+ A
A -
كتب- يوسف بوزية
لم تعد تربية الحيوانات المفترسة، قانونية في دولة قطر، بعد إقرار مشروع قانون يُحظر بموجبه اقتناء الحيوانات والكائنات الخطرة أو استيرادها أو تصديرها أو الاتجار فيها إلا بترخيص من الإدارة المختصة، كما يُحظر اصطحاب أو التجول أو التنزه بأي من الحيوانات والكائنات الخطرة في الأماكن العامة، تحت طائلة عقوبات مشددة، تتراوح بين الحبس 3 سنوات والغرامة 100 ألف ريال.
جاء مشروع القانون استجابة للحد من الظاهرة بعد انتشار فكرة تربية الحيوانات، حيث تعدت مسألة تربية الحيوانات الأليفة لدى البعض، إلى حد اقتناء الحيوانات المفترسة في بيوتهم، والخروج بها إلى الأماكن العامة، أو استعراضها في مواقع التواصل..
ولا تشمل القرارات التي تصدر ضد تربية الحيوانات المفترسة أنواعا معينة منها فحسب، بل تمنع تربية كل الحيوانات البرية آكلة اللحوم، والقردة بأنواعها، وأي حيوانات تشكل رعباً أو ضرراً على الإنسان، بالإضافة إلى الزواحف، مثل الأفاعي، والتماسيح، وغيرها.
وقال السيد محمد مهدي الأحبابي، عضو مجلس الشورى، إن مشروع قانون بتنظيم اقتناء الحيوانات والكائنات الخطرة الذي ناقشه مجلس الشورى جاء ليعالج ثغرات تشريعية كبيرة كانت موجودة فيما يتعلق بحيازة وشراء الحيوانات المفترسة، حيث كان يوجد فراغ كبير في هذا الشأن في حين أن عددا كبيرا من المواطنين لديهم حيوانات مفترسة تسببت في بعض الإشكاليات غير القانونية.
وأضاف: وبناء عليه تدارست اللجنة المعنية هذا المشروع وخرجت بتوصيات جانبية مفادها التشديد في منح التراخيص بل التصعيد لدرجة عدم منحها، والتوصية الثانية تتمثل في تصنيف وترقيم الحيوانات المفترسة في حالة هروب بعضها من منزل مالكها وحدوث أي إشكالية بعد ذلك.
وأشار الأحبابي الى أن سعادة وزير البلدية والبيئة عند مناقشته بالقانون والتوصيات المقترحة بين أن القانون يهدف إلى معالجة الإشكاليات القائمة الآن وفي المستقبل حيث تكاد تكون التصاريح لاستيرادها معدومة، لافتا إلى أن مشروع القانون أعطى الوزير 6 أشهر لتطبيق التشريعات وقيام بعض المالكين لهذه الأنواع بتعديل وضعهم القانوني.
الثراء والتقليد
ومن جانبها قالت الدكتورة بتول خليفة، أستاذة الصحة النفسية المشارك بجامعة قطر، ان اقتناء الحيوانات والاهتمام الزائد بها يمثل نوعاً من الميلان القلبي والمشاعر الزائدة والعاطفة الحميمية، أو تكون مجرد الهواية مثل الرياضة والرسم والكتابة، كما أنها عند أسر أخرى نوع من التسلية يرتبط ارتباطا وثيقا في بعض الأحيان بالوضع الاقتصادي المرتفع.. مؤكدة أن التفاخر والخروج عن المألوف له دور كبير في هذه التصرفات إضافة إلى انعكاس داخلي لعدم الثقة بالنفس. مشيرة إلى أن هذه الأفعال تكون مثارا للسخرية من المحيطين به لأن كثيرا من الأسر ولو كانت ثرية تعتبرها نوعا من الإسراف في الإنفاق.
وقالت ان الفراغ وتقليد بعض المظاهر في الأفلام والمسلسلات الأجنبية هما الدافع للاهتمام الزائد بتربية الحيوانات فالإنسان كائن اجتماعي بطبعه ولا يمكن معرفة الإنسان إلا من خلال معرفة سلوكياته وتفاعله مع الآخرين «فرح- حزن- كرم- بخل- عطاء.... إلى غير ذلك» ونصحت بتربية الحيوانات «الأليفة» في البيوت والعطف عليها وإلزام الأطفال برعايتها لأن مثل هذه الأمور تكسبهم الخبرات الحياتية والمسؤولية والمعلومات العامة عن الكائنات الأخرى لكن مع عدم المبالغة في التصرفات معها ووضع حدود للعلاقة بينهم وبين ما يربونه فهذه العلاقة تكسب الأبناء صفات الرحمة وتقربهم من أمة الحيوان وشروط التربية الصحيحة مع التأكيد على العقلانية وعدم المبالغة في التعامل مع الحيوان.
عناية خاصة
وقال أنس الغزاوي إنه يستهجن فكرة اقتناء الحيوانات البرية في المنزل، بما فيها الكلاب إلا لغرض الحراسة مثلا.. أما الحيوانات الأليفة كالقطط والقرود فهو لا يسمح من حيث المبدأ حتى بدخولها البيت لحاجتها الدائمة إلى عناية خاصة، هذا بخلاف الأصوات التي تصدرها في الليل والنهار وما ينتج عنها من إزعاج وأمراض.. مؤكدا أن صدور قانون جديد يلزم الجميع بالتقيد بما ينص عليه، من شأنه أن يعمل على تنظيم هذه الهواية التي انتشرت بكثرة كما أن بعض الهواة ممن يقتنونها لا يشرفون عليها بالشكل المطلوب ويضعونها في المنازل في أماكن غير مناسبة لتربية وعيش هذه الأنواع من الحيوانات التي تتطلب تربيتها ضمان المكان ووضعها بأقفاص محكمة الإغلاق لضمان عدم تعرض سلامة الآخرين للخطر.. مؤكدا أن هذا القانون سوف يقضي على الفوضى والعشوائية التي سادت هواية تربية الحيوانات الخطرة في المنازل.
مكان منفصل
وقال فضيلة الداعية أحمد البوعينين إن الأصل في الإسلام هو الإباحة خاصة إذا تحققت الاستفادة من الحيوان كالطعام من الطيور والدواجن والحلال والإبل والأبقار وما أحل الله لحومها ودماءها أو للركوب كالخيل والبغال والحمير أو التي تأتي بفائدة كالكلاب للحراسة والصيد أما ما دون هاتين الوظيفتين فالإسلام له مآخذ فالكلاب صغيرة الحجم والقردة التي لا فائدة ترجى منها والحيوانات المفترسة التي قد تضر بالإنسان ففيها نظر فعن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أنه قال «إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب ولا صورة» وعنه أنه قال «إذا ولج الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعا إحداهن بالتراب».
وقال البوعينين إن الحيوانات أصبحت الآن هوايات وتجارة وبها فوائد كثيرة لكن شريطة ألا تشغلنا عن ديننا أو مصالحنا وأشغالنا ولا تضر بمربيها لأن القاعدة الشرعية تقول «لا ضرر ولا ضرار».. وعن المشاركة بهذه الحيوانات في سباقات أو مسابقات قال البوعينين هذه الأمور مباحة وهي مهن وصناعات عند كثير من الناس لكن شريطة أن يكون الأمر باعتدال وتوازن فلا إفراط ولا تفريط مؤكدا أن الصحابة كانوا يهتمون بالحيوانات فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم عن القطط «هي من الطوافين عليكم والطوافات» وكان أبو هريرة رضي الله عنه يحمل معه قطة صغيرة ولم ينهه الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك.. مع ضرورة ان يتبع كل إنسان ضوابط التربية فرغم أن الإسلام أجاز حبس الحيوانات إلا أنه راعى عدم إهمالها أو الاهتمام والاعتناء بها فقد دخلت امرأة النار في قطة حبستها لا هي أطعمتها ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض وكذلك دخل رجل الجنة في كلب سقاه من عطش وشدد البوعينين على ضرورة التفريق بين كل نوع وآخر واستقلال كل حيوان في المسكن والمأكل والمشرب وأن تكون في مكان منفصل عن البيت وأن يهتم صاحبه بالتطعيمات والتحصينات التي تحفظ صحة الحيوان وأهل البيت.
تقنين الهواية
وكان مجلس الشورى قد وافق منذ أسابيع قليلة على مشروع قانون بتنظيم اقتناء الحيوانات والكائنات الخطرة، والذي يُحظر بموجبه اقتناء أي من الحيوانات والكائنات الخطرة أو استيرادها أو تصديرها أو الاتجار فيها إلا بترخيص من الإدارة المختصة، كما يُحظر اصطحاب أو التجول أو التنزه بأي من الحيوانات والكائنات الخطرة في الأماكن العامة، وقرر إحالة توصياته بشأنه إلى الحكومة الموقرة.
ويهدف القانون الجديد، إلى تنظيم امتلاك وحيازة وتداول وإكثار الحيوانات الخطرة، وحماية الإنسان من أذاها، وانتقال أمراضها، وضمان حصول تلك الحيوانات على الرعاية الجيدة، كما يتضمن عقوبات صارمة بحق المخالفين من مقتني الحيوانات الخطرة.
copy short url   نسخ
23/02/2019
9122