+ A
A -
قال ابن القيم: «وكان من هديه، صلى الله عليه وسلم، في شهر رمضان: الإكثار من أنواع العبادات، فكان جبريل عليه السلام يدارسه القرآن في رمضان، وكان إذا لقيه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة، وكان أجـود الناس، وأجود ما يكون في رمضان، يكثر فيـه الصدقة، والإحسان، وتلاوة القرآن والصلاة والذكر، والاعتكاف، وكان يخص رمضان من العبادة ما لا يخص غيره به من الشهور»..
ولذلك كان سلفنا الصالح، رضوان الله عليهم، ينتظرونه بشوق وحنين، ويجعلوه شهر سباق في الطاعات والخيرات والحسنات، وكانت لهم أحوال خاصة مع هذا الشهر الطيب المبارك..
مع القرآن
حرص سلفنا الصالح على الإكثار من تلاوة القرآن في شهر رمضان، فكان عثمان بن عفان يختم القرآن كل يوم مرة، وكان الأسود بن يزيد يختم القرآن في رمضان في كل ليلتيْن، وفي غير رمضان في كل ست ليالٍ، وكان سعيد بن جبير يختم القرآن في كل ليلتيْن، وكذلك كان للشافعي في رمضان ستون ختمة، يقرؤوها في غير الصلاة، وكان قتادة يختم في كل سبع دائمًا، وفي رمضان في كل ثلاث، وفي العشر الأواخر في كل ليلة، قال ابن رجب الحنبلي: «إنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاثٍ على المداومة على ذلك، فأما في الأوقات المفضَّلة كشهر رمضان، والأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها، فيستحبُّ الإكثار فيها من تلاوة القرآن، اغتنامًا لفضيلة الزمان والمكان، وهو قول أحمد وإسحاق وغيرهما من الأئمة».
مع قيام الليل
هناك الكثير من الأخبار عن اجتهاد السلف الأبرار في قيام الليل عامة وفي شهر رمضان خاصة، قال الحسن البصري: «لم أجد شيئاً من العبادة أشد من الصلاة في جوف الليل»، وعن السائب بن يزيد قال: «أمر عمر بن الخطاب، رضي الله عنه أبَيَّ بن كعب وتميمًا الداري، رضي الله عنهما، أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة في رمضان، فكان القارئ يقرأ بِالْمِئِينَ، حتى كنا نعتمد على العصيِّ من طول القيام، وما كنا ننصرف إلاَّ في فروع الفجر»، وعن عبدالله بن أبي بكر قال: «سمعت أبي يقول: كنا ننصرف في رمضان من القيام، فنستعجل الخدم بالطعام، مخافة الفجر».
مع الصدقات
كان الشافعي يقول: «أحب للرجل الزيادة بالجود في شهر رمضان اقتداءً برسول الله، صلى الله عليه وسلم، ولحاجة الناس فيه إلى مصالحهم، ولتشاغل كثيرٍ منهم بالصَّوم والصلاة عن مكاسبهم»، وكان حماد بن أبي سليمان يفطِّر في شهر رمضان خمسين رجلاً كل ليلة، فإذا كانت ليلة العيد كساهم، وأعطى كل رجل منهم مائة درهم..
لقد عرف السلف الصالح قيمة شهر رمضان المبارك، فشَّمروا فيه عن ساعد الجِد، واجتهدوا في العمل الصالح، وسارعوا إلى الخيرات.
copy short url   نسخ
07/05/2019
1535