+ A
A -
عواصم- وكالات- قال الكاتب جان بيير فيليو إن فرنسا فعلت كل ما في وسعها لمساعدة أمير الحرب المشير خليفة حفتر، رغم أن هجومه على العاصمة طرابلس يهدد عملية السلام التي تشرف عليها الأمم المتحدة.
وفي مدونته على صحيفة لوموند الفرنسية، استعرض فيليو تناقضات كثيرة، قال إن فرنسا واقعة فيها بشأن الملف الليبي، كازدواج موقفها مع أوروبا والأمم المتحدة ومن عملية السلام.
وأضاف أن الرئيس إيمانويل ماكرون، بمجرد دخوله قصر الإليزيه، أمسك بالملف الليبي، وسرعان ما جمع تحت رعايته رئيس الوزراء بحكومة الوفاق الوطني فايز السراج وأمير الحرب حفتر الذي نال بهذا اللقاء اعترافاً لم يكن يحلم به.
وتنازل السراج المعترف بحكومته دولياً وقبوله بلقاء حفتر طلباً لوحدة أكبر حول حكومته مكن فرنسا من أن ترفع من شأن حفتر الذي عين نفسه قائداً لمليشيات سماها الجيش الوطني الليبي، كما يقول الكاتب.
وها هو حفتر بعد ما يقرب من عامين يتلقى في هجومه على طرابلس دعماً ضمنياً على الأقل من فرنسا، على الرغم من الضربة الرهيبة التي يوجهها لعملية السلام الأممية والنتيجة، كما يقول الكاتب «بلدنا الذي يفعل كل شيء وعكسه في ليبيا أصبح وضعه خطراً، لأنه لم يعد فقط غير قادر على أن يكون جزءاً من الحل، بل أصبح جزءاً نشطاً في تفاقم الأزمة».
وقد أثار الاجتماع بين ماكرون والسراج وحفتر في يوليو 2017 غضب إيطاليا على الفور، بسبب تدخل فرنسا منفردة في بلد مهم بالنسبة لروما، فيما يتعلق بالسيطرة على الهجرة غير النظامية ومنع الإرهاب، وفق الكاتب. وقال الكاتب إن حفتر استفاد من دعم فرنسا لتفريغ مؤتمر المصالحة بين الليبيين في نوفمبر الماضي الذي نظمته الدبلوماسية الإيطالية في باليرمو من مضمونه، كما أن باريس التي تتشدق دائماً بالتضامن الأوروبي، فيما يتعلق بالملف الليبي ظلت أسبوعاً تسوف قبل الانضمام لبيان الاتحاد الأوروبي الذي شجب فيه هجوم حفتر على طرابلس.
ووفقاً للكاتب فإن الرئيس الفرنسي الذي دعا كل الليبيين في أغسطس2018 «للتعبئة لدعم العمل الرائع» الذي يقوم به غسان سلامة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لتجنب الانقسامات السياسية، لم يفعل شيئاً لمنع الهجوم الذي شنه حفتر في 4 أبريل الجاري على العاصمة بالتزامن مع وصول الأمين العام للمنظمة أنطونيو غوتيريش هناك. وأشار إلى أن حفتر المنتشي بانتصاراته الأخيرة في جنوب ليبيا، ظن أنه قادر على الوصول إلى السلطة العليا بالسلاح وحده، ولكن حملته واجهتها مقاومة فاجأته، إلا أنه مع ذلك نجح في نسف مؤتمر السلام الذي بعث آمالاً كبيرة بين الليبيين، والذي حددت له الأمم المتحدة منذ فترة طويلة منتصف أبريل.
وفيما يتعلق بالسلام، نبه الكاتب إلى أن فرنسا تعلن التزامها بعملية السلام في ليبيا، إلا أنها في نفس الوقت تتمسك بالديناميكية العسكرية البحتة التي من شأنها أن تجعل حفتر «الرجل القوي» الجديد للبلاد، مشيراً إلى أن الحرب الأهلية الليبية التي اندلعت سببها تصميم حفتر على سحق جميع خصومه.
وأشار الكاتب كذلك إلى أنه من الضروري أن نتذكر أن الجيش الوطني الذي يقوده حفتر ليس هو الذي طرد تنظيم الدولة الإسلامية عام 2016 من سرت، بل طردتها قوات مصراتة التي تحتشد اليوم للدفاع عن العاصمة.
ونبه الكاتب إلى أن فرنسا تجد نفسها اليوم في ليبيا مرتبطة بحملة معادية للثورة تسعى لاستعادة ولو جزئية للدكتاتورية الساقطة، وهي حملة تحظى بدعم نشط من الأنظمة الاستبدادية في مصر والإمارات والسعودية، تماماً كما هو حال اليمن.
وقال أيضاً إن أحد أتباع حفتر متهم «بارتكاب جرائم حرب» من قبل المحكمة الجنائية الدولية، وبالتالي فإن وضع فرنسا في ليبيا مثير للقلق، خاصة أن التحركات الشعبية بالجزائر والسودان المجاورين تمكنت من إسقاط الرئيسين وإن بمساعدة العسكر.
وانتهى الكاتب إلى خلاصة أن «فرنسا أصبحت غارقة في تناقضات كثيرة للغاية في ليبيا، وأنه من الملح بالنسبة لها أن تسعى لاستعادة مكانتها ومصداقيتها على الساحة الليبية، وإلا فإن استمرارها فيما تقوم به الآن يهدد بتهميشها بشكل دائم في هذا المسرح الإستراتيجي».
copy short url   نسخ
23/04/2019
1365