+ A
A -
كتب- محمد حربي
أكد الدكتور معتز الفجيري، منسق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة فرونت لاين دفندرز المعنية بحماية المدافعين عن حقوق الإنسان، وعضو اللجنة التنفيذية بالشبكة الأوروبية المتوسطية لحقوق الإنسان، أن بناء الأنظمة السلطوية تم طي صفحتها، وتجاوزها الزمن، موضحا أن الربيع العربي، قد شهد موجات من الصعود، ثم الهبوط، يرجع للثورات المضادة، والفشل في إدارة المرحلة الانتقالية، مشيرا إلى أن التدخل السعودي الإماراتي في ليبيا، أدى إلى انتكاسة في التوصل إلى حل مستديم..
جاء ذلك خلال الندوة التي أقامتها كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية، بمعهد الدوحة للدراسات العليا، بعنوان «استعادة قيم الربيع العربي: الدفاع عن حقوق الإنسان في سياقات سياسية متغيرة»، وأدار اللقاء الدكتور خليل العناني، رئيس برنامج العلوم السياسية والعلاقات الدولية.
وقال د. الفجيري، هناك تغيرات بنيوية حصلت في المشهد العالمي، خلال السنوات العشر الأخيرة، أدت إلى وجود تراجع في دور حركة حقوق الإنسان، بسبب حالات الاستقطاب العالمي، وظهور قوى دولية، لها تأثير على المؤسسات العالمية، وتشكيلها لتحالفات عابرة للقارات، مما يؤثر على الخطاب الخاص بمفاهيم حقوق الإنسان.
وأوضح، أنه في حين أن هناك رؤية مغايرة، تعتبر أن قضايا حقوق الإنسان تمثل إطارا مرجعيا هاما، بالنسبة للحركات الاحتجاجية التي مازالت مستمرة حتى يومنا هذا، وخاصة في منطقتنا العربية، والدليل على ذلك، ما نشاهده خلال هذه الفترة في جمهورية السودان، وكذلك الجمهورية الجزائرية.
وأشار الدكتور معتز الفجيري، إلى أن دور منظمات حقوق الإنسان، على مختلف المستويات، المحلية، والإقليمية والدولية، هي في حالة تصاعد متزايدة مطردة بشكل كبير، على الرغم من وجود بعض التكتلات، التي تعمل كقوى مناهضة لحركات حقوق الإنسان، من أجل عرقلتها، وإجهاضها، مشيرا إلى أن حالات التربص هذه لم تقف حجرة عثرة مطلقا، بدليل أن هناك مزيدا من الاتفاقيات الحقوقية حدثت، حيث هناك مؤسسات دولية يتم تأسيسها بشكل مستمر، بهدف دعم حقوق الإنسان.
وأضاف الفجيري، أن منظومة حقوق الإنسان المحلية والإقليمية والدولية، تواجه بعض المعوقات، بنيوية وسياسية تحول دون أن تعمل المنظومة بالشكل الذي يجب أن تعمل عليه، كما هو منصوص عليه في الاتفاقيات الدولية، إلا أنها سوف تظل تشكل المرجعية، والإلهام للحركات الاحتجاجية، وأن هذا سوف يستمر لفترات طويلة، لافتا إلى أنه ينبغي الأخذ بعين الاعتبار وجود متغير آخر بالمنطقة العربية، يجعل المطالبات بالحقوق سوف تظل مستمرة، ولاسيما أنه ظهرت مؤخرا، موجات احتجاجية متلاحقة، تحركها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، مع الأخذ بعين الاعتبار أيضا البعد الديموغرافي لهذه المنطقة، التي تشهد مجتمعات شبابية، والأغلبية منها ما بين الفئات العمرية العشرينات والثلاثينات، بدأ يتشكل وعيها على الربيع العربي منذ عام 2011، ومازالوا يعيشون على أمل أن تحقق الثورات أهدافها، في ظل عجز الأنظمة والحكومات عن الوفاء بمتطلبات هذه الفئات، والجماهير، بسبب ما تعانيه اقتصادات المنطقة.
ونوه الدكتور الفجيري، بأن مسيرة الاحتجاجات الناجمة عن إشكاليات الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية سوف تتوالى في دول أخرى، حيث إن هناك مناطق مرشحة لتفجر الأوضاع بها، كما هو الحال في المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية، بسبب حالات التهميش هناك، ووجود أزمات كامنة، ونفس الحال هو موجود في أقاليم عربية أخرى، التي يضطر الشباب فيها للخروج ضد انتشار الفساد، وظاهرة البطالة.
وأرجع الفجيري، ما حدث من صعود، ثم هبوط في وتيرة الربيع العربي، منذ عام 2013، يرجع في الأساس إلى نجاح الثورات المضادة، حتى وإن كان نجاحا مؤقتا، وليس مستمرا، بجانب الفشل وعملية الاستقطابات خاصة على أساس وسياقات الهوية، في إدارة المراحل الانتقالية، وهي نفس الإشكاليات التي يواجهها الثوار في كل من الجزائر والسودان، وإن كان بالمقابل، قد اختلفت الأمور بعض الشيء في النموذج التونسي، حيث تحققت العدالة الانتقالية، كما أنه كان هناك دور كبير للمجتمع المدني في حماية حركة التحول الديمقراطي، في حين الأنظمة العسكرية في تجارب أخرى استهدفت المجتمع المدني، مما عرقل المسار الديمقراطي. وأضاف، أن ما يقوم به خليفة حفتر في طرابلس الآن، بمثابة تقويض لأي عملية تسوية سياسية، وتهديد لمستقبل ليبيا، في ظل وجود نحو عشر دول لها أيادٍ وتدخل في المشهد الليبي، لاسيما التحالف السعودي الاماراتي، وبمشاركة قوى إقليمية أخرى، بشكل يؤدي إلى انتكاسة، ومزيد من التعقيد، ويجهض أي أمل في توصل القوى الليبية المختلفة إلى حل مستديم للأزمة.
وشدد الدكتور معتز الفجيري، على أنه لا خيار سوى استثمار أي منبر للعدالة، من أجل محاسبة المتورطين في جرائم الإبادة الجماعية، وانتهاكات حقوق الإنسان، خاصة في سوريا، موضحا أن بعض المحاكم الغربية، تمنح الحق للسوريين المتواجدين على أراضيها، أو من حصلوا على إقامات، أو جنسيات في هذه المجتمعات، من أجل رفع دعاوى قضائية، ضد المسؤولين في بلادهم الأصلية، إذا كانوا تعرضوا للتعذيب على أياديهم، خارج القانون، أو حالات الاختفاء القسري، لافتا إلى أن الفترة المقبلة، سوف تشهد مزيدا من التحرك، لتوظيف العدالة الدولية.
copy short url   نسخ
15/04/2019
494