+ A
A -
نشرت صحيفة «النيويورك تايمز» الأميركية، واحداً من أقوى ما كتبته عن قضية مقتل خاشقجي والتي اعتبرت فيه أن القضية لن تمر أبداً على خير، وأن دماء الرجل صارت في رقبة أميركا، ويجب على العالم القصاص من قاتلي الرجل ووقف القمع الممنهج الذي ترتكبه الرياض، وعدم إتاحة الفرصة أبداً ليستمر الرئيس الأميركي دونالد ترامب في التغطية على الديكتاتوريين بعد اليوم.
قالت صحيفة «النيويورك تايمز» الأميركية، إنه من الواضح أن الوريث المحتمل للعرش السعودي وأصدقاءه في البيت الأبيض قد حسبوا أن الاحتجاج على القتل الوحشي للصحفي السعودي جمال خاشقجي سيموت مع الوقت، وأن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان سيكون حرًا في الاستمرار على طريقه الاستبدادي وقمع منتقديه ومعارضيه، والإفلات من العقاب، لكنهم جميعهم مخطئون.
فها قد مرت أكثر من أربعة أشهر منذ قتل خاشقجي وتقطيع جثته في القنصلية السعودية في اسطنبول، لكن الدعوى الصلفة الكاذبة التي ترويها الحكومة السعودية لحماية الأمير - بما في ذلك محاولة تثبيت القتل على 11 من السعوديين المجهولين لم تمر على الأذهان. ويقال إن خمسة منهم يواجهون الإعدام، والحجة الساخرة التي أطلقها الرئيس الأميركي ترامب أن السخاء السعودي أكثر أهمية من العدالة.
الأحدث يأتي من وكالات الاستخبارات الأميركية، ومحققة في الأمم المتحدة وائتلاف من المنظمات غير الحكومية، التي تحاصر جميعاً بن سلمان وتضغط على ترامب الانتهازي، والتي تقول جميعها إن كل الثروة النفطية والأصدقاء الأقوياء لن يغسلوا دماء قتل الصحفي خاشقجي وغيره من الصحفيين.
وقال تقرير نشر في صحيفة التايمز البريطانية إن وكالة الأمن القومي ووكالات تجسس أميركية أخرى كشفت عن محادثة تم اعتراضها، يخبر فيها الأمير محمد أحد كبار مساعديه قبل أكثر من عام بأهمية مقتل خاشقجي وأنه يجب استعادته فإذا لم يتم ذلك فقتله ربما أفضل. وبحسب المحادثات فإن فحواها إنه يجب إعادة خاشقجي بالقوة، وإذا لم ينجح ذلك، فإنه سيلاحق «برصاصة».
وسواء كان الأمير محمد يعني ذلك بالمعنى الحرفي أو المجازي، فإن المقولة تكشف عن مستبد شاب طموح لا يعرف الرحمة، لدرجة أن أحد المطلعين من الداخل لم يجرؤ على انتقاده لأنه يسعى إلى فرض إرادته على المملكة، بما في ذلك قمع كل من يجرؤ على التعبير عن رأيه. لقد عبر خاشقجي في عموده الأول في صحيفة واشنطن بوست وكتب: «لقد تركت بيتي وعائلتي وعملي لأرفع صوتي. أن تفعل ذلك، خير من تخون أولئك الذين يقبعون في السجن». وأضاف «نحن السعوديون نستحق أفضل من ذلك».
على الرغم من الجهود التي يبذلها ترامب لتقويض الادعاءات ضد الأمير محمد، الذي كان قد أقام علاقة وثيقة معه وصهره وكبير مستشاريه جاريد كوشنير، فإن تقييم وكالة الاستخبارات المركزية خلص إلى أن ولي العهد كان على علم بقتل خاشقجي.
في الأمم المتحدة، ذكرت المقررة الخاصة المعنية بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء، أغنيس كالامار، أن النتائج الأولية التي توصلت إليها «تظهر بجلاء أن خاشقجي كان ضحية لقتل وحشي مع سبق الإصرار والتخطيط المرتكب من قبل المسؤولين في الدولة السعودية. وعلى الرغم من أن ذلك يؤكد بشكل أساسي ما هو مقبول على نطاق واسع، فإنه لن يكون سهلا التحقيق المستقل الذي تجريه الأمم المتحدة تحت إشراف خبير محترم في مجال حقوق الإنسان (السيدة كالامار، من فرنسا، هي أيضاً مديرة مشروع حرية التعبير في جامعة كولومبيا)،. ويضم فريقها محاميًا بريطانيًا وخبيرًا جنائيًا برتغاليًا.
وفي غضون ذلك أصدر ائتلاف من منظمات غير حكومية بارزة بيانا مشتركا اتهم فيه الحكومة السعودية بمواصلة اضطهاد المعارضين والنشطاء والصحفيين ورجال الدين المستقلين. كما اتهمت مجموعة «لجنة حماية الصحفيين» و«هيومان رايتس فيرست» و«هيومن رايتس ووتش» و«مبادرة المجتمع المفتوح للعدالة» و«بين أميركا» و«مراسلون بلا حدود»إدارة ترامب بـ «التستر نيابةً عن الحكومة السعودية»، وتقديم خدعة محاكمة 11 سعوديًا متهمين بقتل خاشقجي بدل القاتل الحقيقي.
وختمت النيويورك تايمز الأميركية، التي فتحت النار بلا هوداة على ترامب وبن سلمان، بأنه يجب أن يستمر الضغط، ويجب أن يواصل الكونغرس المطالبة بالكشف الكامل عن تحقيقات وكالة المخابرات الأميركية المركزية C.I.A. والسجلات المتعلقة بإعدام خاشقجي، مع هويات جميع المسؤولين عن الحادثة، كما ينبغي أن يحظى تحقيق المقررة الخاصة للأمم المتحدة بالدعم الكامل من الحكومات التركية والسعودية والأميركية وغيرها. وعلى جميع الذين يعارضون ماتعرض له خاشقجي وغيره أن يطالبوا السعودية بوقف قمع السعوديين.
copy short url   نسخ
18/02/2019
828