كفــتنا فُرقةٌ
يشقى بهـا الآبـاءُ والأبناءُ؟
راياتُنـا مرفـــوعةٌ لــدلالةٍ
إنَّا دويــلاتٌ لـها أسماءُ
ألوانُهنَّ تنوعــت وتعــددت
بيضاءُ أو خضـراءُ أو حمراءُ
شَمْلُ العـــروبةِ لا يُلمُّ إذا سرى
فينا الخِــلافُ فبئستِ الأنباءُ
كلٌّ يغرِّدُ وحــدَه يا ويحَـنا
هذا الذي شاءت لنا الأعداءُ
في كلِّ يــومٍ نكسةٌ ومُصيبةٌ
تُدمي القلوبَ فزادت الأرزاءُ
طال السُّبات وقد غفـــونا أدهراً
في كهـفِـنا واستفحَلَ الإغفاءُ
إن لم تُضمَّ عُرا العـــروبةِ كلُّها
أفلا تُضمُّ بـدارِنا الأشلاءُ؟
فالخيرُ في جـمعِ الخلـيج بدولةٍ
والكلُّ من أجلِ الخليج فِداءُ
ثم التوسعِ في الجــزيرةِ كلِّها
ثم العـروبةِ أيـها الحُكماءُ
يا أخوتي إن طالَ شعري فاعذروا
قد ألهمَ الشـعرَ الطويلَ لقاءُ
يـأيها الإخــوانُ هــذي دارُكم
طابت إقامـتُكم وطـابَ مساءُ
{ رحب الشاعر بوزراء الصحة لدول مجلس التعاون الخليجي بهذه القصيدة، أثناء حفل افتتاح مؤتمرهم المنعقد في الدوحة 5 - 6 / 1 / 2004 برئاسة الشاعر.
copy short url   نسخ
26/05/2019
1376