+ A
A -
ماذا تعني زيارة مسؤولة الأمم المتحدة «أجنيس كالامار» المعنية بحالات القتل خارج نطاق القضاء، إلى تركيا قبل أيام، للتحقيق في قضية الصحفي السعودي جمال خاشقجي، بعد ما يقرب من 4 أشهر على مقتله داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، وماهو المأمول من الزيارة التحقيقية، وماذا يعني زيادة التنسيق بين نظام الرياض وتل أبيب؟، كلها تساؤلات حاولت صحيفة «إندبندنت» البريطانية الإجابة عنها.
من المقرر أن زيارة كالامار لتركيا، كانت لجمع معلومات حول مقتل خاشقجي، قبل اجتماع لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في يونيو المقبل، وتأتي الزيارة في أعقاب جهود سعودية لتطبيع العلاقات مع المجتمع الدولي الذي شكك في مصداقية تحقيق الرياض في مقتل خاشقجي.
وتصر السعودية على أن وفاة خاشقجي، المواطن السعودي منتقد لولي العهد محمد بن سلمان، كانت نتيجة «عملية مارقة» وقدمت السلطات 11 متهما للمحاكمة بتهمة قتل خاشقجي، لكن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يصر على أن الأمر بقتل خاشقجي جاء من أعلى مستويات الحكومة السعودية، ودعا وزير الخارجية التركي مولوود تشاووش أوغلو إلى إجراء تحقيق دولي، مشيرا إلى أن أردوغان أمر بالتحضير لتحقيق هذه الغاية.
وفي هذا السياق قالت الإندبندنت، إنه من المشجع أن نسمع أن أغنيس كالامار، ستقود «تحقيق دولي مستقل»، وان يأتي هذا متأخراً أفضل من أن ألا يأتي أبداً، في ظل حالة من التخبط الأممي الواضح.
وبعد أربعة أشهر من ذبح خاشقجي، تطلب المسؤولة الأممية من السلطات السعودية أن تحترم نفسها، وأن تمنحها فرصة للوصول إلى مسرح الجريمة التي شهدت خنق وتقطيع ودفن سري لأجزاء الرجل.
وبالطبع، يمكننا أن نقول ان جريمة خاشقجي قد جذبت المزيد من الاهتمام في الغرب واحتلت جدول أعماله لفترة أطول من المتوقع، ومع ذلك، عندما تتدخل الأموال والنفط السعودي، فإن هذا الموضوع قد يضعف بأفعال مثل إرسال مقرر وإنشاء لجنة، تهدف جميعها إلى قتل الوقت، وإضعاف الرغبة في تقديم قتلة خاشقجي لمحاكمة حقيقية، لكن هذا لا يعني إن العالم لن يتخذ إجراءات ضد سلطات السعودية، فالمفوضية الأوروبية أضافت السعودية إلى قائمة الدول التي تشكل تهديدًا للاتحاد الأوروبي بسبب موقفها في تمويل الإرهاب وغسيل الأموال، وبعبارة أخرى، يتم الآن إضافة الرياض إلى قائمة دول مثل كوريا الشمالية والعراق وإيران واليمن وسوريا وأفغانستان، وهو ما يعني فقدان كبير للسمعة، وسيجعل العلاقات المالية مع الاتحاد الأوروبي صعبة، وهو ما يعني مشاكل اقتصادية.
لذا، فإن النقطة الجيدة التي وصلت إليها قضية قتل خاشقجي، لايجب أن تعمي العالم أو توقفه عن حالات القتل الكثيرة التي ترتكب ضد الصحفيين في السعودية وفي دولة الاحتلال الإسرائيلي فمحاسبة النظام السعودي غير المباشرة يجب أن تنتقل لنظم أخرى، والحديث هنا عن مصير الصحفي الفلسطيني «ياسر مرتجى»، حتى مع التوقعات أن تظهر نتائج تحقيق المسؤولة الأممية إدانة للنظام السعودي بشكل محدد وهو ماسيجر إدانة دولية، وعزل لسلطات الرياض، دون أن يكون هناك محاكمة للقتلة الفعليين.
والمسألة الأولى بخصوص ياسر مرتجى إنه قد قتل في غزة، والثانية هو أنه واحد من 15 مراسلا وطاقم تصوير، وفقا للجنة حماية الصحفيين، قتلوا بنيران إسرائيلية منذ عام 1992، اثنان منهم في العام الماضي.
لقد أصبح إطلاق النار على المراسلين في غزة روتينياً حيث أصيب أربعة آخرون بالرصاص الإسرائيلي بين مايو وسبتمبر 2018 لدرجة أن الصحف الغربية والتليفزيون لم يكلفوا أنفسهم عناء تسجيل معاناتهم.
ومثلما حاول السعوديون التقليل من شأن مقتل خاشقجي بالإدعاء على إنه صلة مع «الإرهاب»، ويعنون بذلك جماعة الإخوان المسلمين، تحدثت إسرائيل عن صلات الصحفي ياسر مرتجى القتيل بغزة وعلاقته بـ«الإرهاب» قاصدة حركة حماس، وهو ما يشير إلى وحدة فكرية مشتركة في تلفيق التهم، وكاشفة عن حجم التنسيق القائم بين كيان الاحتلال والسلطات السعودية، التي صار القمع أسلوبها الأمثل في التعامل مع كل المعارضين.
ولفتت الصحيفة إلى إن مرتجى كان يرتدي سترة واقية من الرصاص تحمل علامة «صحافة» عندما تم إطلاق الرصاص عليه في 6 أبريل 2018، على بعد 300 قدم من الحدود بين غزة وإسرائيل خلال «مسيرات العودة الكبرى» التي ينظمها الفلسطينيون أسبوعياً، وكان قد قُتل تسعة فلسطينيين آخرين في نفس اليوم، وأصيب 491 بجراح مختلفة، لكن الإعلام العالمي في ذلك الوقت لم يرصد القضية إلا في إطار الإدانة المستحية، ولم تثر ضجة كبرى كما ثارت من أجل خاشقجي.
وكان مرتجى يصور المشهد المشتعل وعندها قرر قناص قتله تحت الذراع حيث توجد فجوة قاتلة في جميع السترات الواقية من الرصاص ليسقط شهيدًا، بعدما مثل الرجل حالة فريدة لإظهار الحقائق، ورغم إنه كان من أشهر صحفيي فلسطين، فلم يكترث العالم لمقتله ويدين القاتل الإسرائيلي.
وانتهت الصحيفة فيما يخص حقيقة أيدلوجية الصحفيين، إلى نفيها انتماء أي من الرجلين إلى أي كيان أو منظمة، وإنهما كانا مستقلان وعملا دوماً في هذا الإطار، كما إن النتائج التي تصاحب مثل هذه الحالات، من قتل للصحفيين، لن تسفر عن شيء كبير نظراً لأن «التحقيق» في ظل وجود أنظمة قمعية عربية تنسق مع الاحتلال يعني دائماً وجود تشويش على الحقائق، تساهم في عدم وصول الجناة الحقيقيين لمقصلة العدالة، بوصول الأطراف الحقيقيين للعدالة في قضية قتل خاشقجي، أو المتورطين من الاحتلال في قضية الصحفي ياسر مرتجى، في ظل إدارة أميركية حالية توفر دعماً لهذين النظامين.
copy short url   نسخ
18/02/2019
870