+ A
A -
تحدد مدونات السلوك معايير الأخلاق المرغوبة والمتوقعة من قبل المنظمة ومنسوبيها. وتساهم كذلك في الترويج للمعاييرالمهنية وأخلاقيات السلوك التي يجب أن تكون موجهة لأعمال المنظمات. إضافة إلى حصر المعايير الأخلاقية وعدم تركها للاجتهادات الشخصية للمنتسبين للمنظمات سواء كانت هذه المنظمات حكومية أو خاصة أو مجتمعية، وكذلك تحقيق قدر من الثقة بين منسوبي المنظمات من المستفيدين أو العملاء، إضافة إلى المساهمة في جعل البيئة المهنية أكثر شفافية، فيعرف الموظف ما له وما عليه، وتعرف «مدونة السلوك الوظيفي» اصطلاحاً بأنها «وثيقة تصدرها المنظمة وتتضمن مجموعة من القيم والمعايير والمبادئ ذات العلاقة، حيث تحدد من خلالها ما هو مرغوب وما هو غير مرغوب فيه من السلوك في إطار بيئة العمل». أو «هي وثيقة ترشد العاملين في المنظمة إلى الضوابط السلوكية التي يجب الالتزام بها، وبعض جوانب السلوك المهني منها «احترام القانون، والحيادية، والنزاهة، والاقتصاد والفاعلية، ومراعاة الأمانة، والانضباط.. الخ». وهناك أنواع عديدة من المدونات، والتي منها: مدونات السلوك ذات الصلة بأخلاقيات الموظفين، حيث تبلور هذه المدونة ميثاق السلوك والقواعد، والمعايير، والسلوكيات الأساسية اللازمة لتحقيق أهداف أي منظمة. وتعتبر هذه المدونة نقطة مرجعية عامة لأي شخص غير مدرك لما هو متوقع منه في مواقف معينة. وتعتبر محتوياتها عبارة عن ملخص للمتطلبات القانونية والسياسات السائدة، مع توجيهات حول كيفية استيفاء هذه المتطلبات. أما النوع الثاني من هذه المدونات أو ميثاق أخلاقيات العمل، فهي مدونة أخلاقيات المنظمة، وهي عبارة عن ميثاق يتم تبنيه من قبل المنظمات لمساعدة متخذي القرارات في تحديد ما هو مقبول وما هو مرفوض من قرارات وتطبيقها في منظماتهم أو تجاه المجتمع، أما النوع الثالث من المدونات فيتثمل في مدونات أو ميثاق قواعد الممارسات المهنية، ويسمى ميثاق اخلاقيات المهنة، حيث يتم اعتماد قواعد الممارسات المهنية لتنظيم العمل في مهنة من المهن التي تتطلب اخلاصا ونزاهة، ويتم تبني هذا النوع من المواثيق من قبل المنظمات الحكومية والخاصة والمجتمعية، مثل (ميثاق شرف الأطباء، ميثاق شرف المحامين، ميثاق شرف المستشارين وغيرها من المواثيق الخاصة بالمهن). أما النوع الرابع من المدونات فهي مدونة المسؤولية المجتمعية، وقد تم تدارسها لأول مرة عام 1997م، ويطلق على هذا النوع من المدونات أسماء متعددة مثل (ميثاق المسؤولية المجتمعية للمنظمات، وميثاق مسؤولية المنظمات، وميثاق مواطنة المنظمات، وميثاق العمل المسؤول، وميثاق العمل المسؤول المستمر، أو ميثاق المسؤولية المجتمعية للمنظمات. واحيانا يعتبر ميثاق السلوك على أنه ميثاق المسؤولية المجتمعية. ويعتبر هذا الميثاق بمثابة آلية للتنظيم الذاتي لأعمال المنظمات للالتزام بالمعايير المعتمدة محليا وعالميا بغية تحقيق المنافع وتلبية رغبة جميع أصحاب المصالح. وهناك فوائد عديدة من استخدام مدونة أو ميثاق المسؤولية المجتمعية منها: تحسين سمعة المنظمة، وتعزيز القدرة على توظيف وتطوير الموظفين والاحتفاظ بهم. وكذلك تحسين الابتكار والمنافسة في بيئات العمل، وتعزيز الكفاءة التشغيلية وتحقيق وفر في التكاليف. وكذلك تعزيز القدرة على التشغيل. وقد يسأل سائل ما الفرق بين مدونة السلوك الأخلاقي والقانون واللائحة التنفيذية أو التنظيمية، وهنا يمكن القول، إن المدونة الأخلاقية يكون الالتزام بها طوعياً وبوازع أخلاقي في العادة، ويكون الضمير هو الأداة الرقابية الفعالة في هذه الحالة، بينما القانون يكتسب صفة الإلزام.
وختاما، إن موضوع أخلاقيات العمل والأعمال، أمر يهتم به كبار القادة وصناع القرار في المنظمات، وذلك بعد الإستيقان، أن غياب هذه المبادئ الأخلاقية يؤدي إلى ضرر كبير. وقد أظهر أحد الاستطلاعات المعتبرة بأن 87 % من المستهلكين يعتمدون على سمعة المنظمات في اتخاذ قرارات شراء المنتجات وفي تزكية الشركة لدى الآخرين، حيث إن المستهلكين يستخدمون قوتهم الشرائية في مكافأة المنظمات ذات الأداء الأخلاقي المقبول. وفي استطلاع آخر تبين بأن 42 % من عينة الاستطلاع أحجموا عن الشراء من شركات معينة لمعاقبتها على الالتزام بالممارسات الأخلاقية في أعمالها.. ولذلك فهي فرصة أن تكون هذه الأيام الرمضانية المباركة نقطة انطلاقة لمراجعة هذه المبادئ الأخلاقية والسعي لتطبيقها في منظماتنا ومجتمعاتنا، لأنها في الأصل هي مبادئ لها تأصيل ومرجعيات من ديننا العظيم.
{ مستشار في المسؤولية المجتمعية والتنمية المستدامة
copy short url   نسخ
15/05/2019
6248