+ A
A -
تدعي الإمارات أنها دولة السعادة في المنطقة العربية، مع أن معاييرها عن السعادة مقتصرة على جوانب دون أخرى، بشكل يثير حفيظة ليس فقط للمنظمات الحقوقية، بل وحفيظة العالم وصحافته بعدما وصلت تلك الدولة التي تفرض أيضاً حصاراً مشتركاً مع السعودية على جارتهما قطر إلى مستوى غير مسبوق من القمع، مسايرة بدلوها للقمع السعودي الذي بلغ الآفاق، وفق ما عبر موقع «ميدل إيست آي» البريطاني.
قال «ميدل إيست آي»، إن وصف أسعد شرطة في العالم الذي تروج له الإمارات وصف مثير للسخرية لكيان ونظام مرادف في كثير من الأحيان لطمس الحقوق والحقائق، عن شعبه وعن المعارضين للنظام.
في فبراير الماضي، أفادت صحيفة «تايم أوت دبي» بنشوة غريبة بأن الإمارات كانت «واحدة من أسعد الدول في العالم»، وفقاً لدراسة جديدة أجرتها مجموعة بوسطن الإستشارية. واعتمد مؤلف التقرير لبوسطن الاستشارية الأميركية، سكوت كامبل، على ما تروج له الإمارات من خطط ومشروعات، دون الأخذ في الاعتبار مستوى الرضا الفعلي للناس، فمن الواضح أنه لا يوجد شيء يقيس مستوى الرضا الإنساني الحقيقي في أرض اصطناعية تتميز بالمادية المذهلة والمراكز التجارية وأماكن التزلج، لذا، فكثير من معايير السعادة مصطنعة ليس إلا.
أضافت ميدل إيست آي، أنه ليست هذه هي المرة الأولى التي تظهر فيها الإمارات في الخطوط الأمامية «للسعادة»، ففي عام 2018، صنفها تقرير السعادة العالمية، الذي نشرته شبكة الأمم المتحدة لحلول التنمية المستدامة، البلد العشرين من بين 156 دولة، والأكثر سعادة في العالم العربي.
علاوة على ذلك، احتل المواطنون الإماراتيون المرتبة الحادية عشرة في جميع أنحاء العالم، لكن رداً على هذا السخف، فالمال لا يستطيع شراء السعادة.
وفي عام 2016، عينت الإمارات وزير دولة للسعادة، وتفتخر البوابة الإلكترونية الرسمية لحكومة الإمارات بقسم عن «السعادة»، والذي يحدد الأمر بـ«جعل البلاد من بين أفضل وأسعد خمس دول في العالم بحلول عام 2021».
لكن وبنظرة بسيطة إلى أحدث تقارير هيومان رايتس ووتش، يرى الجميع مقدار القمع الموجود، وأن الواقع على الأرض أكثر قتامة مما يظن أي أحد.
على سبيل المثال– حسب الموقع البريطاني- يتعرض مواطنو الإمارات الذين يتحدثون عن قضايا حقوق الإنسان لخطر كبير من الاحتجاز التعسفي والسجن والتعذيب، وهو جزء من الاعتداء المتواصل من جانب السلطات الإماراتية على حرية التعبير وتكوين الجمعيات، وأي ممارسة ترفع صوتها في وجه النظام.
وقالت هيومان رايتس ووتش «لا يزال العديد من العمال المهاجرين ذوي الأجور المنخفضة معرضين بشدة للعمل القسري». ولا يشمل قانون العمل في البلاد عاملات المنازل، «اللائي يواجهن مجموعة من الانتهاكات، من الأجور غير المدفوعة، والحبس بالمنازل، وأيام العمل المجحفة علاوة على ساعات العمل التي قد تصل إلى 21 ساعة مع عدم وجود فواصل، والاعتداء الجسدي أو الجنسي من قبل أرباب العمل.
على مر السنين، ظهرت جميع أنواع قصص الرعب التي تنطوي على إساءة معاملة العمال المهاجرين والوافدين والمواطنين.
بالإضافة إلى العمال المستغلين، قد يتم العمل على تكدير رعايا أجانب آخرين، فمنذ خمس سنوات، مُنح فجأة والد شاب لبناني كان يقيم في الإمارات لعقود طويلة مع زوجته وأولاده، 48 ساعة لمغادرة البلاد دون أي تفسير.
وبحسب التقارير الدولية، وصف موقع ميدل إيست آي المشهد، بأن جميع سكان الإمارات يعيشون في مشهد قمعي ويخضعون لمراقبة كاملة. ويوفر قانون الجرائم الإلكترونية الإماراتي أساسًا قانونيًا لاحتجاز أي شخص ينتقد النظام عبر الإنترنت، وهو ما تعرض له مواطنون إماراتيون لمجرد تضامنهم مع قطر.
وفي أبو ظبي، تقول التقارير إن نظام المراقبة المدنية الشامل أقامته إسرائيل ويعرف باسم فالكون آي Falcon Eye، ويمكّن مسؤولي الأمن الإماراتيين من مراقبة كل شخص من اللحظة التي يتركون فيها عتبات منازلهم حتى اللحظة التي يعودون فيها إليها.
ولم تجلب دولة الإمارات الكثير من السعادة لليمن، وهو البلد الذي دمرته التجاوزات الإجرامية لتحالف السعودية والإمارات والتي تراوحت بين ذبح الأطفال في حافلة مدرسية، إلى تمهيد الطريق للمجاعة الجماعية.
وفي تحقيق حديث لصحيفة الغارديان البريطانية حول كيف تستفيد دولة الإمارات من فوضى الحرب الأهلية في اليمن، كتب غيث عبد الأحد أنه في حين أن جميع أطراف النزاع مسؤولة عن الفظائع، لا يمكن لأحد منافسة بشاعة الاعتقالات والتعذيب والاختفاء القسري على أيدي القوات التي ترعاها الإمارات.. وتابع: حملة إرهابية غير مسبوقة تلت تشكيل هذه القوات في عام 2016.
وبينما كان الهدف الظاهري للحملة هو محاربة القاعدة، تم توسيع الأهداف لتشمل كل من تجرأ على معارضة الوجود الإماراتي في اليمن.
وفي عام 2017، قامت وكالة أسوشيتيد برس بتوثيق ما لا يقل عن 18 مركزًا للسجون السرية في اليمن تديرها الإمارات أو القوات المدربة برعاية الإمارات، حيث كان من المعروف أيضًا أن الولايات المتحدة تستجوب المحتجزين. في العام التالي، نشرت وكالة الأسوشييتد برس تقريراً حدد»خمسة سجون إماراتية على الأقل حيث تستخدم قوات الأمن التعذيب الجنسي لكسر السجناء.
ويساعد تصوير البلاد كواحة حديثة جدًا للثروة والتقدم في إخفاء توجهاتها المعادية للإنسان بشكل أساسي.
في النهاية، فإن الدعاية الحالية التي تروج لها دولة الإمارات باعتبارها واحدة من أسعد الأماكن على وجه الأرض هي دخان يداري على أنشطتها المروعة في الداخل والخارج. ولذا، فإن مفهوم السعادة الفارغ لا يُعتبر بديلاً مناسبًا للحرية وحقوق الإنسان وكل هذه الأشياء الجيدة.
وختم تقرير ميدل إيست آي بقوله إن المشروع الإماراتي يعزز بشكل جيد مشروع نيوليبرالي عالمي يعطي الأولوية للتفاوت الاجتماعي والاقتصادي الفاحش والحرب ونهب الثروات، بينما يسهل هذا النظام مسألة التطبيع مع الشريك الإسرائيلي.
copy short url   نسخ
21/04/2019
479