+ A
A -
علي نوري
لم يكن يوم السادس عشر من مايو الحالي يوماً عادياً في قطر، فقد حمل الكثير من «بشائر الخير»، التي سرعان ما تلاقفتها غالبية وسائل الاعلام العربية والاجنبية في ارض الله، لتكتب بمانشيتات عريضة ان قطر جاهزة كل الجاهزية لاستضافة مونديال 2022 بل انها اثبتت بما لا يقبل الشك ان النسخة المونديالية القادمة ستكون هي الاجمل في كل نسخ هذه البطولة على مر تاريخها.
وعندما قلت ان ذلك اليوم ليس عادياً فقد كنت اعني تماماً، لان هناك من يحاول ان يتهكم حول قطر بأنها بلد صغير لا يتمكن من استضافة هكذا احداث عالمية كبرى، في محاولة لتصغير المنجزات المتحققة على مدار السنوات الماضية، بل دعوني اقول جازماً ان هذه «فرية» يتم الحديث عنها باستمرار دون ان تقلل من بلد ملأ الدنيا وشغل الناس، حيث يأتي الرد مختلفاً تماماً يغلفه الاصرار على الابداع والامتاع في كل النواحي العمرانية، وهذه حقيقة لا يمكن ان تحجب بغربال.
زرت قطر كثيراً، ولا اغالي لو قلت انه في كل زيارة إلى هذا البلد أرى اشياء مختلفة تماما عن سابقاتها، وهذا نابع من الاهتمام الذي يوليه المسؤولون ببلدهم الذين يطمحون لايصاله إلى الاعالي بكل جد وحرص واهتمام، وها هي قطر تدشن «استاد الجنوب» درة تاريخية ارتكزت في مدينة الوكرة التي تتنفس الهواء الممزوج برائحة البحر وما اطيب هذا «المكس» عندما هب على نحو 38 ألف متفرج ازدحمت بهم مدرجات الملعب في نهائي كاس امير قطر بين السد والدحيل.
كان يوماً رائعاً حقا ونحن نرى هذه اللؤلؤة عبر شاشات القنوات الرياضية القطرية التي نقلت حدثاً مميزاً وفريداً من نوعه، لم يكن حدثا واحداً فقط بل ان احداثا كثيرة قد جرت في ذلك اليوم، ودعوني أسمها رسائل معبرة وكبيرة بدأت من تواجد حضرة صاحب السمو امير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بين مواطنيه والمقيمين في بلاده عندما استقل المترو بكل تواضع وهدوء وضحكة ممزوجة بالسعادة ليتوجه من الدوحة إلى الوكرة، حيث رعى حفل الافتتاح ونهائي كاس الأمير وهذه كانت الرسالة الأولى التي حملت من المعاني والبلاغة الكثير، اما الرسالة الثانية فهي افتتاح استاد الجنوب بلوحة رائعة ومميزة حيث تم تدشينه في نهائي اغلى البطولات، منجز فريد وعالمي تم افتتاحه قبل اشهر عديدة من موعده الرسمي، اما الرسالة الثالثة فهي تواجد اساطير العالم ونجوم عالميين وعرب في استاد الجنوب، وكان الانبهار واضحا عليهم بهذه التحفة المعمارية الخلابة، والرسالة الرابعة تلك التي تتمثل بالحضور الجماهيري الكبير الذي ازدحمت به مدرجات الملعب، اذ عبرت الجماهير عن شوقها وولعها وشغفها وترقبها لانطلاق المونديال القادم، افتتاح اقل ما يقال عنه انه تاريخي للغاية امتزجت به كل الالوان الجميلة، فقطر بعثت رسائل عديدة للعالم اجمع مفادها: هذا هو بلد المونديال، فمرحبا بكم في دوحة العز والخير.
الرسائل التي تناثرت على العالم من بلد المونديال كان له وقع الصدى لدينا -نحن العراقيين- كيف لا وإن الافتتاح شهد وقفة إنسانية تنم عن روعة واخلاق اهل قطر ومسؤوليهم، الرسالة كانت بتواجد صورة في الافتتاح للمصممة المعمارية العراقية الراحلة زها حديد التي صممت هذا الاستاد، اذ جاء ذلك عرفانا وامتنانا لها على هذه التحفة المميزة، فتناقل كل العراقيين ذلك التخليد الرائع بارتياح كبير ومحبة للاشقاء التي لم تكن تلك الالتفاتة غريبة عليهم، وهذي عوايدها قطر.
copy short url   نسخ
19/05/2019
1108