+ A
A -
ياسين التميمي كاتب يمني
أخيرا، نجح المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن جريفيث في إنجاز صفقته الخاصة مع الحوثيين، بشأن تحريك الجمود في ما يخص الوضع العسكري في الحديدة، إثر إعلان مفاجئ من رئيس ما يسمى اللجنة الثورية العليا محمد علي الحوثي، وهو الرجل الثاني في جماعة الحوثي، عن أن مقاتلي الجماعة سيبدأون انسحاباً احادي الجانب من موانئ الحديدة الثلاثة، بعد رفض من أسماها «قوى العدوان الأميركي البريطاني السعودي الإماراتي تنفيذ اتفاق استوكهولهم». ليس مصادفة أن يرد ذكر الأطراف الأربعة الأعضاء في اللجنة الرباعية التي سبق لوزراء خارجيتها وأن حددوا، بعد اجتماع عقدوه في لندن في 27 أبريل الماضي، الخامس عشر من هذا الشهر حداً زمنياً لانسحاب الحوثيين من موانئ الحديدة، ضمن المرحلة الأولى من اتفاق استوكهولم، وهذا الموعد يتزامن كذلك مع الاجتماع القادم لمجلس الأمن، والذي سيخصص لمناقشة آخر المستجدات في اليمن. حتى الآن، يصعب التكهن بمضمون الرسالة التي حملها جريفيث القادم من لندن إلى الحوثيين إبان زيارته الأخيرة للعاصمة اليمنية صنعاء، لكن يبدو أنها كانت على صلة وثيقة بالمهلة التي حددتها اللجنة الرباعية للحوثيين، وانطوت على ما يكفي من الحسم لحمل الحوثيين هذه المرة على اتخاذ خطوة الانسحاب أحادي الجانب هذه، بغض النظر عن نهايتها الضبابية. أقول ذلك لأن الانسحاب الأحادي يعيد إنتاج محاولات تكتيكية سبق للحوثيين أن قاموا بها من قبل ورفضتها الحكومة، خصوصاً أن الانسحاب الأخير يجري خارج ترتيبات استوكهولم التي تقتضي إنهاء السلطة الأمنية والإدارية للحوثيين، وتنفيذ خطوات أخرى؛ بينها إنهاء التحصينات العسكرية وتسليم خريطة بالألغام، وتطبيع الحياة في المناطق التي يجري الانسحاب منها، وضرورة مشاركة الطرف الحكومي في الرقابة على عملية الانسحاب. كان المبعوث الأممي سيقدم إحاطته إلى مجلس الأمن بدون إنجاز واضح؛ يحميه من إخفاق دبلوماسي يصعب تغطيته بعبارات الدعم المعتادة في بيانات مجلس الأمن، لذا عمل ما بوسعه لإقناع الحوثيين بالانسحاب، والذي تزامن مع تصعيد أميركي خطير ضد إيران؛ إحدى خلفياته ما تعتبره واشنطن دوراً سيئا لإيران في اليمن، وضلوع مباشر في استهدف العمق السعودي بالصواريخ البالستية. ولم يكن أمام المبعوث الأممي المحاصر بالإخفاقات؛ من خيار سوى تسمية الأطراف المعرقلة لتنفيذ اتفاق الحديدة: هل هي الحكومة الشرعية ومن ورائها التحالف، أم جماعة الحوثي الانقلابية؟ وكلا الخيارين يمثل مجازفة من شأنها أن تنهي دور المبعوث الأممي كوسيط غير مرغوب فيه.
{ عن العربي الجديد
copy short url   نسخ
15/05/2019
738