+ A
A -
د. السيد احمد برايا
السكري فرصة لصنع حلم له قوة حضور الواقع بتخفيف ثقل الجسم وصنع جمال ينفي القبح ونظام يطرد الفوضي وإصلاح جودة الحياة الذي هو سهل لمن أراد أن يكون سهلا وصعب لمن أراد الا يخوض غماره. تحرك فإن تغييرا بسيطا ومحدودا ودائما في نمط الحياة سيفضي إلى تحقيق أحد أهم أهداف الحياة وهو أن نحياها اصحاء فنحن مؤتمنون على هذه الأجساد وتحويل المنع إلى عطاء والفوضى إلى نظام والضعف قوة. هو مرض عابر للأزمنة والعصور والأجناس وليس على المصاب بهذا المرض أن يعيش على قائمة المحاذير بل يحيل النقمة إلى نعمة والمنع إلى عطاء كموجة فاترة تترى في بحيرة الجسم بتدرجات لونية بين مد وجذر. عرفه العرب في بواديهم قبل أن تتصدر ست من دول أحفادهم البلدان العشرة الأعلى إصابة في العالم وصفه الإغريق بمرض البحبوحة والرفاهية فهو داء المترفين الذين كانوا يعكفون على طعامهم وشرابهم أناء الليل وأطراف النهار هو رفيق عمر وصديق لا يفارق يحسن متى أحسنت صحبته ولو خيرنا بين الأمراض لاخترناه. صنفته خريطة الصحة العالمية أنه وباء حيث يبلغ عدد المصابين به في العالم عدة مئات من الملايين بنسبة تزيد عن العشرة في المائة. حين يصيب العطب بعض خلايا البنكرياس فيقل إفراز الإنسولين وتغلق الخلايا أبوابها أمام المتاح منه فيعود خائبا ويفقد كثيرا من فاعليته مما يؤدي إلى انحراف في مستوى السكر يؤدي إلى تراكم الجلوكوز في الدم الذي هو وحدة الطاقة اللازمة لنقل العمليات الحيوية التي يقوم بها الجسم وتحفظ على الإنسان صحته والطاقة اللازمة للبناء والهدم والتوازن بين الانسولين والجلوكوز. ليس هذا فقط بل تبدأ خلايا ألفا في إفراز هرمون جليكوجين الذي يعمل على رفع نسبة السكر في حالة انخفاضها بنسبة كبيرة الأمر الذي يقي الإنسان من أخطار هبوط السكر إلى درجة تعرضه للخطر. يحفز الانسولين ارتحال الجلوكوز للكبد حيث تختزن فيه رصيدا سهلا لاستخدامه في حالة الحاجة اليه كما انه يحفز عمليات استقرار الخلايا الدهنية السابحة في الانسجة. في قراءة جديدة للسكري هو فرصة لإصلاح أنماط الحياة التي نشكو من اختلالها ووسيلة لتغيير طريقة العيش التي نعاني من عدم توازنها نصلح به غذاءنا الذي نضج بالشكوى منه ومن جوره على أجسادنا. يصاب أحدنا به فيهيم بحثا عن طعام قليل وغذاء بلا سكريات ودهون غير مشبعة وكربوهيدرات غير معقدة. اكتسب ثقافة كان يجهلها ومهارة لم يكن يعلمها فكر للرسو على شاطئ المعرفة بطرق إدارة جيدة للمرض وإصلاح نمط الحياة. تغير لأن التغيير استجابة للفطرة، فالكون كله يتغير، السماء تغير سحابها، والنهر يغير ماءه، والشجر يجدد ورقه، والشمس كل يوم لها أفق وبقليل من السكر في دمك تحلو الحياة.
copy short url   نسخ
15/05/2019
678