+ A
A -
ترجمة- هويدا مجدي
توقعت مؤسسة أوكسفورد بيزنس غروب تسارع معدلات نمو قطاع البناء والتشييد القطري خلال الفترة المقبلة، حيث تشهد الدولة «فورةً» وانتعاشاً كبيراً في حجم المشاريع الجارية والأخرى المخطط لها، ويبدو ذلك واضحاً في النشاط الكبير للمشاريع التنموية الكبرى ومشاريع مونديال 2022 مع ارتفاع كبير في منسوب الإنفاق الحكومي الرأسمالي حتى أن قطاع التشييد والبناء بات يقود نمو القطاعات غير النفطية في قطر، فيما أدى إنشاء خطوط سكك حديدية ومترو جديدة وتطوير المطار والميناء وتوسيع شبكة طرق سريعة إلى تحقيق معدلات نمو من خانتين في قطاع البناء والتشييد تسبب في أن تصبح قطر مركزاً رئيسياً للبناء، وباتت هناك آفاق مشرقة أمام هذا القطاع الحيوي.
ونقلت المؤسسة البريطانية عن المدير التجاري لمجموعة شركة البناء القطرية بدر مصطفوي قوله: «بالنظر إلى الوضع الراهن إقليمياً أصبحت قطر الآن أكثر انفتاحاً على العالم، كونها باتت مرتبطة بشكل كبير بالأسواق الجديدة والشركاء المحتملين».
وأضاف مصطفوي موضحاً: «ووفقاً لذلك، تكيف القطاع الخاص مع إدارة سلسلة إمدادات أكثر فعاليةً وكفاءةً، مما يعني أن فرص النمو سوف تكون كبيرة وواضحة للغاية.. وبالتالي، سيصبح الاقتصاد الكلي أكثر صلابةً وقوةً».
البيئة التشغيلية
ووفق أوكسفورد بيزنس غروب فإن البيئة التشغيلية الصعبة في قطر أنتجت فرصاً استثمارية، كما أظهرت قدرة كبرى على المرونة والتكيف مع المتغيرات الشديدة ولجم المخاطر المحتملة، خصوصاً في أعقاب الحصار المفروض على البلاد منذ الخامس من يونيو 2017 وقبل الحصار أيضاً نجحت قطر في مواجهة تقلبات أسعار النفط وانخفاضها.
ونقلت أوكسفورد بيزنس غروب عن يولاتيل آشو، المدير العام لشركة دياركو للمقاولات قوله: «لا يزال قطاع البناء وثيق الصلة بالاقتصاد القطري، على الرغم من أن فرصة نمو الأعمال في قطر مرتبطة بدعم وخدمة البنية التحتية الحالية».
وبالإضافة إلى ذلك، ازدهر قطاع البناء والتشييد في قطر في السنوات الأخيرة، مدفوعاً بالإنفاق الحكومي الرأسمالي الكبير على المشاريع التنموية الكبرى ومشاريع البنية التحتية التي تمضى على قدم وساق في كافة أنحاء الدولة، فيما تشير بيانات جهاز التخطيط والإحصاء إلى أن قطاع البناء هو القطاع الأسرع نمواً في قطر على مستوى القطاعات غير النفطية حتى أنه سجل بين عامي 2013 و2017 متوسط معدل نمو بلغ حوالي 24 %، ليصل إلى 91.1 مليار ريال قطري في عام 2017.. ويمثل ذلك 15 % من الناتج المحلي الإجمالي لدولة قطر، مما يجعل قطاع البناء والتشييد هو أكثر قطاع غير نفطي يساهم في الناتج المحلي الإجمالي لدولة قطر.
فرص العمل
واعتبرت أوكسفورد بيزنس غروب أن قطاع البناء والتشييد هو أكبر قطاع فيما يتعلق بتوفير فرص عمل، حيث تكشف البيانات المتاحة أن هناك نحو 847759 شخصاً، أو 41.2% من القوى العاملة في قطر والتي تبلغ 2.05 مليون شخص، يعملون في مجال الإنشاءات في نهاية عام ونظراً لأن نمو قطاع البناء في عام 2017 وصل إلى 18.2 %، فقد خصصت قطر حوالي 42 مليار ريال قطري، أي ما يعادل 11.5 مليار دولار، للبنية التحتية والنقل في ميزانية قطر لعام 2018.. وفي الربع الثالث من عام 2018، بلغ نمو هذا القطاع حوالي 15.9 % معتمداً على التوسع على أساس سنوي.
وقال تقرير المؤسسة البريطانية إن العام 2019 يعد انطلاقة جديدة لسوق المقاولات، حيث أدى الانتعاش العام في أسعار الطاقة إلى تحسن الإيرادات الحكومية، فيما تباشر قطر تنفيذ حزمة مشاريع كبرى أبرزها التوسع في مطار حمد الدولي وميناء حمد، زيادة وتطوير شبكات الطرق المختلفة والصرف الصحي، وزيادة الإنفاق على البنية التحتية للنفط والغاز والدفاع.
ونقلت أوكسفورد بيزنس غروب عن المهندس عمر بهجت، نائب العضو المنتدب والمدير الإقليمي- قطر لمكتب جماعة المهندسين الاستشاريين ECG قوله: «لا يزال الإنفاق الحكومي الرأسمالي هو المحرك الرئيسي للنمو في قطاع البناء.. هناك فرص نمو كبرى في قطاع البناء والتشييد في قطر».
وبدوره يقول أسامة حديد، المدير التنفيذي لشركة هندسة الجابر: إن مفتاح زيادة المنافسة في قطاع البناء يكمن في تبسيط عملية التسجيل وتطوير بيئة الأعمال.. وأفاد حديد بأن مكاسب الكفاءة هي محور تركيز واضح لتحقيق التقدم في قطر.. وفي هذا السياق، تم إحراز تقدم ملحوظ في سهولة تسجيل الشركة والحصول على الموافقات والتراخيص، والتي بدورها ستساعد على جلب المزيد من المنافسة إلى السوق.
وعلى غرار ذلك، يعتقد ظافر مصطفى حلاوة، الرئيس التنفيذي لمجموعة تدمر القابضة، أن تحسين عمليات الموافقات وتسهيل إجراءات التراخيص وتعزيز سهولة ممارسة أنشطة الأعمال ستلقي بظلالها الإيجابية على الصناعة بشكل كبير.. وصرح ظافر مصطفى حلاوة قائلاً: «هناك الكثير من الدعم للاستثمار في التصنيع، ولكن يتعين على الحكومة ضمان أن يتجسد ذلك أيضاً في عمليات الموافقة».
وأضاف: «من خلال التركيز على تقليل الوقت اللازم لإنشاء مصنع جديد، أو الحصول على ترخيص تصنيع أو حتى شراء أرض جديدة، على سبيل المثال، يمكن للسلطات حقاً مساعدة الشركات المحلية على التوسع».
وأشار فيليب تافيرنييه، الرئيس التنفيذي لشركة كيو دي في سي إلى أن السوق تغير بالفعل بشكل كبير، وأصبح هناك منافسة أكبر خلال الوقت الحالي.. وقال: «في النصف الثاني من عام 2018، دخلت العديد من الشركات إلى السوق، خاصة من الدول التي قامت قطر بتعزيز علاقاتها الثنائية معها، مثل تركيا».
واستكمل حديثه قائلاً: «أدى ذلك إلى زيادة مستوى المنافسة في هذا القطاع، وبالتالي أصبحت مكاسب الكفاءة عاملاً مهماً لشركات البناء في السوق».
ووفق أوكسفورد بيزنس غروب فإن الجزء الحيوي والأهم من التخطيط الحضري يتمثل في ضمان إضفاء العامل الجمالي على الأعمال بالإضافة إلى كونها سليمة وقوية من الناحية الهيكلية، والتي تتطلب من مطوري العقارات إنشاء مساحات يستمتع بها الأشخاص الذين يعيشون ويعملون فيها.
وصرح غسان ويجان، المدير الإدارة لشركة نخيل لاندسكيبس للمقاولات المحلية، بأن المنظر الجميل هو جزء لا يتجزأ من أي تطوير، ولا يشمل فقط ما هو مرئي على السطح، ولكنه يشمل البنية التحتية والإضاءة»، وأضاف: «نظرًا للتحديات البيئية في منطقة الخليج، ستجد هنا أكبر شركات المناظر الطبيعية في العالم».
وتعد هيئة الأشغال العامة هي المسؤولة عن تصميم وبناء وتسليم وإدارة الأصول لجميع مشاريع البنية التحتية والمباني العامة ذات الأهمية الوطنية في قطر.. بينما يقع تصميم وبناء المطار والموانئ وشبكة السكك الحديدية الجديدة ضمن اختصاص لجنة توجيه توسيع مطار حمد الدولي، واللجنة التوجيهية لمشروع ميناء حمد، وشركة سكك الحديد القطرية، على التوالي.
ونظرًا للتأثير الذي يمكن أن تحدثه التطورات العامة على البيئة، يجب أن تكون الاستدامة هي أساس التخطيط. ومع مضي قطر قدما في أعمال البناء الرئيسية، فمن الأهمية بمكان أن تركز الشركات المحلية على عامل الاستدامة مع تطبيق سياسات صديقة للبيئة، مثل استكمال عملية الحصول على شهادة الريادة في التصميم البيئي وحفظ الطاقة (LEED) ولن تؤدي هذه التدابير إلى زيادة هوامش الشركات على المدى الطويل فقط، بل إنها ستساهم أيضاً في تعزيز مكانة قطر الدولية كمركز للاستدامة البيئية والإدارة الفعالة للموارد.
الثلاثة الكبار
ومؤخراً صدر تقرير عن شركتي الاستشارات التجارية الدولية «إنترسك» و«فينتشرز أو سايت» أكد أن سوق البناء والتشييد القطري حل ضمن قائمة أكبر وأنشطة ثلاثة أسواق على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، وهو ما يشير إلى الاستقرار الكبير للقطاع العقاري في قطر، وأنه قادر على الاستمرار ومواجهة ظروف الحصار الجائر، خصوصاً أن المشاريع الرئيسية التي تنفذها الحكومة والقطاع الخاص في مختلف المناطق القطرية، ما زالت تدفع بقطاع البناء والتشييد لتحقيق مزيد من النمو، وبحسب التقديرات فإنه من المتوقع أن يحقق قطاع البناء والتشييد القطري معدل نمو سنوي يبلغ 8 في المائة في 2019 في الوقت الذي راكم فيه خلال السنوات الماضية نمواً سنوياً مركباً بنسبة 15 في المائة، وذلك خلال الفترة الممتدة ما بين 2012 إلى 2017.
ونوه التقرير ذاته إلى أن الأداء الحكومي لعب دوراً أساسياً في تحفيز قطاع البناء والتشييد القطري من خلال إطلاق جملة من المبادرات الاقتصادية المحفزة لقطاعاته المحلية، وتحفيزها للانفتاح على الأسواق الخارجية وبناء شراكات عابرة للجغرافيا، في ترجمة مباشرة لرؤية القيادة الرشيدة التي وضعت الاقتصاد القطري في مكانة قوية ومتينة، تدعمها سياسة نقدية حكيمة مكنت قطر من الحفاظ على استقرار العملة الوطنية (الريال القطري)، الأمر الذي يدعم التوقعات بأن يستمر الاقتصاد القطري في مواصلة مسيرة النمو مع استمرار قطر في حفاظها على مركزها الإقليمي والدولي كدولة تتمتع باقتصاد قوي يوفر بيئة استثمارية جاذبة، تحميها قوانين وتشريعات محفزة ومعززة للاستثمارات المنفتحة على العالم.
وأردف التقرير بقوله إن قطر لا تزال رائدة في سوق الإنشاءات والبناء والتشييد في دول مجلس التعاون الخليجي، والتي من المتوقع أن تشهد زيادة في المشاريع خلال عام 2019 في الفترة التي تسبق مونديال 2022، حيث لم تتأثر صناعة البناء في قطر بمجريات الحصار، مستفيدة من الزخم الكبير للإنفاق الحكومي الرأسمالي على المشاريع التنموية الكبرى والاستعدادات لكأس العالم 2022، مما يمثل محفزاً كبيراً للتنويع والاستثمار بكثافة في بناء المرافق الرياضية والنقل والسياحة والبنية التحتية، ومن المتوقع أن تضخ قطر استثمارات في البنية التحتية بقيمة 200 مليار دولار أميركي حتى 2022.
وقال التقرير إنه لا تزال التوقعات بالنسبة لسوق البناء في دول مجلس التعاون الخليجي إيجابية إلى حد كبير، مع نمو مستمر للشباب السكان المحليين والوافدين، والتنويع السريع بعيدا عن النفط ويبدو هذا واضح في دولة قطر فهي من الاقتصادات التي تستثمر في القطاعات الرئيسية مثل الضيافة لتشجيع السياحة، التعليم والسكن بأسعار معقولة، والرعاية الصحية.
ولفت التقرير إلى أن التنمية الاقتصادية السريعة والتغيرات الديموغرافية التي تشهدها قطر بسبب ارتفاع عدد السكان نتج عنه زيادة في الطلب على الوحدات السكنية.
وبحسب التقرير فإن التسارع الاقتصادي هو الإطار الدافع لارتفاع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لقطر من 2.8 في المائة في 2018 إلى نحو 3.1 في المائة في عام 2019، وفقاً لما أكده صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير، بشأن تسارع النمو الاقتصادي القطري في العام الجاري.
copy short url   نسخ
15/04/2019
3370