+ A
A -
جمال الهواري كاتب مصري
يبدو أن النظام العسكري لا يكفيه ما قام به من جرائم واستهداف للأجيال الحالية حيث أصبح القهر هو السمة السائدة والاعتقال والإخفاء القسري بمثابة الحدث اليومي المتكرر بلا رادع والتصفيات خارج إطار القانون هي القاعدة المعمول بها للتغطية على الفشل والفساد وحتى يكون هناك قناع مستمر يختبيء خلفه النظام وحجة وفزاعة يستثمرها إعلاميًا وكارت يشهره في وجه العالم الغربي أن مصر السيسي تعاني من الإرهاب وتبذل الجهد لمحاربته ومنع انتشاره خارجيًا حتى يصمت الغرب المتواطئ مع النظام الانقلابي والمستفيد من قدومه وبقائه ويغض الطرف عن ما يقترفه من مصائب وكوراث لا تحصى في حق الشعب المصري الذي طالب وحلم ولا يزال بأبسط حقوقه في الحرية والعيش الكريم وتآمر ضباع العالم ضد ثورته حتى تبقى مصر في مربع الطاعة والتبعية.
تخطى السيسي ومنظومته هذا ويعمل على استهداف الأجيال القادمة وكان ما حدث الأسبوع الماضي من مظاهرات لطلبة الصف الأول الثانوي بسبب عدم تمكنهم من الدخول لمنصة الامتحان الإلكتروني وتعطل المنصة أكثر من مرة واتهامهم لوزير التعليم بالفشل ومطالبتهم بعودة النظام القديم للامتحانات فما كان من قوات الأمن إلا أن تعاملت بمنتهى العنف والقسوة مع الطلبة وقامت بالاعتداء عليهم وتفريقهم بالقوة واعتقال العديد منهم بطريقة مهينة خاصةً مع الفتيات في تصرف قديم جديد يثبت عدم تغير عقلية القوى الأمنية بل استمرارها في انتهاج العنف وبطريقة أشرس مما كانت عليه في عهد المخلوع مبارك ويأتي هذا في ظل خروج منظومة التعليم المصرية من التصنيف العالمي ويثير تساؤلات حول من يقف وراء فرض نظام التابلت على الطلاب وإلزامهم بدفع ثمنه في ما يبدو أنها صفقة جديدة قد يكون في نهايتها ومحركها أحد رجال الأعمال المرتبطين بالمؤسسة العسكرية وربما أحد الجنرالات وهي فرضية يعززها تمدد المؤسسة العسكرية في معظم الأنشطة الاقتصادية، فما جدوى فرض نظام كهذا في ظل تردي البنية التحتية لمنظومة الإتصالات وعدم توفر العدد الكافي من المدارس التابعة لوزارة التربية والتعليم والقائم منها بالفعل الكثير منه يحتاج إلى صيانته وتحديثه مما أدى إلى تكدس الطلاب بصورة غير صحية حيث يصل العدد أحيانًا لأكثر من 40 طالب في الفصل الواحد، وانخفاض كفاءة الكوادر من هيئة التدريس وعدم تلقيهم الأجور المناسبة التي تعينهم على تغطية نفقات أسرهم وهو ما يؤثر بالسلب على العملية التعليمية برمتها، ويبدو أن هذا التقصير في الإنفاق على منظومة التعليم متعمد حتى تفقد مصر مستقبلها كما أحرق العسكر ماضيها وقاموا برهن وتقييد حاضرها، فبينما تشكو وزارة التعليم عن انخفاض ميزانيتها وعدم مقدرتها بالوضع الحالي على بناء مدارس جديدة أو صيانة القائم منها وأن معظم مخصصات التعليم في الموازنة العامة تذهب لتغطية مرتبات الموظفين والعاملين، نجد في المقابل الارتفاع المستمر في عدد السجون التي تم بنائها في عهد السيسي والذي وصل إلى 24 سجنا في 5 سنوات كلف تشييدها خزانة الدولة عشرات المليارات ليصل العدد الإجمالي إلى 66 سجنا، بينما تعلن نفس الدولة عجزها وعدم توافر المصادر المالية اللازمة لتطوير منظومة التعليم والصحة، وهذا هو ديدن الأنظمة القمعية وأسلوبها المتوارث والمتشابه، فثلاثية القمع والجهل والمرض هي الأعمدة التي تستمد منها قوتها وبقاؤها ولا يصب في صالحها أن يكون الشعب الواقع تحت نير حكمها لديه رفاهية التعليم وامتلاك الوعي والثقافة أو يتمتع بالصحة ففي هذا نهايتها وزوالها.
بقلم: جمال الهواري
copy short url   نسخ
25/05/2019
1389