+ A
A -
استضافت عاصمة جمهورية طاجيكستان مدينة دوشنبه يومي 16-17 مايو 2019م المؤتمرالدولي الرفيع المستوى تحت عنوان «التعاون الدولي والإقليمي في مكافحة الإرهاب ومصادر تمويله عن طريق الاتجار غير المشروع بالمخدرات والجريمة المنظمة» والذي عقد بمشاركة ممثلي خمسين دولة وسبع وعشرين منظمة دولية وإقليمية وذلك بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا وعدد من الدول الشريكة. ويأتي انعقاد هذا المؤتمر في إطار اهتمامات المجتمع الدولي بقضية مكافحة تحديات العصر الخطيرة وتداعياتها الوخيمة وعلى رأسها الإرهاب الدولي الذي بات يهدد العالم بأسره مما يتطلب التكاتف وتضافر الجهود من أجل مقاومته واستئصال جذوره والقضاء على مصادر تمويله. ومما أضفى على مؤتمر دوشنبه قوة وأهمية هو حضور فخامة الرئيس/‏ إمام علي رحمان رئيس جمهورية طاجيكستان في جلسته الافتتاحية حيث ألقى كلمته أمام المشاركين. وقد جاء في كلمة فخامة الرئيس الطاجيكي أن العالم بأسره اليوم أضحى مهدداً بتداعيات وتحديات عالمية خطيرة في ظل تزايد واتساع رقعة أنشطة التنظيمات الإرهابية والمتطرفة التي تكتسب طابعاً عابراً للحدود، ملقيةً بظلالها على حدود جميع دول العالم تقريبًا. وقد أكد فخامة الرئيس إمام علي رحمان أن عملية مكافحة الإرهاب لا بد أن تتضمن قبل كل شيء التركيز على معالجة جذور هذه الظاهرة وأسبابه ومن ثم القضاء عليها، بالإضافة إلى العناية بحل القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي قد تكون سببا رئيسيا للتطرف. كما تضمنت كلمة فخامة الرئيس دعوة المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف موحد وشفاف وصريح تجاه الإرهاب والإرهابيين دون اللجوء إلى «المعايير المزدوجة»، التي قد تؤدي إلى توسع نطاق التحديات والمخاطر الأمنية بأشكال وأساليب غير معهود بها، ولا يمكن تصنيف الإرهابيين إلى فئات جيدة وسيئة، وأن الهجمات الإرهابية التي شهدتها أفغانستان ونيوزيلندا وسريلانك مؤخرا تُظهر بوضوع أن الإرهابي ليس له وطن ولا أمة ولا دين ولا مذهب وأن القيم الإنسانية غريبة عليهم وأن دول العالم قاطبة ليست معصومة من خطورة الأعمال الإرهابية وطالما أصبح تنقل الناس والأموال والأفكار عبر الحدود أمرا سهلا، فإن ظاهرة الإرهاب والتطرف تبقى تمثل خطرا جادا على جميع الدول. ومما يثير القلق أن الجماعات الإرهابية والمتطرفة تستخدم تكنولوجيات المعلومات بشكل واسع لنشر أفكارها المتطرفة وتضليل الناس والتحكم في العمليات الإرهابية عن بعد. وأضاف الرئيس الطاجيكي ان توسع نطاق أنشطة الجماعات الإرهابية له صلة وثيقة بتمويلها ودعمها المادي والمالي، الأمر الذي يهيء لها أرضية مادية كافية لمقاومة سلطات إنفاذ القانون للبلدان، معرباً عن تأييده الكامل لقرار مجلس الأمن لمنظمة الأمم المتحدة رقم 2462 (2019م) حول تهديدات السلام والأمن الدوليين الناجمة من الهجمات الإرهابية وتفادي ومكافحة تمويل الإرهاب والذي قد تم اعتماده في 28 مارس من العام الحالي، ومشيراً إلى أن عمليات تهريب المخدرات والاتجار بالبشر وتهريب القطع الأثرية التاريخية والثقافية تمثل اليوم أهم مصادر تمويل الإرهاب. ويرى فخامة الرئيس الطاجيكي أن إرساء السلام والاستقرار في أفغانستان التي تجاور بلدان آسيا الوسطى هو شرط محوري للحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليميين والدوليين. وفي هذا الصدد أعرب عن أسفه تجاه توسع نطاق حضور الشبكة الإرهابيةال دولية داخل أراضي هذا البلد الشقيق، خاصة في ظل عمليات نقل عناصر تنظيم ما يسمى بـ «الدولة الإسلامية» من الشرق الأوسط إليها بعد مشاركتهم في العمليات الإرهابية في سوريا والعراق واكتسبابهم خبرات قتالية وحرصهم على تنفيذ مخططات لزعزعة استقرار المنطقة بأشكال منهجية وتنظيمية جديدة. وفي السياق نفسه صرح الرئيس الطاجيكي أن قضية أفغانستان ليس لها حل عسكري فحسب وهي ليست معضلة أفغانستان أو المنطقة فقط بل إن لها بعداً دولياً، مؤكداً على مساندة طاجيكستان للمبادرات والمساعي البنّاءة لحكومة أفغانستان والمجتمع الدولي على مسار عملية السلام، ومناشداً كافة الأطراف المعنية بمضاعفة جهودها لإيجاد سبل سلمية في معالجة القضية الأفغانية. وفي سياق حديثه عن تفعيل جهود المجتمع الدولي في منع مصادر تمويل الإرهاب أشاد الرئيس الطاجيكي بإستراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب ومعاهداتها الخاصة بمكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة وكذلك توصيات فريق العمل المعني بالتدابير المالية (فاتف) داعياً إلى ضرورة تنفيذها على أرض الواقع. وفي ختام كلمته أعرب فخامة الرئيس الطاجيكي إمام علي رحمان عن يقينه أن المقاومة الفاعلة للتحديات الأمنية الحديثة لن تؤتي ثمارها إلا من خلال جهود مشتركة ومنسقة وتنفيذ إجراءات بشكل منتظم. وكان لدولة قطر حضور متميز في مؤتمر دوشنبه من خلال الدعم في تنظيمه والمشاركة الفاعلة في أعماله. وقد ترأس وفد دولة قطر في هذا المؤتمر سعادة الدكتور مطلق بن ماجد القحطاني المبعوث الخاص لوزير الخارجية القطري لمكافحة الإرهاب والوساطة في تسوية المنازعات. وقد تمخضت المؤتمر عن البيان الختامي – إعلام دوشنبه الذي أكد على مواصلة العمل في إطار مساعي المجتمع الدولي في مجال مكافحة الإرهاب ومحاربة مصادر تمويله مثل الاتجار غير المشروع بالمخدرات والاتجار بالبشر وغسل الأموال، كما دعا الإعلان كافة الدول في العالم إلى الالتزام بواجباتها وتعهداتها في هذا الاتجاه.
copy short url   نسخ
20/05/2019
971