+ A
A -
كتب- محمد أبوحجر
نظمت جامعة قطر أمس المنتدى الأول للسكان والتنمية المستدامة والذي انطلق تحت شعار (نحو منظورٍ جديدٍ للعلاقة بين السكان والتنمية المستدامة) وذلك بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان، واللجنة الدائمة للسكان، ومؤسسة قطر للعمل الاجتماعي، ومعهد الدوحة الدولي للأسرة، وحضر المُنتدى كُلٌ من: الأستاذة الدكتورة مريم المعاضيد نائب رئيس جامعة قطر للبحث والدراسات العليا، والسيد سلطان الكواري نائب رئيس اللجنة الدائمة للسكان، والسيدة آمال المناعي الرئيس التنفيذي لمؤسسة قطر للعمل الاجتماعي، والدكتورة شريفة العمادي المدير التنفيذي لمعهد الدوحة الدولي للأسرة، إضافة إلى عددٍ كبيرٍ من المهتمين.
وتضمن المنتدى 7 جلسات، وتضمنت كل جلسة 4 أوراق بحثية، بالإضافة إلى مناقشات عامة حول قضايا السكان والتنمية المستدامة، حيث غطت الجلسات مجموعة من المواضيع ذات العلاقة بالسكان والتنمية المستدامة، بما في ذلك: الهجرة الدولية والتغيرات السكانية والصحة الإنجابية والتفاعلات السكانية والبيئية ونتائج شيخوخة السكان والقضايا المتعلقة بالأطفال والشباب والتعليم والقوى العاملة وأثر السياسات السكانية على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مع التركيز على التطورات في أساليب وبيانات قياس الظواهر السكانية وتقييم التقدم نحو تحقيق الأهداف المتعلقة بالصحة والتعليم والبيئة وقوى العمل والتنمية. وهدف المنتدى الأول للسكان والتنمية المستدامة إلى مناقشة علاقة السكان بالتنمية المستدامة في إطار رؤية قطر 2030، واستراتيجية التنمية الوطنية لدولة قطر 2018- 2022، والسياسة السكانية للدولة، وركزت الأهداف الفرعية للمنتدى على التالي: مناقشة وتحليل السياسات الموجهة للأسرة وأثر ذلك على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وضع مقترحات لمواجهة التحديات التي تواجه تركيبة قطر السكانية، الخروج بمجموعة من التوصيات المتعلقة بعلاقة الموارد البشرية بالتنمية المستدامة.
«رؤية قطر الوطنية»
وفي كلمتها، قالت الأستاذة الدكتورة مريم المعاضيد نائب رئيس جامعة قطر للبحث والدراسات العليا: «تشهد دولة قطر تحولات اجتماعية واقتصادية عميقة وشاملة، وهي تتصدّى لتحديات كبيرة على طريق سعيها الحثيث نحو التنمية الشاملة. أتت رؤية قطر الوطنية 2030 لتضع الخطط والبرامج وتوفر الإمكانيات لتحقيق الأهداف الطموحة لهذه الرؤية وعلى رأسها التنمية البشرية التي بدونها لا تتحقق أية تنمية، فهي التي توفّر فرص العلم والصحة والعمل والحياة الكريمة للجميع.
وترتكز التنمية البشرية على سياسة سكانية تضمن التناغم والتوازن بين متطلبات الواقع السكاني وأهداف التنمية المستدامة، مشيرة إلى أن السياسة السكانية الناجحة هي المظلة والطريق إلى المشاريع الناجحة وهي ضمانة النهوض الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للمجتمع». وأضافت: «تبذل كل مؤسسات الدولة والمجتمع جهوداً كبيرة في إدماج السياسة السكانية مع مشاريع التنمية الوطنية التعليمية والصحية والخدمية التي تستهدف جميع الفئات السكانية وبخاصّة قطاعات الأسرة والأمومة والطفولة وجيل الشباب وغيرهم. كما وتعمل الدولة على تنظيم موضوع العمالة الوافدة وضمان مشاركتها الفاعلة في عملية التنمية، مع الحرص الشديد على تعزيز الدور الوطني والحفاظ على ثقافة وهوية المجتمع القطري وترسيخ قيم العدالة وحقوق الإنسان. التنمية المستدامة مسؤولية تضامنية وتشاركية بين مختلف القطاعات العامة والخاصة ومؤسسات المجتمع المدني.
هذه المسؤولية هي في صدارة استراتيجيات جامعة قطر الهادفة إلى التميّز في التعليم والبحث والتطوير المؤسسي والمشاركة المجتمعية. وفي هذا السياق، طوّرت الجامعة برامج وسياسات لتنمية القدرات البشرية الوطنية في التعليم والتدريب، كما عززت ثقافة البحث والابتكار وشجعت التعاون والشراكات والتمويل محليًا وعالميًا، إلى جانب إقامة الوحدات الأكاديميّة والفعاليات ذات العلاقة، وما زلنا ماضين في هذا الطريق.
وقالت المعاضيد: تناقشون في هذا المنتدى واقع السياسة السكانية وتحدياتها الراهنة والمستقبلية وسبل النهوض بالمشاريع السكانية والتنموية بمشاركة باحثين أكفّاء وصنّاع قرار ومؤسسات مشهودٌ لها بالعمل الاجتماعي والتنموي في الداخل والخارج.
تشكّل وقائع هذا المنتدى ومخرجاته إضافة مهمّة ترفد برامج التنمية المستدامة بسواعد سكّان أصحّاء بدنيّاً ونفسيّاً، يبنون صرحَ تقدّمِ ورخاءِ أهل قطر على امتداد الأجيال. لقد حققنا الكثير، وأمامنا أكثر. أملنا كبيرٌ بكم، وفقكم الله ورعاكم.
خطط اللجنة الدائمة للسكان
من جانبه، قال السيد سلطان الكواري نائب رئيس اللجنة الدائمة للسكان: يطيب لي، باسم اللجنة الدائمة للسكان، أن أنقل لكم تحيات سعادة الدكتور صالح بن محمد النابت– رئيس جهاز التخطيط والإحصاء، رئيس اللجنة الدائمة للسكان، وتمنياته بالنجاح والتوفيق للمنتدى الأول للسكان والتنمية المنعقد في رحاب جامعة قطر– الجامعة الوطنية التي تخرج سنويًا آلاف المتخصصين في مختلف فروع المعرفة، يرفدون قطاعات المجتمع كافة بالكوادر المؤهلة لتلبية احتياجات خطط التنمية الطموحة لدولتنا العزيزة، واحتياجات مجتمعنا القطري للمواطنين المخلصين الملتزمين بواجباتهم تجاه وطنهم، والعارفين لحقوقهم التي يحرص الوطن على ضمانها لهم.
وإنه لمن دواعي اعتزاز اللجنة الدائمة للسكان، أنها تعقد شراكات متنوعة مع أبرز المؤسسات الوطنية مثل جامعة قطر، والمؤسسة القطرية للعمل الاجتماعي، ومعهد الدوحة الدولي للأسرة وغيرها. وكذلك مع مؤسسات دولية متميزة مثل صندوق الأمم المتحدة للسكان، الذي تربطنا معه اتفاقية تعاون مشترك منذ عام 2009 وحتى الآن. وأضاف: منذ إنشائها عام 2005، عملت اللجنة الدائمة للسكان على وضع سياسة سكانية تهدف إلى (تحقيق التوازن بين النمو السكاني ومتطلبات التنمية المستدامة، بما يضمن حياة كريمة لسكان دولة قطر، ويرتقي بقدراتهم، ويوسع خياراتهم، ويرفع من مستويات مشاركتهم في تقدم المجتمع القطري ورفعته). وفي أكتوبر 2017 تم إطلاق برنامج عمل السياسة السكانية الجديدة (2017 – 2022) التي تسترشد برؤية قطر الوطنية 2030، وتنسجم مع استراتيجيات التنمية الوطنية، كما تتلاءم مع أهداف خطة التنمية المستدامة 2030 وغاياتها.
ففي محورها الأول (السكان والقوى العاملة) ركزت السياسة السكانية في الغاية الرئيسية على التحكم في النمو السكاني والإصلاح التدريجي لاختلالات التركيبة السكانية، من خلال عدد من الأهداف الفرعية والإجراءات التي تضمن التوجه نحو دعم الاقتصاد القائم على المعرفة بتحديث وسائل الإنتاج، وتشجيع الابتكار، واستقدام ذوي الخبرة والاختصاصيين في اقتصاد المعرفة والاحتفاظ بهم، وحث المؤسسات التعليمية على ابتعاث القطريين للتخصصات المرتبطة باقتصاد المعرفة.
كما دعت إلى الاحتفاظ بالعمالة الموجودة والإفادة منها في مشاريع جديدة، وتسهيل تشغيل أفراد عائلات المقيمين الموجودين في قطر، وفي نفس الوقت التخلص من العمالة الفائضة عن الحاجة، إلى غير ذلك من الإجراءات التي تضمن العمل اللائق لجميع الراغبين في العمل والقادرين عليه.
وفي المحور الثاني (النمو الحضري والإسكان والبيئة)، دعت السياسة السكانية إلى تطوير واستحداث مراكز حضرية بعيدة عن الدوحة الكبرى، وتوفير بيئة عمرانية نظيفة، وضمان استدامة الموارد الطبيعية، مما يعني تشجيع المستثمرين العقاريين والمواطنين على توسيع نطاق المباني الخضراء والعمل على زيادة المسطحات الخضراء والتوسع في زراعة الأشجار وإنشاء الحدائق والمتنزهات وغيرها.
وفي محور (التعليم والتدريب والشباب)، حرصت السياسة السكانية على الارتقاء النوعي بالتعليم والتدريب وتوسيع فرص مشاركة الشباب من الجنسين في المجتمع وفي الحياة العامة.
كما دعت في محور (الصحة العامة والصحة الإنجابية) إلى الارتقاء بالصحة العامة للسكان وتحسين واقع الصحة الإنجابية وتوفير خدماتها بما يتماشى مع زيادة عدد السكان وتوزعهم الجغرافي. وأكدت في محور (المرأة والطفولة) على دعم المشاركة المجتمعية للمرأة، وتوفير الظروف اللازمة لزيادة مشاركتها في قوة العمل مع المحافظة على تماسك الأسرة وضمان بيئة سليمة للأطفال. وفي محور «كبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة» ركزت السياسة السكانية على تعزيز المشاركة الفاعلة لكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة في مختلف الأنشطة المجتمعية، وتمكينهم من الاندماج في المجتمع، والتحسين المتواصل لوسائل رعايتهم.
وقال الكواري: «إن اللجنة الدائمة للسكان، شأنها شأن جميع المؤسسات المعنية بالسكان والتنمية في دولة قطر، تضع العمل على تحقيق أهداف خطة التنمية المستدامة 2030 على رأس أولويات برنامج عملها، لما فيه صالح جميع سكان الدولة، والارتقاء بمستويات معيشتهم وصحتهم وتعليمهم ورفاهيتهم.
الأسرة اهم عوامل بناء المجتمع
وقالت الدكتورة شريفة العمادي، المدير التنفيذي لمعهد الدوحة الدولي للأسرة: يطيبُ لي أن أشارك في المنتدى الأول للسكان والتنمية المستدامة والذي ينظمه كُلٌ من معهد الدوحة الدولي للأسرة عضو مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، واللجنة الدائمة للسكان، وجامعة قطر، وقطر للعمل الاجتماعي؛ حول مناقشة علاقة السكان بالتنمية المستدامة في إطار رؤية قطر 2030 واستراتيجية التنمية الوطنية لدولة قطر 2018-2022 والسياسة السكانية للدولة.
إنَّ الأسرة هي ملاذنا الآمن، فهي بمثابة القلب في الجسد، وإن أهم عوامل بناء الفرد داخل هذه الخلية الاجتماعية يتمثَّل بتعزيز شعوره بالانتماء إلى الأسرة وتقوية ارتباطه بها، وهذا ما يرفع من ثقته بنفسه ويُعمِّق من تقبّلِه لأسرته ويُرسِّخ التقدير المتبادل بين أفراد الأسرة الأمر الذي يُحقِّق مكانة اجتماعية راقية للأسرة والأفراد على حدٍ سواء ومنه نحو تمتين وحدة البناء الأسري داخل المجتمع ودعم تماسكها نحو مجتمع سليم ومُعافى.
ولقد حظيت الأسرة في مختلف المجتمعات البشرية وعلى مر التاريخ بالعناية والرعاية وقد أكدت هذه الأهمية جميع الشرائع السماوية والقيم الإنسانية والقوانين والمواثيق الدولية، حيث جاءت تشريعات الإسلام كلها لتنظيم الأسرة وحمايتها من التفكك، ومن ذلك أحكام الزواج والطلاق وحُقوق الآباء والأمهات وغيرها كثير، وكلها تدل على تلك المكانة التي أولاها الإسلام للأسرة، لأنها مكان نشوء الأجيال وعلى قدر ما تكون الأسرة يكون مستقبل الأمة.
وبدورها قالت الأستاذة آمال المناعي الرئيس التنفيذي لمؤسسة قطر للعمل الاجتماعي: يُشرِّفني أن أشارككم اليوم في افتتاح أعمال المنتدى الأول للسكان والتنمية المستدامة والذي يتناول استعراض تحليلات لقضايا ديموغرافية اجتماعية اقتصادية صحية وثقافية ذات الصلة المباشرة وغير المباشرة مع البنية السكانية والأسرية واتجاهاتها.
وذلك في سياق التنمية المستدامة.
وبهذا الكم الواسع والعريض من المواضيع الشائكة والمتقاطعة التي قام بتحليلها ودراستها نخبة من المتخصصين في ميادين بحثية متنوعة، يُمكنننا القول أن المنتدى الأول للسكان والتنمية المستدامة هو بلا شك يحمل بشائر النجاح ومؤشرٌ يحوي إلى أن مستقبل عملنا المشترك سيكون واعدًا ومستدامًا.
ومن هنا لا بد من أن نُقر بأن نجاح هذا المنتدى وبالمستوى الذي نشاهده مرهون بكفاءة وحماس اللجنة التيسيرية والباحثين والشركاء الاستراتيجيين (اللجنة الدائمة للسكان، جامعة قطر، معهد الدراسات الأسرية، المؤسسة القطرية للعمل الاجتماعي، والمراكز المنضوية تحت مظلتها، وصندوق الأمم المتحدة للسكان)، وبمساهمتهم المتعاظمة، وباستعدادهم التام لإنفاذ هذا المنتدى السنوي الذي هو بلا شك؛ نشاطٌ علمي يُحسب ضمن أنشطة المتابعة والاستعراض للتقدُّم المُحرَز في تحقيق الأهداف والغايات خلال السنوات الإحدى عشرة المقبلة وهي السنوات المتبقية حتى عام 2030.
copy short url   نسخ
15/04/2019
3459