+ A
A -
كتب- محمد الجعبري
ناقشت الندوة الحوارية التي نظمتها «الخيمة الخضراء» التابعة لبرنامج «لكل ربيع زهرة» موضوع الطفولة ومخاطر الألعاب الإلكترونية ودورها الإيجابي والسلبي وصناعتها ومدى ملاءمة هذه الألعاب لهوية الطفل، مركزة الضوء على الأدوات والتشريعات الحمائية والرقابية عليها وثقافة التعامل معها لدى الأسرة والدور الإعلامي في مواجهة مخاطرها.
وشدد الدكتور سيف علي الحجري رئيس برنامج «لكل ربيع زهرة» على أن الدولة هي المظلة الكبرى لحماية المجتمع والمسؤولة عن الرقابة والتشريع ووضع الاستراتيجيات والخطط التي تؤمن أعضاءه سواء على مستوى الأسرة أو الحاضنات «المدارس والجامعات وأماكن العمل».
وأكد أن دولة قطر لديها رؤية واضحة لمستقبل أطفالها واحترام هويتهم العربية والإسلامية ولديها أجهزتها الخاصة ومراكزها العلمية والبحثية الخاصة بمتابعة المستجدات الإلكترونية الحديثة والتعامل معها بمرونة، مشيرا إلى أن الدولة بادرت بالتوقيع على العديد من الاتفاقيات الإقليمية والدولية المتعلقة بحماية حقوق الطفل.
وطالب الدكتور الحجري المبدعين والباحثين بالتعامل الإيجابي مع ألعاب الأطفال الإلكترونية وابتكار أنواع مناسبة تحقق الأهداف والمتطلبات وتحظى بالإيجابية وعناصر الجذب والإثارة بدلا من اتباع سياسة «المنع»، لافتا إلى أهمية الاستثمار في هذا القطاع وإيجاد منتجات مفيدة للأبناء.
وأوضح أن قضية الألعاب الإلكترونية للأطفال أصبحت هاجسا على المستويات كافة، فالطفل من الشرائح الضعيفة والهشة التي يعمد «دعاة الشر» للتأثير عليها ومحاولة عزلها عن محيطها وتاريخها ومجتمعها لذلك يجب العمل على حماية هؤلاء النشء من خلال الأجهزة التشريعية والرقابية والبحثية، داعيا إلى ضرورة إجراء دراسات ومسوحات في هذا الخصوص لوضع الاستراتيجيات والخطط التي تتماشى مع العصر وتتوافق مع المجتمع العربي والإسلامي الذي نعيش فيه حتى لا ينشأ الطفل غريبا في مجتمعه.
وفي تقديمه للندوة صنف الدكتور حسن علي دبا الألعاب الإلكترونية من حيثُ فئة مستخدميها والهدف منها إلى ثلاثة أنواعٍ رئيسية: ألعاب الذّكاء التي تركز على العقل والتفكير المنطقيّ، وألعاب الإثارة والمتعة وتعتمد على التّسلية وملء أوقات الفراغ، وهي تفاعلية ترتكزُ على تعاطي اللاعبين معها وتتدرّج مستوياتها من السهولة للصعوبة. والألعاب التعليمية وتهتم بنقلِ المعلومة لمن يلعبها بأسلوبٍ مُسَلٍّ، وتُغطّي الكثير من المجالات؛ كالرياضيات، والتاريخ، والعلوم، واللغات، وغيرها.
واستعرض الدكتور حسن الآثار الاجتماعية السلبية للألعاب الإلكترونية كصعوبة التأقلم مع الحياة الطبيعية؛ الأمر الذي يقوده إلى الفراغ النفسي والشعور بالوحدة والانطوائية والانفصال عن الحياة الواقعيّة والاجتماعية والميل إلى التّحدي والعنف والتّوتر والعراك الدّائم مع محيطه، لافتا إلى أن بعض تلك الألعاب تزيد ارتباط الطّفل بقيم المجتمعات الغربية؛ مما يفصله عن مجتمعه وثقافته وقيمه وتكسبهم الكثير من الأفكار والعادات التي لا تتوافق مع الدّين وعادات المجتمع وتقاليده، وتؤسّس لأفكار الرذيلة والإباحية.
وأكد عدد من المتخصصين في الألعاب الإلكترونية والأطباء النفسيين والأكاديميين والمستشارين الاجتماعيين المشاركين في الندوة أن صناعة الألعاب الإلكترونية تعد من الصناعات الكبيرة في العالم الحديث، ولها العديد من الفوائد الكبرى منها استيعابها لأعداد هائلة من الفنيين بجميع التخصصات وتناسبها مع الاجهزة المتعددة (الهواتف الذكية، والأجهزة اللوحية والحواسيب وغيرها) مما جعل هذه الألعاب في متناول الجميع.
وبينوا أن قيمة سوق الألعاب في العالم قد تجاوزت 35 مليار دولار عام 2007، بينما صعدت قيمة السوق حاليا إلى 138 مليارا.
وبين المتخصصون أن هذه الألعاب تسهم في تنمية مهارات الطفل العقلية والفكرية باعتبارها تمثِّل رياضة ذهنية تقوِّي ملكة الاستدلال عند اللاعب وتنمِّي قدرته على التركيز والتفكير العلمي السليم وعلى وضع الاحتمالات والدخول في التحديات هذا فضلاً عن تنشيط الذاكرة وتعويد الطفل على الصبر والمثابرة.
وأضافوا أنها تعمل كذلك على تنمية القدرة على الابتكار واتِّخاذ القرار والتغلّب على المشكلات من خلال ما تحويه من معلومات عامة، وبرامج تعليمية، ما يؤدي دوراً إيجابياً في تنمية قدرات الأطفال ومساعدته على الاندماج في عالم المعلوماتية والتكنولوجيا الحديثة وكذلك قضاء أوقات طيبة وسعيدة، وملء وقت الفراغ وخروجه من حالة الملل التي قد يعاني منها.
ودعا المشاركون في الخيمة الخضراء إلى سن تشريعات قانونية وإنشاء هيئة أو مركز متخصص وموقع إلكتروني تكون مهمته الأساسية تصنيف الألعاب الإلكترونية وفقًا لمقاصد الشريعة الإسلامية المتعلقة بحفظ الضرورات الخمس: (حفظ الدين، النفس، العقل، المال، العِرض) لحماية الأطفال والشباب من خطر هذه الألعاب المنتشرة على شبكة الإنترنت ومنافذ البيع المختلفة.
ونصح المشاركون أولياء الأمور بالتحدث مع الطفل وتحديد فترة زمنية للعب ومعرفة ماهية اللعبة والعمر المناسب لها وتشجيع الطفل على شراء لعبة لتنمية الذكاء، أو لتعلُّم نشاطات جديدة، مع إبعاده قدر المستطاع عن الألعاب الفردية، وتعويد الطفل منذ الصغر على ممارسة التمارين الرياضية وقراءة القصص المسلية؛ وبناء الحصانة في نفس الطفل دائمًا؛ ليبتعد ذاتيًّا عن كل ما هو ضار ومخالف للعادات والتقاليد.
copy short url   نسخ
23/05/2019
999