+ A
A -
كتب – أكرم الفرجابي
ناقش المتحدثون في الجلسة الخامسة، من البرنامج الحواري الرمضاني «وآمنهم من خوف»، الذي تنظمه وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، بمشاركة ثلة من علماء العالم الإسلامي، دور اللغة العربية في تحقيق وحدة المسلمين.
وقال الدكتور عبد المجيد النجار، الباحث والمفكر الإسلامي، عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، إن اللغة العربية جمعت من الصفات ما لم يجتمع عند أي لغة أخرى لأنها ذات بعد ديني ولا نفهم ديننا إلا من خلالها، ووصفها بأنها المفتاح الذي يفتح لنا كنوز ديننا وهي أقدم لغة يتحدثها الناس اليوم، لافتاً إلى أنها لغة ذات بعد جمالي وفني معروف، كما أنها ذات بعد حضاري، إذ نقلت الحضارة السابقة إلى الحضارة الحديثة اليوم، من خلال ترجمة علوم الأوائل واختراعهم من ذات نفسها، مبيناً أن اللغة العربية لغة عالمية، لأنها لغة القرآن الكريم والدين الذي يعتنقه مليار و750 مليون مسلم وهم جميعا يمكن أن يتحدثوا بها وبذلك يمكن أن تكون أوسع اللغات في هذا العالم غير أن وضعها في بلاد العرب أولا وفي بلاد المسلمين لا يسر الناظرين لأنها خرجت من دائرة العلوم الصحيحة وضيقوا عليها في التعليم وابتذلوها في الإعلام والصحافة واحتقروها في اللافتات والشوارع التجارية التي نتجول فيها، واصفاً اللغة العربية بأنها العنصر الذي يمكن أن يجمع ويوحد المسلمين.
تحديات اللغة
ومن ناحيته لفت فضيلة الشيخ عباس ارحيلة أستاذ التعليم العالي، جامعة القاضي عياض مراكش المملكة المغربية إلى التحديات التي تواجه اللغة العربية، والتي أولها أن ينزل بها القرآن الكريم، ويتكلم بها الوحي من عند الله وهذه مسؤولية، لأن الخطاب سيتوجه إلى البشرية منذ لحظة نزول القرآن الكريم حتى نهاية الدنيا، أما التحدي الثاني للغة العربية هو أنها حلت محل اللغات القديمة برمتها وكأن كل اللغات السابقة دخلت إلى المتاحف وأصبحت في ذلك الحين لغة العلم في أقطار الدنيا المختلفة في ذلك الزمان، وقال إن التحدي الثالث الذي واجه اللغة العربية هو أنها استطاعت أن تؤسس كل العلوم المرافقة للقرآن، وأن تدون بها كل العلوم بكل مصطلحاتها ومنجزاتها، أما التحدي الرابع فهو مقدرتها على نقل آثار الحضارات القديمة مثل الحضارة اليونانية حيث استمرت حركة التجربة نحو 4 قرون من الزمان، مشيراً إلى أن اللغة العربية هي لغة صحراوية ويستغرب أن تواكب حركة الحياة في تطوراتها حتى نهاية الدنيا.
وحول نماذج ومجالات شموخ اللغة العربية، قال فضيلة الشيخ الدكتور محمد الويلالي، أستاذ الخطابة والسلوك والأدب الإسلامي- مراكش المملكة المغربية، إن مشاهد ومجالات شموخ اللغة العربية متعددة يمكن اختصارها في خمسة مجالات، المجال الأول أن اللغة العظيمة هي لغة كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، 450 مليون من الناس، ولغة دين مليار ونصف المليار، والمجال الثاني أن المكتبات في طول الأرض وعرضها لا تخلو من الكتب العربية بالآلاف وليس بالمئات، والمجال الثالث أن اللغة العربية قاومت عددا كبيرا من معاول الهدم في الداخل والخارج، بدءا مما عرفته في معترك الحياة إبان الفترة العباسية وإثر دخول المغول بغداد ومروراً بالحروب الصليبية، وما استطاعوا أن يأخذوا منها قليلاً أو كثيراً، والمجال الرابع هو الاستعمار الذي انتصر في كثير من بلدان المسلمين وكان قد استهدف اللغة العربية قبل أن يستهدف الدين، لكن لم ينجح في القضاء عليها.
توحيد المسلمين
ومن جانبه أكد فضيلة الشيخ الدكتور أحمد حقار، رئيس المركز الثقافي للبحوث والدراسات الإفريقية والعربية بجمهورية تشاد، أن اللغة العربية وحدت المسلمين وظلت بهذا الشكل إلى عام 54 عندما قام الأوروبيون بوضع حد لتقدم اللغة، وأصدر البابا فرانسيس السادس صكه المشهور لإيقاف تقدم اللغة العربية، مبيناً أن نحو 600 مليار عدد سكان افريقيا يتعاملون بهذه اللغة، كما أنها طورت الكثير من اللغات المحلية عندما وهبت لها حروفها، وهو ساهم في توحيد ثقافة المسلمين والثقافة العربية الإسلامية العامل المشترك بين كافة المسلمين على وجه الأرض، لافتاً إلى أن تشاد التي اعتنقت الإسلام في القرن الأول من الهجرة، أصبحت فيها اللغة الرسمية في المادة التاسعة من الدستور ونحن نجاهد من أجل جعلها اللغة الوحيدة الرسمية، لان المادة التاسعة تقول إن لغة البلاد الرسمية هي العربية والفرنسية.
قال الدكتور سيراج الدين مافودة، عميد كلية الدراسات الشرقية، بجامعة سيان للدراسات الدولية الحكومية، وعضو لجنة توعية وتعليم اللغات الأجنبية بوزارة التعليم الصينية، إن اللغة العربية دخلت إلى الصين مع دخول الإسلام، وسارت معه قروناً وعصورا حتى صارت لغة مطلوبة ومقدرة لدى أبناء المسلمين الصينيين، فاستعملوها كلغة أساسية، ثم كلغة دينية ثم كلغة عملية على مدى عصور عديدة من التاريخ، لافتاً إلى أنهم درسوا هذه اللغة لأنها لغتهم الأم حسب ما يعتقدون، وطلبوها لأنها لغتهم الدينية، ويدافعون عنها لأنها لغة تاريخهم ولغة اعتقادهم ولغة ثقافتهم، وبهذه العقيدة حافظوا على تواجد اللغة العربية في الصين ونشروها بين أبنائهم، وعلموها للمسلمين وغير المسلمين، فأسست أقسام اللغة العربية بالجامعات الصينية والمعاهد العليا بالصين، على أيدي هؤلاء المسلمين وبجهودهم وإسهاماتهم حتى صارت اللغة العربية لغة علمية يدرسها المسلمون وغير المسلمين، مشيراً إلى أنهم يقدمون إسهاماتهم وجهودهم في التعريف بالإسلام، والثقافة العربية الإسلامية للصينيين، ويدافعون عنها في مواقف شتى ويجتهدون لتعزيز العلاقة بين الأمة العربية والأمة الصينية لنشر السلام والأمن في العالم.
العناية باللغة
من جانبه أوضح الشيخ ظفر الدين الندوي، أستاذ اللغة العربية، مدير مركز دعوي لكهنو الهند، أن الهند فيها لغات كثيرة وقد أثبتت بعض الإحصائيات أن في الهند أكثر من 500 لغة، ولكن مع ذلك اهتم المسلمون اهتماما بالغاً واعتنوا عناية كاملة باللغة العربية هذه اللغة المباركة، لأنهم يرون أن تعلم هذه اللغة من الدين، كما قال سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه: «تعلموا اللغة العربية فإنها من دينكم»، لدينا في الهند نظامان للتعليم نظام أهلي ونظام حكومي، فالمدارس الإسلامية التي تقوم بتدريس اللغة العربية يبلغ عددها أكثر من 20 ألف مدرسة، كما تقوم الجامعات بدورها في تعليم اللغة العربية، وفيما يتعلق بإقبال الناس على اللغة العربية، أوضح أن هنالك إقبالا كبيرا على اللغة العربية، فقد توجه كثير من الشباب إلى تعلم هذه اللغة، مبيناً أنهم يقومون بالتبادل الأكاديمي مع دولة قطر لتوفير البيئة الملائمة للتحدث باللغة العربية في بلاد الهند.
وبدوره قال الشيخ الدكتور نصر الله جاسام أستاذ بجامعة نهضة العلماء بجاكرتا ورئيس قسم بوزارة الشؤون الدينية بالجمهورية الإندونيسية إن اللغة العربية هي لغة مهمة جداً بالنسبة للإندونيسيين، فإندونيسيا هي أكبر دولة إسلامية في العالم، حيث يبلغ عدد سكانها 260 مليون نسمة، يمثل المسلمون منهم نسبة 85%، لافتاً إلى أن اللغة العربية لها مكانة خاصة لدى المسلمين في إندونيسيا، وقد أثبتت الدراسة أن هناك ما بين 10 إلى 15 % من ألفاظ اللغة الإندونيسية مأخوذة من اللغة العربية، أي ما يعادل 2000 إلى 3000 لفظة إندونيسية، وأشار إلى أن هناك تحديات لجعل اللغة العربية مألوفة على لسان المسلمين في اندونيسيا، ومن بين هذه التحديات أن اللغة العربية في انطباع الاندونيسيين هي لغة صعبة ومعقدة، وهذا اعتقاد خاطئ، منوهاً إلى أن هذا الانطباع السلبي يشكل حاجزاً نفسياً في اجادتها، ونوه إلى أن إندونيسيا بها 28 ألف معهد، تشبه الكتاتيب في الدول العربية، وبها 7 ملايين طالب، يدرسون جميعا اللغة العربية وكتب الفقه والحديث، ولكن المشكلة تكمن في عدم اهتمام هذه المعاهد بالمحادثة في اللغة العربية، وهي الأهم في تعلم اللغة.
ومن جهته قال الشيخ الدكتور عزيز حسانوفيتش مفتي كرواتيا: أنشأت كرواتيا معهد اللغة العربية والإسلام في الدولة، وتم تسجيله في وزارة التعليم هناك، وقد واجهنا المشكلات في ذلك، إذ لم نجد في أوروبا برنامجاً موحداً لتعليم اللغة العربية كما هو الحال باللغات الأخرى، وقد تمكنا من تسجيل المعهد وأخذنا على عاتقنا وضع برنامج تعليمي متكامل ملائم للإطار المرجعي الأوروبي المشترك للغات، وأضاف: هدفنا من إنشاء المعهد هو تقريب الاسلام وثقافته للمسلمين، وتقوية إيمانهم بذلك، وتعليم اللغة العربية جزء من برنامج دراسة التربية الاسلامية في كرواتيا، وفي مدارسنا الثانوية ندرس اللغة العربية ونطورها في المعاهد، وفوق كل ذلك نبعث طلابنا إلى الدول العربية للتدريب في دروات متقدمة للغة العربية، ودولة قطر تخدمنا في ذلك إذا تستقبل كل عام عددا من طلابنا يدرسون اللغة العربية لمدة سنة، وهذه الخدمة العظيمة تفيدنا كثيراً في نشر اللغة العربية في بلادنا، وتعزيز العلاقة الأخوية بين البلدين.
copy short url   نسخ
16/05/2019
3407