+ A
A -
كتب- أبو بكر محمد

رفعت الأسواق والمجمعات القطرية درجة استعداداتها لاستقبال شهر رمضان الكريم فيما بدا واضحا ارتفاع مستوى حضور المنتجات الوطنية في المجمعات الاستهلاكية العامرة بمختلف أنواع المنتجات التي تلبي جميع احتياجات المتسوقين والمستهلكين في الوقت الذي تستعد فيه وزارة التجارة والصناعة لاطلاق حزمة من المبادرات الرمضانية المتنوعة علاوة على تنفيذ مجموعة من الحملات التفتيشية المكثفة على مدار الساعة قبيل وخلال وبعد شهر رمضان المبارك لتغطي كافة مناطق الدولة ومختلف القطاعات والأنشطة التجارية ، وذلك لمراقبة مدى تقيد المزودين بالتزاماتهم المنصوص عليها بالقانون رقم (8) لسنة 2008 بشأن حماية المستهلك ، ومراقبة مدى تقيد المزودين بالتزاماتهم المنصوص عليها بالقانون رقم (5) لسنة 2015 بشأن المحال التجارية الصناعية والعامة المماثلة والباعة المتجولين، وكذلك التزامهم بالقرار الوزاري رقم 243 لسنة 2016 بشأن ضوابط واشتراطات التراخيص بمزاولة نشاط بائع متجول.

ووسط الاستعدادات داخل الأسواق لقدوم شهر رمضان المبارك بات الاكتفاء الذاتي والطفرة التي شهدها الإنتاج المحلي هو الحدث الأكثر أهمية، حيث باتت الأسواق عامرة بالمنتجات الوطنية التي تعزز حضورها بوتيرة متسارعة في السوق المحلي يوما بعد يوم بأسعارها التنافسية وجودتها التي لا تضاهى الأمر الذي يمثل شهادة نجاح لخطط الاكتفاء الذاتي التي تباشر قطر تنفيذها عقب الحصار المفروض على الدولة منذ الخامس من يونيو 2017 .

وأظهرت أحدث بيانات غرفة قطر أن القطاع الخاص نجح في المساهمة بتحقيق الاكتفاء الذاتي بمنتجات الألبان، والذي بلغت نسبته 100 %، وتحقيق نسب جيدة من الاكتفاء الذاتي في منتجات أخرى، إضافة إلى توفير 40 % من الإنتاج الزراعي والحيواني و80 % من التمور و90 % من الطيور و80 % من الأسماك و30 % من الخضراوات، و من المخطط خلال العام الجاري افتتاح 75 مشروعاً جديداً ستسهم في زيادة إنتاج الغذاء في الدولة بنسب جيدة من بينها 10 مشروعات لإنتاج الخضار، و15 للأسماك، ومشاريع عديدة لإنتاج اللحوم والألبان والدواجن والبيض والأعلاف.

ومن المستهدف أن تصل نسبة الاكتفاء الذاتي من الخضراوات إلى نحو 70 % خلال السنوات الخمس المقبلة مقارنة بـ24 % حالياً، وذلك بالتزامن مع عمل متواصل من قبل الحكومة وشركاتها، جنباً إلى جنب مع شركات القطاع الخاص، حيث مثلت شركة حصاد الغذائية للتسويق والترويج للمزارع القطرية رأس الحربة في هذا المجال، والتي أعلنت عن تسجيل أكثر من 110 مزارع محلية منتجة عبر الموقع الإلكتروني لشركة محاصيل التابعة لها، للاستفادة من الخدمات التسويقية والزراعية التي ستقدمها الشركة لتلك المزارع، ويمثل هذا العدد نحو 15 % من إجمالي عدد المزارع المنتجة في الدولة البالغ عددها 800 مزرعة، على أن تبدأ في استقبال وتسويق المنتجات في نهاية مايو المقبل.

ولم تتوقف شهادات النجاح على التقارير والبيانات المحلية، بل إن هناك العديد من التقارير العالمية التي رصدت التطورات التي شهدها الملف التجاري في قطر، حيث قال موقع لوموند أراب إن قطر نجحت في تحويل الحصار المفروض عليها إلى منحة حقيقية عبر فتح أُفق تجارية واستثمارية أمنت بها أسواقها، لافتاً إلى أن الدولة وضعت تحقيق الاكتفاء الذاتي على رأس أولوياتها وخطت خطوات كبيرة نحو تحقيقه، لزيادة الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الخارج لزيادة الاستقلالية.

وأوضح التقرير أن قطر كانت تنمو وارداتها بصورة كبيرة خلال العقد الأول من الألفية الجديدة، إلا أنها بدأت في الالتفات لذلك الملف عقب فرض الحصار عليها، ونتائج ذلك ظهرت واضحة على الأسواق خلال الفترة الحالية، حيث وجهت دولة قطر بوصلتها إلى حلفاءها بمختلف قارات العالم لتوفير احتياجات أسواقها ومن ثم العمل على تنمية إنتاجها المحلي وزيادة أعداد المصانع التي يتم إنشائها.

وشملت القطاعات التي ازدهرت بعد الحصار، الصناعات التي تُسهم في تحقيق نسب جيدة من الاكتفاء الذاتي للسوق المحلية، ومنها الصناعات الغذائية والدوائية والموادّ الطبّية والبلاستيك والأسفلت والحديد وصناعات الأبواب والشبابيك والألومنيوم، بالإضافة إلى صناعة الأثاث والديكورات والمستلزمات الكهربائية والبلاستيكية، والورق والصناعات التدويرية والتعبئة والتغليف وغيرها.

وأشار التقرير إلى أن قطر تسير بخطى ثابتة على خطتها التي وضعتها لتحقيق لأمن الغذائي عبر تشجيع المستثمرين على إقامة المزيد من المصانع والمنشآت من خلال الحوافز الاستثمارية التي تقدمها، موضحاً أن دولة قطر أعلنت أيضا منذ فرض الحصار عن مجموعة من المشاريع الكبرى لزيادة عدد وحدات الإنتاج في البيوت المحمية في الصحراء، مثل مشروع غابة الصحراء، فضلاً عن مصانع تجهيز الأغذية، ومزارع الدواجن، وتعتبر الخدمات اللوجستية للتخزين والبنية التحتية للنقل الموانئ والمطارات عنصراً رئيسياً في إستراتيجية البلاد لتصبح مركزاً إقليمياً للتبادل التجاري.

ووفق أحدث بيانات جهاز التخطيط والاحصاء فقد بلغت قيمة فائض الميزان التجاري القطري (الفرق بين قيمة الصادرات والواردات)، 13.77 مليار ريال (3.785 مليار دولار أميركي) في فبراير الماضي، وبلغ إجمالي صادرات قطر إلى الخارج خلال فبراير الماضي 22.260 مليار ريال (6.12 مليار دولار).

وارتفعت معدلات إنشاء الشركات والمصانع الجديدة في دولة قطر بصورة كبيرة خلال الأشهر الماضية وخاصّة قطاع الموادّ الغذائية، ولا سيما خلال العامين الماضيين، بحسب سعادة السيد علي بن أحمد الكواري وزير التجارة والصناعة الذي أشار إلى أن المصانع العاملة في الدولة شهدت نموّاً لافتاً بعدما ارتفعت إلى 809 مصانع، بزيادة كبيرة عما كانت عليه قبل الحصار، مضيفاً أن عدد المشاريع التي بدأت بالإنتاج الفعلي إثر فرض الحصار الجائر على قطر بلغت نحو 116 مشروعاً.

وأكد تقرير معهد التمويل الدولي أن القطاع غير النفطي سيمثل رافعة النمو في قطر خلال العامين الحالي والمقبل وبنسبة 3.9 %، مرجحاً أن يسجل الحساب الجاري العام الجاري فائضاً بنسبة 7.6 % من الناتج المحلي الإجمالي.

ولفت التقرير إلى أن استثمارات قطر الخارجية ستقفز إلى 1.218 تريليون ريال بنهاية العام 2019، ما يمثل 178 % من الناتج المحلي الإجمالي للدولة، مشيراً إلى أن الاقتصاد القطري سينمو العام الجاري بنسبة 2 % وبقيمة 684 مليار ريال، على أن يرتفع بنسبة 2.8 % العام المقبل وبنحو 692 مليار ريال.

وكانت شركة بلدنا للصناعات الغذائية هي اللاعب الأكثر تأثيراً في ملف الاكتفاء الذاتي، والتي قفز معدل إنتاجها بنسبة 100 % عقب مرور أشهر قليلة على الحصار، حيث بلغ 500 طن يومياً، مقارنة بـ50 طناً قبل الحصار، وفقاً لتصريحات الرئيس التنفيذي للشركة، الدكتور كامل عبدالله، والذى لفت إلى أن الشركة بدأت فعليا في التصدير للخارج بعد تحقيق أهدافها الداخلية ومثلت أفغانستان أولى الوجهات الخارجية.

وأضاف في تصريحات له مؤخراً أن الشركة نجحت في سد فجوة الاحتياجات والعمل على تنمية الصادرات بالبحث عن أسوق جديدة لتصدير الفائض في السوق، كما أن العديد من رجال الأعمال العرب ومن مختلف دول العالم أبدوا رغبتهم في استيراد منتجات شركة بلدنا القطرية، نظراً لجودتها وقدرتها التنافسية بالنظر إلى الخطة الطموحة التي تنتهجها الشركة.

وأكد أن منتجات بلدنا لن تقتصر على مجال الألبان فقط، إذ ستشهد السوق القطرية ظهور العصائر الخاصة بالشركة، وسيتم أيضا خلال فترة قصيرة لن تتجاوز العام الوصول إلى مشارف الاكتفاء الذاتي في هذا المجال، بالإضافة إلى إنتاج اللحوم والأعلاف.
copy short url   نسخ
19/04/2019
1302