+ A
A -
عزة مختار كاتبة مصرية
تعاني مصر، على الرغم من الحراك الثوري الكبير عربيا، من حالة كساد ثوري وصمت مريب، إثر تمرير جريمة التعديلات الدستورية المشبوهة، والتي على أساسها سوف يجثم النظام على صدور المصريين سنوات أخرى قابلة للتجديد، وذلك بعد أن فرض النظام سيطرته الأمنية على كل أطياف المعارضة في الداخل، لتطال كل من شارك في ثورة 25 يناير، ولم تتوقف عند من ينادون بشرعية الرئيس محمد مرسي، ليضع النظام كل معارضيه في سلة واحدة في مواجهة الانقلاب الغاشم.
نجاح أي ثورة تغيير، يلزمها محوران أساسيان، يتعلّقان بممارسات النظام ومجموعة الإجراءات والوسائل الموجهة لإسقاطه والتي يقوم بها الثوار. بالنسبة للمحور الأول، في الحالة المصرية، يمارس النظام القمعي كل ما من شأنه دفع الشعب إلى الانفجار الداخلي، وتغيير وجهة النظر العالمية تجاه تجاوبها وسكوتها، بل ورضاها عنه حرصا على مصالحها، فإذا استشعر الغرب أي خطر على مصالحه استمر في دعم الديكتاتور. وبناءً على ذلك، الخطوة الأولى لدى الشعب لاستعادة حريته أن ينتفض متحدا لفرض لغة أخرى لا يعرف العالم سواها، هي لغة الإرادة والقوة والوحدة. أما المحور الثاني، وهو الإجراءات الثورية التي يجب أن يتحصن خلفها الشعب ويوجهها مفكرو الثورة ومنظروها وقادتها، فللأسف الشديد، الحالة لا تسر في البلاد، وكأن الثورة تسير بقدم واحدة، نظام يدمر وثوار مشتتون، متناحرون، فبين الإخوان المسلمين الذين دفعوا الثمن الفادح وما زالوا، وبين النخبة التي وقعت أخيرا في فخ الاعتقال والاتهام بالانتماء لجماعة محظورة، يقف الشعب منتظرا قيادة توجهه في أي اتجاه يسير.
ولأن مصر جزء مهم من العالم الذي أصبح قرية واحدة، وبما أن نهضتها من كبوتها تؤثر في المنطقة كاملة، بل إن تحرير مصر من الطغمة الغاشمة هو البداية لتحرير كل المقدسات، لتصير الثورة المصرية واجبة الحدوث والاستمرار، ويكون توحيد الكلمة فريضة وإصلاح الشأن الداخلي للثوار والتجاوز عما فات واجب الوقت. ويكون ذلك بتحمّل الشعب مسؤوليته تجاه ذاته، وبقيام المفكرين والإعلاميين الواعين وأصحاب العقل والدين والحكمة بحملات توعية موسعة على القنوات الإعلامية المهدر دورها لتحويل طاقة الغضب لدى الناس لمسار إيجابي موجه في إجراءات منظمة يقوم بها الداخل المصري وخارجه، على التوازي. وأيضا بدعوة عامة تتبناها إحدى الهيئات العالمية، وليكن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين للتوفيق بين القيادة الثورية وثوار يناير بعضهم البعض لاستعادة الثورة وإنقاذ البلاد.
وفي الوقت الذي ينتظر فيه المصريون القائد المحرك لثورة لا تبقي ولا تذر، أصبح واجبا على الشعب المصري أن يدرك:
أولا: انتظار القائد الملهم لم يعد في صالحه، وسرعة الأحداث والممارسات الكارثية مخيف، ولم يعد يملك وقتا كثيرا لإنقاذ الوطن.
ثانيا: انتشار الوعي في المجتمع أفضل كثيرا مما كان عليه منذ خمس سنوات، وأصبح الشعب مؤهلا لموجة ثورية جديدة في ظل حالة خبرة ثورية قد تقيه من الوقوع مرة أخرى في أخطاء الموجة الأولى. ثالثا: أدركت النخبة الثورية، ولو نظريا، أن الشعب إن لم يكن ظهيرا لأي حراك، فهو محكوم عليه بالفشل.
رابعا: على الشعب أن يدرك أن الثورات يمكنها أن تصنع القادة، وأن الحراك مدرسة يتعلم فيها الجميع بعد أن احتكرت الأنظمة المتوالية ممارسة السياسة على ذاتها، وأوقعت الشعب، بكل فئاته، في الجهل السياسي، فالحراك يصنع قائده، ويفرز رواده، فالحراك يجب أن يبدأ الآن، الآن وليس بعد.
copy short url   نسخ
22/05/2019
1365