+ A
A -
يشتكي الكثير من قيادات المنظمات الخيرية بالقيود التي تم وضعها على عملياتهم وأنشطتهم ومشروعاتهم في السنوات الأخيرة، وخاصة الأجزاء المتعلقة بجمع التبرعات والمساهمات المالية، وتحديد شركاء التنفيذ، والزامية تقديم التقارير المالية، ومتطلبات الإفصاح والشفافية العالية في الكشف عن ممارسات هذه المنظمات وغيرها من المتطلبات التي أصبحت ملزمة وفق قوانين وتشريعات وطنية وكذلك بموجب اتفاقيات دولية، حيث ترصد العديد من المراصد الحكومية وغير الحكومية مدى التزام هذه المنظمات الخيرية بقوانينها الوطنية واتفاقياتها الدولية. وبالتالي، أصبحت أعمال هذه المنظمات الخيرية تخضع لمعايير الرقابة والحوكمة، واصبحت إدارات الحوكمة والمخاطر من الإدارات الأساسية في المنظومة الهيكلية للمنظمات الخيرية في الكثير من الدول، وذلك حتى تتمكن من الوفاء بالتزاماتها تجاه المؤسسات الرسمية، وكذلك المستفيدين من خدماتها، إضافة إلى المتبرعين والمساهمين. وتتعلق حوكمة أعمال القطاع الخيري بالطريقة التي يتم من خلالها إدارة أعمال المنظمات الخيرية من النواحي الإدارية والمالية. حيث إن نظام الحوكمة يمثل مجموعة القواعد والمبادئ والسياسات والإجراءات والبنى الإدارية التي تنظم عمل المنظمة ودورها. وتقول الأستاذة هدى الميداني في مقال لها تم نشره في موقع «مزن» الشهير إن «بناء نظام الحوكمة في المنظمات الخيرية هو من مهام مجلس الإدارة والذي يشرف بشكل مباشر على فريق إداري وموظفين يقدمون الخدمات للمستفيدين ويسهلون إسهامات المتطوعين والمتبرعين والداعمين لتعظيم دورهم في المنظمة بما يعود على المستفيدين والمجتمع بأفضل النتائج». وتضيف كذلك «تقوم مبادئ حوكمة أعمال القطاع الخيري كما تراها على ثلاثة مبادئ أساسية هي:
- الشفافية: حيث تتعلق الشفافية بالإفصاح الإداري والمالي أمام المهتمين من عموم الناس وأمام المتطوعين والمتبرعين المحتملين وايضاً المستفيدين، وكذلك أمام الجهات العامة والخاصة.
- المشاركة: هي مشاركة الفئات سابقة الذكر في قيادة المنظمة الخيرية وإدارة أعمالها – مع الاحتفاظ بشخصية المنظمة ورسالتها – فتكون بذلك أكثر استجابة لحاجات الناس وتطلعاتهم وأكثر حساسية لتحفظاتهم وتفضيلاتهم وأكثر قدرة على التأثير فيهم.
- المحاسبة: هي النتيجة الطبيعية للشفافية والمشاركة بحيث يسمح القائمون على المنظمة الخيرية للناس بمحاسبتهم ونقدهم وتصحيح مسارهم إن تطلب الأمر مرحبين بتبادل النقاشات والمعايير والرؤى ودراسة الأوضاع الحالية وطرق العمل الأكثر فعالية».
إن حوكمة أعمال القطاع الخيري تزيد من ثقة المجتمع بأعمال المنظمات الخيرية، وبالتالي تنعكس ايجابا على علاقتها مع المؤسسات الرسمية، والمتبرعين، والإعلام، وكذلك المتطوعين، إضافة إلى المنظمات الشريكة سواء المحلية منها أو الوطنية.
ويمثل نطاق حوكمة البنية القانونية للمنظمات الخيرية أمرا هاما يستلزم قيام المؤسسات الرسمية في الدولة وأجهزتها التشريعية والرقابية ذات الصلة بالعمل الخيري في دعمها، وممارسة محتواها عند التعامل مع هذه المنظمات. فالمؤسسات الرسمية هي التي تنظم العلاقات وتحفظ حق المجتمع، وكذلك تحفظ حقوق المنظمات الخيرية لأداء أعمالها وفق احترافية عالية، وكفاءة انتاجية مستندة على مرجعيات وممارسات مهنية صائبة. وبالتالي، عدم التمييز بين المنظمات الخيرية في مراقبة تطبيق هذه المنظمات يعد أمرا في غاية الأهمية.
وختاما، التزام المنظمات الخيرية بمعايير الحوكمة في أعمالها أمر لا مناص منه، وبالتالي يحقق لها ممارسة أنشطتها وفق مرجعية معيارية دولية، إضافة إلى أنها تحقق بهذا الالتزام كفاءة إنتاجية عالية، وحالة من الرضى المجتمعي من قبل المتبرعين والداعمين والمتطوعين، وكذلك تبني جسورا من الثقة مع المؤسسات الرسمية. وقد تكون مناسبة رمضان المبارك، حيث في هذا الشهر الفضيل تزداد فيه التبرعات بصورة مضاعفة عن غيرها من أوقات السنة، وذلك لخصوصية شهر رمضان المبارك في نفوس المسلمين، وهو شهر التكافل المجتمعي بامتياز، وأولى ممارسات تطبيق مبادئ الحكومة أن تعلن هذه المنظمات الخيرية عن التدفقات المالية التي وصلت لها أولا بأول، ومصادر هذه التدفقات، وماذا تعتزم أن تنفذ بها من مشروعات. وبالتالي، تعطي فرصة للمجتمع وأصحاب المصلحة للمساءلة المجتمعية الهادفة، وتعزز من شفافية أعمالها المؤدية إلى تطبيق رشيد لمبادئ الحوكمة لأعمالها وأنشطتها.
copy short url   نسخ
20/05/2019
1207