+ A
A -
بقلم: أ. د. علي عبدالله آل إبراهيم
إن التطور الذي حدث في بيئاتنا التنظيمية المختلفة نتيجة للمتغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي شهدتها منطقتنا، ترك آثارا واضحة على منظماتنا ذات الصلة بمجالات العمل المجتمعي والخيري، فكان لا بد أن نعمل على أن تطور هذه المنظمات جهودها، وتعمل كذلك على نقل هذه المنظمات من منظمات تدار بعقول فردية إلى منظمات تدار وفق منهج مؤسسي احترافي لضمان استدامة أعمالها. وفي الحقيقة، هناك حاجة ماسة لتدار هذه المنظمات وفق منهجيات مؤسسية، لأن ذلك ينقل العمل من الفردية إلى الجماعية، ومن العفوية الإدارية إلى التخطيط،، ومن الغموض إلى الوضوح. وكذلك، فإن العمل المؤسسي للمنظمات المجتمعية والخيرية ينقل عملها من محدودية الموارد إلى تعددية الموارد، ومن التأثير المحدود إلى التأثير الواسع. إضافة إلى ذلك، فإنه ينقل العمل من الوضع العرفي إلى الوضع الشرعي والقانوني. وللعمل المؤسسي فوائد عديدة يعود أثرها على المنظمات المجتمعية والخيرية بصورة مباشرة، حيث يضمن ثبات العمل واستمراره ويحافظ على تراكم الخبرات والتجارب والمعلومات. كما يحافظ على الاستقرار الإداري والمالي للمنظمة. ويضمن كذلك، عدم تفرد القائد أو القيادة باتخاذ القرارات المصيرية المتعلقة بالمنظمة. ويضمن أن جميع العاملين فيها ملتزمون بمنظومة من القيم والمبادئ يتمحور حولها أدائهم وسلوكهم وعلاقاتهم المهنية والإنسانية. إضافة إلى ذلك، يؤكد العمل المؤسسي على جاهزية المنظمة في تقديم القيادة البديلة في وقت الضرورة والطوارئ. ويضمن أن الإدارة ستجتهد لاختيار أفضل الأساليب والنظريات الإدارية التي تحقق أعلى نسبة من الإنتاجية والعائد، وكذلك سوف تدعم منظومتها بأفضل الموارد البشرية من خلال اتباع سياسة متطورة في الاختيار والتوظيف والتأهيل والتدريب. ويستعرض الدكتور محمد أكرم العدلوني الخبير الإداري المعروف «مستلزمات البناء المؤسسي للمنظمات المجتمعية والخيرية» في كتابه الموسوم بعنوان «العمل المؤسسي» والتي منها: انفراد فكرة وغرض المنظمة، والمشروعية الرسمية والتي تشمل التراخيص اللازمة من جهات الاختصاص، وخبرة القيادة وكفاءتها وتفرغها، إضافة إلى حسن الإدارة المالية لأعمالها سواء من ناحية قدرتها على تنمية مواردها المالية إضافة إلى حسن توظيف هذه الموارد لاستدامة أعمالها وتحقيق أهدافها. وأن تتوفر لدى المنظمة خطط لعملياتها وبرامجها وأنشطتها سواء الإستراتيجية منها والتنفيذية.و كذلك من الأمور الضرورية، توفر دليل للوائح والإجراءات الداخلية، ودليل توجيهي وآليات واضحة لاختيار وإدارة الموارد البشرية للمنظمة سواء كانوا من العاملين أو المتطوعين. كما أنه توفر السمعة الجيدة للمنظمة المجتمعية والخيرية أمر في غاية الأهمية. وعليه، يجب على المنظمات أن تمتلك دليلا إرشاديا وتنفيذيا لإدارة سمعتها. كما أن، توفر مقر مناسب للمنظمة المجتمعية والخيرية يعزز من ممارساتها المؤسسية، إضافة إلى قدرة المنظمة على اتخاذ القرار وفق قواعد مرجعية وتسلسل تنظيمي واضح ومعتمد. وكذلك تحديد الجمهور المستهدف لأعمال وأنشطة المنظمة المجتمعية أمر في غاية الأهمية لأن الخطط والبرامج يتم توجيهها بشكل صائب، مما يضمن تحقيق العائد المأمول. وأخيرا وجود أنظمة للرقابة والمتابعة لجميع مراحل أعمال المنظمة وأنشطتها وبرامجها يحقق منظومة مؤسسية لهذه الأعمال.
ويضيف الدكتور محمد العدلوني قائلا: هناك أركان سبعة للعمل المؤسسي في المنظمات المجتمعية والخيرية منها: تبني منظومة من القيم والمبادئ يتمحور حولها عمل المنظمة، ووجود استراتيجية واضحة ومحددة. وكذلك، بناء هيكل تنظيمي متين يتناسب مع طبيعة المنظمة واستراتيجيتها، وتبني نمط أو أسلوب إداري يتناسب مع رؤية المنظمة، ووضع أنظمة عمل دقيقة ومرنة، والعمل على استقطاب كوادر بشرية ذات نوعية متميزة تتناسب مع مهمة المنظمة، وتنمية مستمرة للمهارات لأداء عمل المنظمة.وختاما، إن الدافع لي للكتابة في هذا الموضوع، هو ما أشاهده من العدد الكبير للمنظمات الخيرية والمجتمعية التي تعمل في منطقتنا الإسلامية والعربية للاستجابة للحاجات المجتمعية،والمساهمة في تنمية مجتمعاتها أو المستهدفة من خدماتها وأنشطتها، وبالتالي، التزامها بمنظومة العمل المؤسسي أصبح شرطا لا يمكن الاستغناء عنه وفقا للتشريعات الوطنية والممارسات الدولية المعيارية. فلنجعل من عمل هذه المنظمات في شهررمضان وقدرتها على حشد الدعم لها سبيلا للانطلاق نحو تجويد ممارساتها المؤسسية.
copy short url   نسخ
25/05/2019
2952